دعوة لتكريم المبدعين الكبار
علي إبراهـيم الدليمي
مع إعلان وزارة الثقافة والسياحة والآثار عن شروط ومعايير الترشيح لجائزة الإبداع العراقي بدورتها العاشرة لعام 2025، لا بدّ لنا من التوقف عند هذه «الجائزة الضيزى»، بسبب شروطها ومعاييرها المعتمدة للسنة العاشرة على التوالي، ويبدو فيها تتجاهل قامات ثقافية وفنية كبيرة في المشهد العراقي.. ممن تجاوزت أعمارهم الستين عاماً، بعضهم غادر دنيانا دون أن ينال التكريم المستحق في حياته، والبعض الآخر ينتظر «رحمة» الوزارة، بحقه الشرعي.
إن هؤلاء المبدعين الكبار، الذين تركوا بصمات واضحة ومعروفة، وقدموا عطاءً جماً وملموساً في جميع مجالات الإبداع المعلنة ضمن الشروط المطلوبة، لا يجب أن يُطالبوا بتقديم حتى (سيرهم الذاتية) لإثبات جدارتهم ووجودهم. فأعمالهم تتحدث عنهم، ومسيرتهم الإبداعية الطويلة هي خير دليل على استحقاقهم للتكريم.. بل يجب على الوزارة أن ترشحهم دون علمهم، تقديراً وإحتراماً لمكانتهم الرفيعة.إن وزير الثقافة والسياحة والآثار، بصفته أحد رموز الثقافة العراقية، يدرك جيدًا أسماء مبدعينا الكبار، فردًا فردًا.
لقد كنتُ قريبا جدا من «جائزة الإبداع» هذه قبل عام 2003، بحكم عملي في الوزارة لمدة 42 سنة متواصلة، وعلاقتي بسكرتيرها الراحل باسم عبد الحميد، رحمه الله. حينها، كان يكلّفني بكتابة وتنظيم شهادات التكريم لهذه الجائزة، والتي كانت تُمنح للرموز المبدعة فعلا، وفق شرط رائع وأخلاقي: وهو تكريم المبدع عن: «مجمل أعماله»، أكرر عن «مجمل أعماله»، وأكررها ثالثة «عن مجمل أعماله» التي قدمها في أي مجال إبداعي، طوال مسيرته الرائدة.
هذا هو النهج الصحيح الذي يجب أن نعود إليه لضمان تكريم من يستحقون، لا أن نكتفي بتكريمهم عن نشاط يتيم هنا وهناك، قُدم حصرا في العام الماضي.. وتدخل المحسوبية والمجاملات غير الشرعية التي تمنح لهذا ولذاك.
فالمسيرة الإبداعية المتكاملة هي ما يُشكل إرث المبدع الحقيقي ويستحق التقدير الأعمق.
لقد آن الأوان لإعادة النظر في هذه المعايير، بما يضمن تكريما يليق بقيمة هؤلاء الرواد الذين أثروا المشهد الثقافي العراقي على مدى عقود.وممكن أن تكون هناك جائزة الوزارة السنوية «التشجيعية» للمبدعين الشباب حتى سن الأربعين.. وفق شروطها ومعاييرها الخاصة.