فصول حياتي
الاء محمد
لو أردتُ أن أقرأ فصول حياتي،
لن أقول: طفولة، مراهقة، بلوغ…
بل سأقسمها وفق أنواع الشاي التي شربتها،
إذ لكل شاي نكهة، ولكل نكهة فصل من حياتي.
في البداية، كان شاي “العروسة” — القليل من الشاي والكثير من الماء الصافي.
كنتُ يومها نقية، كالماء، مع شوائب حزن خفيفة…
لم تكن مؤلمة، بل ضرورية لنمو الإنسان في بداياته.
ومع ذلك، لم أكن أفهم مغزى هذا الشاي، تمامًا كما لم أفهم مغزى تلك المرحلة.
لماذا نشرب شيئًا لا يشبه الشاي ولا يبقى ماءً؟
ربما لأنها عادة… لا بد منها.
ثم جاء وقت الشاي الأخضر،
مرحلة بداية إدراك الفوضى في هذا العالم،
والهوس بصورة المرأة النحيلة،
والطاقة اللامتناهية لتغيير الكون.
كنت أتقمّص المزاجات، وأزعم أن هذا طبعي منذ سنوات أقدم من عمري.
بعدها، حلّ الشاي الأزرق…
لا تتعجب، فقد كانت تلك الفترة زرقاء بكل ما فيها—
حلم بالتفرّد، وسعي لأن أكون شيئًا لا يشبه أحدًا.
ابتعدتُ عن الجميع لأكتشف طعماً جديداً للوجود،
لكن النكهة كانت مرّة، مليئة بالوحدة…
اكتشفت أن التفرد لا يمنحك بالضرورة دفئًا،
بل قد يتركك في عزلة لا تشبه إلا صمت البحر في يوم خريفي.
عدت أقترب من أقراني، متعبة،
أبحث عن شبه ما،
لكنني لم أعد كما كنت، ولا أصبحت مثلهم تمامًا…
صرتُ نسخة مائلة، لا تنتمي كليًا لأي مكان.
ثم جاء الشاي الأسود، الكلاسيكي،
في ظهيرة عراقية مشمسة،
أحتسيه كما يفعل كثير من العراقيين،
بكثير من الطباع، وكثير من الحنين…
وكأني، بعد كل هذه الرحلة، لم أجد صورة تحتويني
أكثر من عراقيتي.