الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حفلة في الهواء الطلق

بواسطة azzaman

حفلة في الهواء الطلق

محسن التميمي

 

مرَّ موكب المسؤول الحكومي بعددٍ كبيرٍ من السيارات السوداء المضللة من أمام مكان تجمع العمال "المسطر" في ساحة التحرير بالباب الشرقي".

المسؤول ربما كان يروم  الذهاب إلى دوامه في وزارة ما، وعمال المسطر كانوا ينتظرون من ينادي عليهم وربما لم يجدوا عملاً في ذلك اليوم !

الكافرون (عفواً) الكادحون بتلك اللحظة كانوا يتحدثون مع بعضهم ربما كانوا (يخططون) بسرية تامة   لجمع ألف دينار من كل شخص منهم لشراء (لفات فلافل) بتلك اللحظة أيضاً ترجلت مجموعة من حراس المسؤول وهم يحملون أسلحة خفيفة ومتوسطة وصوبوها نحو صدور عمال المسطر: قفوا مكانكم !

أحد العمال فتش جيوبه كلها  فلم يجد أكثر من أربعة آلاف دينار وربع دينار ممزقاً بسبب أن عامل المسطر (الكافر ابن الكافر) أخرجه من جيبه وأعاده أكثر من عشرين مرة لأنه حاول، مجرد محاولة التفكير لشراء قنينة ماء وربما ماء غير صالح للشرب ولكن لم يعطه (قلبه) أن يشتري قنينة ماء واحدة وبسعر(ربع دينار فقط ) وقطته ما زلت جائعة، هو كان خائفاً من أن يكون شراء قنينة الماء نوعاً من الترف أو يصنّف من أبوب الحرام والعيب والممنوع !

في هذه الأثناء كان الازدحام شديداً وأمر معيب ومخجل أن يبقى المسؤول الحكومي ينتظر حاله حال أي (مواطن كافر) لذلك كان لابد من أخذ الحيطة والحذر والانتباه (لئلا) يقفز أحد عمال المسطر ويشير  بسبابته إلى جماعته الذين كانوا ينتظرون رزقهم: هيا نهجم على سيارات المسؤول، الحراس كانوا يعتقدون إن الأمر كان كذلك، لذلك ترجلوا من سياراتهم المصفحة وأشهروا أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة صوب صدور عمال المسطر وصاحوا بغضب وعصبية: ارفعوا أيديكم وأرجلكم! وانبطحوا أرضاً وسلموا لنا ما بحوزتكم من (أسلحة).

الكادحون الكافرون عمال المسطر، وضعوا أيديهم في جيوبهم بدلاً من رفعها وأبقوا أرجلهم مثبتة في الأرض إلى أن برز العامل الذي حاول بجهد جهيد شراء قنينة الماء ولكنه لم يشترها، دس يده في جيبه وأخرج تلك الأربعة آلاف دينار وربع الدينار الممزق وراح يبحث عن المسؤول فلم يجده!

ناس كانوا هناك (شهود عيان) ينظرون للمشهد قالوا إن السيد المسؤول كان موجوداً بدليل إنه ترجل من سيارة (تكسي)  صفراء فاقع لونها تسر الناظرين وذهب على وجه السرعة صوب (بالات الباب الشرقي) ليبتاع ملابس وأحذية وقماصل جلد بسبب أن الشتاء على الأبواب (المغلقة) يبتاع أيضاً بناطيل جنز (ممزقة) من مكان الركبة تماشياً مع المودة ثم يذهب على وجه السرعة أيضاً للسلام على الجمهور الذي كان ينتظره ويهتف باسمه وانجازاته (العظيمة) هلة بيك هلة وبجيتك هلة إلنه يبا الكأس واسمنا يلوك إله!

الكادحون عمال المسطر اللعنة عليهم أجمعين كانوا يضعون أيديهم فوق بطونهم والقسم الآخر منهم يضعون أيديهم في جيوبهم، أحد عمال المسطر هو لعين أيضاً تذكر على الفور ما تحدّث به أحدهم يوم ضربت البلاد أزمة مالية حادة إن لم نقل أكثر حدة من السكين، كلوا وأشبعوا من مالكم ولكن هيهات أن نسمح لكم بشراء التمر الهندي لأنه من المحرمات وبالكم وإياكم شرب عصير البطيخ بسبب أنه يجبركم على التبول ليلاً !

تلك الخطبة الرنانة لاقت رواجاً كبيراً من رواد المسرح الروماني !

الكهرباء ما زلت موجودة في الباب الشرقي ومن يقول عكس ذلك فهو ضال، أما من يقول انها منتهية الصلاحية فهو كافر وضال وضد الورد الجوري جملاً وتفصيلاً!


مشاهدات 48
الكاتب محسن التميمي
أضيف 2025/10/01 - 3:40 PM
آخر تحديث 2025/10/02 - 1:12 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 44 الشهر 766 الكلي 12040621
الوقت الآن
الخميس 2025/10/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير