الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
(من أجل ولدي) فيلم بلا رؤية سينمائية ناضجة

بواسطة azzaman

(من أجل ولدي) فيلم بلا رؤية سينمائية ناضجة

بغداد - حمدي العطار

تعد السينما أحد الفنون المركبة التي تتطلب تكاملاً بين الرؤية الإخراجية، وقوة النص، وعمق الأداء التمثيلي. وفي ظل ازدهار السينما الإيرانية في السنوات الأخيرة، والتي استطاعت أن تحجز لها مكانا مرموقا على خارطة السينما العالمية، يفترض بأي عمل ينسب إليها أن يعبر عن هذا النضج الفني والبصري. غير أن فيلم «من أجل ولدي» جاء محبطا لمن كانت لديهم توقعات عالية، خاصة مع مشاركة أسماء إيرانية معروفة في الإنتاج والإخراج والتمثيل.

ويحاول فيلم «من أجل ولدي» أن يروي قصة إنسانية عن صبي موهوب في كرة القدم، يبهر والده ومدربه وكل من يشاهده، ويبدو أن مستقبله واعد في المنتخب العراقي وربما في الملاعب الأوربية. لكن سرعان ما تنقلب القصة بشكل مفاجئ وغير ممهد، إذ نكتشف أن الطفل مصاب بمرض السرطان، مما يضعف من تأثير الحدث ويجرده من العمق الدرامي اللازم.

يقدم والد الطفل كشخصية مركبة، إذ يعيش حياة أسرية عادية ظاهريا، وله زوجة وثلاثة أبناء، ويعمل سائقا لحافلة، لكنه يتضح لاحقا أنه متورط في أعمال إرهابية، حيث ينقل مواد متفجرة بسيارته. يعاني بناء الشخصية من تناقضات غير مبررة؛ فبينما يظهر الوالد متطرفا يرفض حتى شرب الماء الموزع من قبل مواكب كربلاء، ينقلب موقفه فجأة حين يقبل علاج ابنه من قبل العتبات المقدسة ويشرب من نفس الماء الذي كان يرفضه سابقا، في مشهد يعتبر من اللقطات القليلة المؤثرة في الفيلم.

رغم إشارات رمزية جميلة مثل عبارة «الشافي هو الله» في بداية الفيلم، إلا أن العمل يعاني من غياب الهوية الفنية، ويبدو أنه يفتقر إلى رؤية إخراجية متكاملة أو سيناريو محكم. لا يظهر اسم كاتب السيناريو في التتر، ما يعكس ربما أحد أسباب ارتباك القصة وضعف الحبكة. كذلك فإن الجانب الفني في الفيلم يشوبه التفاوت؛ فبينما تحمل بعض اللقطات جماليات تصوير جيدة، يعاني الصوت من مشاكل فنية واضحة وتشويش ملحوظ. ولعل ما يزيد من الإحباط هو محاولة تسويق الفيلم وكأنه عمل ينتمي إلى السينما الإيرانية، في حين أنه يفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير التي تميز هذه السينما العالمية؛ فالإيرانيون لا يصنعون أفلاما دعائية، ولا يعالجون القضايا بهذه السطحية.

في نهاية المطاف، يمكن القول إن فيلم «من أجل ولدي» يمثل تجربة سينمائية غير ناضجة، تفتقر إلى الأسس التي يقوم عليها العمل السينمائي الجيد من حيث البناء الدرامي، والرؤية الإخراجية، والحبكة المقنعة. وإذا كان الهدف هو تقديم قصة مؤثرة عن المرض والإيمان، فإن الفيلم لم ينجح في ذلك، بل جاء مشوشا وضعيفا ومفتقدا لهويته. ولعل الدرس الأهم هنا أن السينما، قبل أن تكون وسيلة للرسائل المباشرة، هي فن يحتاج إلى صناع محترفين يملكون أدواتهم بوعي وإبداع.

الفيلم عرض على صالة سينما مسرح الرشيد ببغداد اعتبارا من الاربعاء الماضي ولمدة اربعة ايام وهو من اخراج مجيد اسماعيلي.


مشاهدات 61
أضيف 2025/07/13 - 2:24 PM
آخر تحديث 2025/07/14 - 12:35 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 412 الشهر 8657 الكلي 11162269
الوقت الآن
الإثنين 2025/7/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير