الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رسالة عربية شاملة إلى ترمب

بواسطة azzaman

رسالة عربية شاملة إلى ترمب

فؤاد مطر

 

هذه الأجواء من المشاعر التي إتسمت بها الكلمات المتبادلة خلال القمة التاريخية في الرياض بين زائر المملكة العربية السعودية للمرة الأولى في رئاسته الثانية الرئيس دونالد ترمب وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وبالذات ما قالاه في شأن النهوض المتعدد المناحي وفي شأن الصراع العربي – الإسرائيلي وذروة مأساة هذا الصراع ما يحصل منذ سنتين في غزة... هذه الأجواء تحمل في طياتها الكثير من الآمال المعقودة على إنفراجات لم تعد مستحيلة الحدوث في الأحوال العربية عموماً. وقد لا تكون الآمال معقودة بشكل حاسم على ما قيل في القمة العربية في بغداد وما أمكن إتخاذه من قرارات ومبادرات إحداها من أجل إعادة إعمار غزة وإعمار مناطق في لبنان، وكذلك ما جرى التوافق على تسجيله كموقف تجاه الموضوع الفلسطيني والصراع العربي – الإسرائيلي، إلا أن هذه الأجواء قد تساعد في تعديل نوعي في الموقف الأميركي من الصراع المشار إليه، وبما يعني التفهم بأعلى درجاته إلى أن مصلحة الغرب في ضوء ما جرى وتم الاتفاق عليه في كل من السعودية وقطر ودولة الإمارات، من شأنه تشكيل مشهد في مسار العلاقات لم يكن محسوماً أمره بما في الكفاية. وهنا يستوقفنا الشعور الصادم في الأوساط السياسية والحزبية الحاكم منها والمعارض المدني والعسكري على حد سواء في إسرائيل وعكستْه بكثير من الجرأة كتابات وتعليقات في الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية عموماً من بينها على سبيل المثال صحيفة «يديعوت أحرونوت» الجمعة 16.5.2025 وبالذات عبارة «لقد تحولْنا من مكسب للولايات المتحدة إلى عبء عليها وأن ترمب إكتشف أن إسرائيل غير معنية بالمشاركة في مشروعه الاقتصادي – السياسي لدفع الشرق الأوسط نحو حقبة جديدة وهكذا فإن إسرائيل ترفض في الواقع مساعدة نفسها..». وكذلك ما نُشر في صحيفة «هارتس» الثلاثاء 13. 5. 2025 التي جاء في أحد مقالات الرأي فيها «لن نهزم «حماس» لأن الجيش في وضْعه الحالي غير قادر على حسْم المعركة. في ظل فشلنا سنفقد علاقاتنا مع دول عديدة في العالم وسيتواصل إتهامنا بإرتكاب جرائم حرب كما سنفقد قدراتنا الإقتصادية وسيرتفع الإنفجار الاجتماعي في إسرائيل إلى مستوى جديد ولن يفصل بين الوضع الاجتماعي السيء القائم وبين الحرب الأهلية سوى شعرة...». وفي «هارتس» أيضاً تحليل سياسي يخلص كاتبه إلى القول «إن قادتنا غير عقلانيين وهم منفصلون عن الواقع ويستخدمون الجيش كأداة لخدمة مصالح ضيقة تخص السُلطة على حساب أمن الدولة...». كما في «هآرتس» تعليق لاحق جاء فيه «إن ترْك العدو وظهره إلى الحائط لا يؤدي إلاَّ إلى إطالة أمد الحرب. ومرة أُخرى على غرار ما حدث في فيتنام والعراق وأفغانستان ولبنان سيغرق الجيش الإسرائيلي في المستنقع وينزف الخسائر بينما تتكدس جثث الفلسطينيين وتتعاظم الرغبات في الإنتقام من الناجين منهم...».

حكم إسرائيل

هذا الكلام مثل إهتزاز كراسي أهل الحكم في إسرائيل، لم يكن حاصلاً قبل الإنسجام النوعي في ما طرحه من أفكار ولي العهد السعودي على ضيف المملكة ثم قطر والإمارات بعد ذلك، وما إتخذه من خطوات جعلت الرئيس الأميركي في رؤيته للوضع في الشرق الأوسط غيرها قبل الزيارة، ونكاد نأمل أن الزيارة ستجعل السنوات الترامبية الأربع أكثر تفهماً للصراع العربي – الإسرائيلي كما أكثر طمأنينة للوضع الاجتماعي عموماً في الولايات المتحدة. ومن الجائز الإفتراض أن أجواء القمة السعودية – الأميركية وما نتج عنها من تفاهمات وتفهمات أضافت من جانب القادة الذين شاركوا في القمة العربية في بغداد أو أوفدوا كل من يترأس وفد الدولة ما من شأنه تحفيز الإدارة الأميركية على إتخاذ ما هو مأمول منها إتخاذه في شأن الوضع المأساوي في غزة وكيف أن رئيس الوزراء نتنياهو لا يصغي بما فيه الحسم إلى الأخذ بالتهدئة. كما لا تستوقفه مسيرات الإحتجاج الدولية التي يلفت الإنتباه حدوثها في اليوم الذي كان الخطاب السياسي للقمة العربية في بغداد على درجة من المسؤولية حيث أبقى بيانها الختامي وقراراتها تحت سقف المطالب الموضوعية ومن دون حتى مطالبة الولايات المتحدة ودول أوروبا بوقف السلاح على أنواعه الفتاكة للعرب وهي مطالب دعت إليها بالصوت العالي المسيرات الإحتجاجية في باريس ولندن ولاهاي ومالمو (السويد) ونيويورك وحدثت من باب المصادفة في ذكرى النكبة ويوم إنعقاد القمة العربية.  ومن مستجدات حرب نتنياهو على غزة أنه في اليوم نفسه أحرقت جولة قصف جوي خياماً تأوي عائلات فلسطينية في غزة سبق أن جرى تدمير منازلها.

صندوق تعافي

ويبقى القول إن أجواء قمة بغداد كانت في معظم ما إتخذته من قرارات وخطوات من بينها مشروع «صندوق التعافي» لإنتشال غزة ولبنان من أحوالهما المتردية، وعلى صعيد الدعوة إلى وضع حد لما يعصف ببعض دول الأمة من صراعات وإحترابات أكثرها إيلاماً ما يحدث في السودان، كانت بمثابة رسالة إلى الرئيس ترمب مفادها أن أجواء القمة العربية كانت تحاكي أجواء القمة التاريخية في الرياض. وفي إنتظار قراءة الرئيس الأميركي للهدوء الذي إتسمت به القمة العربية بياناً وقرارات وكلمات في جلسة الإفتتاح ومداولات هادئة في الاجتماع المغلق، أن يرُد ترمب على هذه الأجواء التي أشبه بتحية بما هو المفترض حدوثه أي الرد بالمثل. وعند ذلك ينشط السعي الدولي – العربي لوضع الأمور العالقة على سكة الفهم والتفاهم. ومن الأقوال الرسولية التي تحتاج الأمة إلى التأمل فيها «إن النصر مع الصبر. وإن الفرْج مع الكرْب.. وإن مع العسر يسراً».

 


مشاهدات 82
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2025/05/21 - 3:41 PM
آخر تحديث 2025/05/22 - 8:31 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 396 الشهر 28056 الكلي 11022060
الوقت الآن
الخميس 2025/5/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير