وهم الأمر الواقع

علي ضياء الدين

كثيرون من عشاق الكسل والاستسلام وأفلام التسلية وعروض الأزياء يتحدثون حديث العليم الخبير عن ضرورة تفهم (الأمر الواقع). يقولون أن عدونا أقوى منا عدة وعدداً ومؤازرين وناصرين وضاربي دفوف ونافخي أبواق فلا بد من مداهنته والتعايش معه. هؤلاء لا يعرفون أن العدو يحتقرهم مهما قدموا من تنازلات ومداهنات واستجابات لـهذا (الأمر الواقع) ومهما استقبلوه بالورد والعنبر. في رأي هؤلاء وهو رأي فاسد أن العدو الصهيوني أقوى منا نحن العرب ومن كل العالم وأشد فتكاً وان مشاركيه وناصريه وداعميه كثيرون لو وضعتهم بالميزان مقابل الرافضين له ولهيمنته  لكان له في المحصلة الأخيرة الثقل الأكبر من حيث المال والسلاح والاعلام مما يسمح له بفرض سيطرته رغم انف من يقول لا.

الآلات جهنمية

وانطلاقاً من هذا المنطق الانهزامي يتوجب على العرب القبول بهيمنته عليهم فإن لم يفعلوا أهلكهم وأماتهم ونزل بهم قتلا وتدميراً. لكن هذه الرؤية غير صحيحة بالمرة. فالعدو ليس أقوى من العرب الا لأنهم ارتضوا أن يكونوا أضعف منه. ذلك منطق مشوه وكسيح والقائل به أعمى البصيرة ومنهزم حتى قبل أن يقاتل وليس بإمكانه رؤية خطر هذا العدو المحدق به حتى لو قبل بالعيش المسالم معه. لكن مما يدعو الى الأسف أن يجد هذا المنطق من يدعمه من بين بعض الجماعات المحلية التي وقعت تحت تأثير عمل مدروس ومتواصل أستغرق عقوداً من الزمن استهدف استنزاف العرب من مصادر قوتهم وقد توافرت عليه الآلات الجهنمية العملاقة لوسائل الاعلام ومراكز البحوث العالمية والقوى الاقتصادية المتنفذة  مع استسلام أعمى من قطاعات وازنة من النخب السياسية والثقافية المحلية تردد ببغاوية عجيبة ما تبثه وسائل العدو وتسوق رواياته الكاذبة.

ان الرضوخ الى ما يسمى بالأمر الواقع لن يجعل القائلين به في منأى عن الخطر الذي سيطالهم في يوم ما ويأتي على ما تبقى لهم من وطنية أن كان قد بقي شيء منها فعلاً. العدو صريح وواضح ولم يخف نواياه يوماً وهو يقول بكل ثقة أنه لن يرضى بأقل من أن تكون المنــــــــــــــــطقة ساحة لـــــــــــــجغرافية دينية متخيلة ملفــــــــــــقة ومن ان تكون شعوبها أتباعاً له من الدرجة الدنيا من المخلوقات: أغيار وأنجاس وخنازير.