الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المرشحون لا يعرفون دورهم.. أزمة تمثيل حقيقية في البرلمان

بواسطة azzaman

المرشحون لا يعرفون دورهم.. أزمة تمثيل حقيقية في البرلمان

نوفل مؤيد الحياني

 

الانتخابات النيابية على الابواب وفي كل دورة انتخابية يشهدها العراق، تتكرر ظاهرة أصبحت مع مرور الوقت سبباً مباشراً في فشل العمل النيابي وتدهور ثقة المواطنين بالمؤسسة التشريعية، وهي ظاهرة ترشيح أشخاص لمقاعد مجلس النواب استناداً إلى انتمائهم العشائري أو وجاهتهم الاجتماعية، دون امتلاكهم أدنى مقومات الكفاءة أو الفهم السياسي والدستوري الذي يفترض توفره في أي شخص يطمح لعضوية أعلى سلطة تشريعية ورقابية في البلاد ، لقد تحوّل الترشح للبرلمان، في نظر الكثيرين، إلى فرصة للشهرة الشخصية أو تعزيز المكانة داخل العشيرة أو المجتمع المحلي، لا إلى مسؤولية وطنية ودستورية ثقيلة، الأمر الذي أدى إلى إفراغ منصب النائب من محتواه، وجعل قبة البرلمان تعج بأسماء لا تحمل مشروعاً سياسياً، ولا تملك تصوراً عن الدور الحقيقي للنائب.

طبيعة العمل النيابي

تشير الملاحظات العامة من واقع الانتخابات العراقية إلى أن ما لا يقل عن 80 بالمئة من المرشحين لا يعرفون على وجه الدقة طبيعة العمل النيابي، ويعتقدون أن وظيفة النائب تقتصر على تقديم الخدمات المحلية، (كتعيين الأقارب أو تعبيد الطرق أو توزيع المنح أو نصب المحولات الكهربائية) ، في حين أن العمل النيابي أساساً يقوم على التشريع والرقابة ومحاسبة السلطة التنفيذية، وهي مهام تتطلب وعي قانوني وإلمام بالأطر الدستورية وآليات اتخاذ القرار.

وما يفاقم الأزمة، أن العديد من هؤلاء المرشحين يصلون إلى البرلمان بفضل أصوات العشيرة أو المنطقة، لا بفضل برامجهم أو مؤهلاتهم، ليغيبوا بعدها عن المشهد السياسي تماماً ، بل إن الواقع يكشف أن المواطن العراقي، حتى المهتم بالشأن العام، لا يعرف أسماء ثلث أعضاء البرلمان المكون من 329 نائباً، لأنهم مجرد أسماء في القوائم، بلا أي دور يُذكر أو حضور فاعل في الجلسات أو اللجان أو الإعلام بل من الممكن معرفة فقط رؤساء الكتل هؤلاء النواب غالباً ما يتحوّلون إلى أصوات صامتة، لا تُناقش، لا تُشرّع، ولا تُراقب، ويتحول المقعد النيابي في كثير من الأحيان إلى منصّة لتصفية الحسابات العائلية أو تعزيز النفوذ العشائري، أو حتى وسيلة للبحث عن امتيازات شخصية، دون أدنى اهتمام بالملف التشريعي أو الرقابي الذي يشكّل جوهر النظام النيابي في العراق. أما المواطن، فقد أصبح ضحية هذا النمط من التمثيل، إذ لا يجد نائب يدافع عنه بفعالية في قضايا الدولة الكبرى، كالتعليم والصحة والتشغيل والأمن، ولا يجد قوانين تعكس تطلعاته أو ترفع من جودة حياته. والسبب ببساطة أن من يمثلونه لا يحملون مشروعاً، بل مجرد طموح وجاهة، أو “شرف” حمل لقب نائب.

إن استمرار هذه الظاهرة يعكس خلل بنيوي في العملية الانتخابية والثقافة المجتمعية على حد سواء ، فالمجتمع من حيث يدري او لا يدري يساهم في صعود مرشحين لا يستحقون المقعد النيابي، فقط لأنهم من أبناء العشيرة، أو لأن والد المرشح “وجه معروف”، أو لأنه يوزّع سلات غذائية قبل الانتخابات.

ومن هنا، تبرز ضرورة مراجعة الوعي الانتخابي للمواطن، وتكثيف الحملات التثقيفية حول أهمية اختيار النائب الكفوء، صاحب المشروع والرؤية، لا النائب الذي تفرضه العشيرة أو يلمع اسمه فجأة قبل الانتخابات. كما تبرز الحاجة إلى تشديد القوانين المنظمة للدعاية الانتخابية، ومنع استغلال النفوذ الاجتماعي أو العشائري بطريقة تضلل الناخب وتُقصي الكفاءات.

إن البرلمان هو صورة الدولة، وهو انعكاس لحالة المجتمع السياسية والثقافية، وإذا ما استمرت هذه الموجة من الترشيحات العشوائية القائمة على المحسوبية والوجاهة، فإن العراق سيبقى رهين دورات سياسية ضعيفة، ومجالس نيابية عاجزة، وقرارات مصيرية يتخذها من لا يفقه معناها.

ولذلك، فإن التغيير الحقيقي لا يبدأ من الكتل السياسية وحدها، بل من إرادة الناخب، ومن قناعة المجتمع بأن الكفاءة أولى من العشيرة، والعقل أولى من الاسم، والمسؤولية أعمق من الوجاهة واقترح ان تعدل القوانيين وتلزم من يقدم على الترشيح عليه اجتياز امتحان يخص عمل عضو مجلس النواب لخلق بيئة برلمانية صالحة تلبي طموح المواطن.

 

 


مشاهدات 57
الكاتب نوفل مؤيد الحياني
أضيف 2025/08/02 - 1:03 AM
آخر تحديث 2025/08/02 - 11:23 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 339 الشهر 1074 الكلي 11276160
الوقت الآن
السبت 2025/8/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير