الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
موضوعات الرقابة الدستورية

بواسطة azzaman

موضوعات الرقابة الدستورية

إياس الساموك

 

أطلعت على أحد الآراء للكتّاب في القانون الدستوري يقول أن الاعتقاد بأن الرقابة الدستورية تنحصر في مواجهة القوانين بالمعنى الفني الضيق للتشريع، يُعد تصوراً قاصراً ويعكس رؤية محدودة لمفهوم الرقابة الدستورية. ويرى أن نطاق هذه الرقابة يختلف اتساعاً وضيقاً تبعاً للنظام الدستوري والقانوني المعتمد في كل دولة، ويتأثر بطبيعة المرحلة التاريخية التي تُمارس فيها الرقابة الدستورية.

ففي بعض الأحيان تُقصر الرقابة على الأعمال والتصرفات الصادرة عن السلطات العامة ذات الطابع السيادي، بينما في أخرى أخرى، تمتد الرقابة لتشمل مختلف صور النشاط القانوني، بما في ذلك القوانين واللوائح والقرارات الإدارية، والأحكام القضائية، بل وحتى التصرفات القانونية الصادرة عن الأشخاص الخاصة، متى ما ثبت تعارضها مع أحكام الدستور ، بما في ذلك العقود التي تنطوي على مخالفة صريحة أو ضمنية للنصوص الدستورية، أو أنها أبرمت بناءً على قانون غير دستوري.

ونحن نعتقد أن هذه الرؤية يمكن أن تجد مجالاً للتطبيق في الدساتير التي لم تُقيِّد نطاق الرقابة الدستورية بنوع محدد من التشريعات أو الأعمال، وإنما تركت الباب مفتوحاً أمام جهة الرقابة الدستورية بأن تمارس ولايتها على ما هو مخالف للدستور.

وعلى ضوء ذلك، يصعب تطبيق هذه الرؤية على دستور جمهورية العراق لسنة 2005 (النافذ)، إذ أنه حدّد في أحكامه ما يخضع لرقابة المحكمة الاتحادية العليا الدستورية، مما يضع قيوداً موضوعية وشكلية على نطاق هذه الرقابة ويحدّ من امتدادها إلى ما هو خارج النصوص المحددة على سبيل الحصر أو التقييد، إذ نص في مادته الـ (93) على الآتي: «تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي :أولاً- الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة».

وبهذا، فإن نطاق الرقابة الدستورية محدد بموجب النص المشار إليه آنفاً بالقوانين والأنظمة النافذة، دون غير ذلك من التشريعات.

وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الاتحادية العليا إذ جاء في قرارها رقم (202/ اتحادية/ 2022) إن «المُشرّع الدستوري عندما حصر اختصاص هذه المحكمة بالنظر في مدى دستورية القوانين والأنظمة النافذة فإنه وبمفهوم المخالفة قد استثنى من ذلك التعليمات لأن عبارات المُشرّع عموماً والمُشرّع الدستوري من باب أولى هي عبارات مختارة ومقصودة وتخضع لصياغات لغوية وقانونية دقيقة، وعليه فإن النظر في مدى دستورية التعليمات سواءً أكانت صادرة عن الجهات الاتحادية أو من الإقليم يخرج عن دائرة اختصاص هذه المحكمة».

محكمة اتحادية

وذكرت في قرار آخر بالرقم (134/ اتحادية/ 2023) أن «الرقابة الدستورية للمحكمة الاتحادية العليا المنصوص عليها في البند (اولاً) من المادة (93) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 والبند (اولاً) من المادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 المعدل بالقانون رقم (25) لسنة 2021 تمتد الى القوانين والانظمة النافذة فقط ولا تتعداها الى القرارات الصادرة من السلطات كافة».

وقضت في القرار رقم (51/ اتحادية/ 2021) بأن «اختصاصات المحكمة الاتحادية لعليا حددت بموجب المادة (93) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 والمادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 المعدل بموجب القانون رقم (25) لسنة 2021 وليس من بين تلك الاختصاصات الرقابة على الأحكام والقرارات الصادرة من المحاكم».

كما قضت في قرارها بالرقم (82/ اتحادية/ 2018) بالآتي: «ومن الرجوع إلى اختصاصات المحكمة الاتحادية المحددة المنصوص عليها في قانونها رقم (30) لسنة 2005 وفي المادة (93) من الدستور لم نجد من بينها صلاحية النظر في العقود والآثار المالية المترتبة عليها». وانطلاقاً مما تقدم، فإن الدستور العراقي قد حدّد، بموجب المادة (93/ أولاً)، نوعين من التشريعات التي تخضع لرقابة المحكمة الاتحادية العليا، وهما القوانين والأنظمة النافذة.  ولم يمنح النص المتقدم صلاحية للمحكمة الاتحادية العليا لتوسيع نطاق رقابتها ليشمل أنواعاً أخرى من التشريعات أو الأعمال القانونية. وعليه، فإن النظر في ما عدا القوانين والأنظمة النافذة قد يندرج ضمن اختصاصات أخرى للمحكمة الاتحادية العليا وليس على أساس اختصاصها في الرقابة الدستورية، أو قد يندرج ضمن صلاحيات هيئات قضائية أخرى، وفقاً لما يقرره الدستور والقانون.

 


مشاهدات 77
الكاتب إياس الساموك
أضيف 2025/05/21 - 3:43 PM
آخر تحديث 2025/05/22 - 9:08 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 418 الشهر 28078 الكلي 11022082
الوقت الآن
الخميس 2025/5/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير