الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مشاهدات من أرض الكنانة مصر العربية (2)

بواسطة azzaman

مشاهدات من أرض الكنانة مصر العربية (2)

قلعة قايتباي .. حصن دفاعي لمدينة الإسكندرية على ساحل المتوسط

رعد أبو كلل الطائي

 

من المعالم التأريخية والآثارية في مدينة الحب والجمال والطبيعة الآسرة في مدينة الإسكندرية قلعة قايتباي وهي من أهم الحصون الدفاعية على ساحل البحر المتوسط في الإسكندرية، بناها السلطان المملوكي الأشرف أبو النصر قايتباي في الفترة ما بين 882 هجرية - 884 هجرية على أنقاض فنار الإسكندرية القديم بالطرف الشرقي لجزيرة فاروس الأنفوشي حالياً، لتحصين مدينة الإسكندرية وحمايتها من الغزوات الغربية، وبُنيت القلعة من الحجر الجيري على مساحة تبلغ حوالي ألف و750 متراً، وللوصول إلى هذا الحصن قلعة قايتباي، أستقليتُ مركبةً يطلقون عليها أهالي الإسكندرية (ميكرو باص) بالقرب من إقامتي في حي الفيصل إلى القلعة، وبأجرة قدرُها 15 جُنيهاً، وبعد خروجنا من شارع ونفق 45 العصافرة، أتجهنا صوب الجهة اليسرى من الطريق الساحلي السريع لمدينة الإسكندرية، وشاهدنا شوارع متعددة ورئيسية تقع على يمين الطريق الساحلي منها، شارع انور السادات وأبراهيم اسكندر وجمال عبد الناصر وخالد بن الوليد، بعدها بعشر دقائق تقريباً أجتزنا مُجسر ستانلي الساحلي  الرائع والذي خضع مؤخرا لأعمال تأهيل وتطوير كبيرة، زادته رونقاً وجمالاً، ومن ثم وصلنا مدينة المنشية التي تــقع على يسار الطريق، ومن خــــــلال منافذ الميكرو بـــاص ومن الجهة اليـــــــــمنى بصرتُ مناظر رائعة الجمالِ وصوراً مُذهلة ومــــتناسقة لطبيعة وعــــــــــــذوبة شـــــــــــواطــــــــــــئ الســـــــــــــاحـــــــــل البــــــــــــــــــــــحري، كافيـــــــــــــــــــــهات ومـــــــــــــطاعم وكابينـــــــــات وشــــاليهات سياحية للعوائل وشواطئَ رملية لممارسة السباحة، وجلساتٍ للزوار على طول الساحل، ويجاورُها مشاهدَ لمراكب وقوارب وزوراقَ أخرى للصيادين منتشرةً في داخل البحر وشوطئهِ، اُعدت لخدمة زوار وسياح الإسكندرية، وتتلاطم أمواج البحر وترتفع على شواطئ الساحل، وتحسُ بنسمات الهواء العليل المُنعش الرقيق، والبارد اللطيف ينساب ليُضيفَ سعادةً وبهجةً وسروراً مَنّ حولهِ، وتكتمل المشاهدَ البانورامية، بطبيعةِ لؤلؤةَ وعذوبةَ وسِحر البحر المتوسط، ثم واصلنا سيرنا على الطريق السريع الساحلي، حتى لاحت أمام أنظارُنا قلعة شامخة باسقة، إنها، قلعة قايتباي، حينها ترجلتُ من المكرو باص وأتجهتُ نحو القلعة، ودفعتُ 60 جنيهاّ كرسومٍ لدخولها، وشاهدتُ من خارج الحُصن، سورٌ خارجيٌ تخللهُ أبراجٌ دفاعيةٌ، وبعد دخولي القلعة، لاحظتُ بفنائها سورٌ داخليٌ يضمُ مجموعة من الحُجرات كانت بمثابة ثكنات للجند ومخازن للأسلحة والمؤن، ويؤدي مدخل القلعة إلى فناءٍ يتصدر ضلعهُ الشمالي الغربي الرئيسي، قلعة كبيرة مربعة تتألف من ثلاثة طوابق، بينما يشغل أركانها الأربعة، أبراجٌ نصف دائرية تنتهي من الأعلى بشرُفاتٍ، بارزة للدفاع عن المدينة، كما يُمكننا أن نجد صهريجٍ بجـــــوار البُرج لأمداد الجنود والخيل بالمياه، وقد نالت القلعة اهتمام الســـــــلاطين والحكام على مر العـــــصور التأريخــــــية نظــراً لموقعها الاستراتيجي المُتمــــــــــــــيز وشهِدتّ القلعة العـــــديد من اعـــمال التدعيم  والـــتوسعات آخرُها كان في عام 2003 م .

القلعة تمثلُ مناظر آسرة ومُذهلة تطلعُ من خلالها على البحر المتوسط، إذ يتلاقى التأريخ مع الطبيعة، وهذا النشاط يُناسب محبي التصوير الفوتو غرافي في التقاط الصور البانو رامية الرائعة، وبجوار القلعة ممشىً يُطلقُ عليه ممشى قايتباي، وهي منطقة قريبة من القلعة، توفر مساراً جميلاّ للتنزه على طول الساحل، وهذا الممشى هو الآخرَ يمنحُكَ فرصةً للأستمتاع بالهواء النقي العليل والمُنعش اللطيف، والأسترخاء ومشاهدة الأمواج والقوارب في البحر، أما المنطقة المحيطة بالقلعة، فتشتهر بوجود العديد من المقاهي والمطاعم التي تُقدم الأطبـــــــاق الشعبية الطازجة والمــــشهورة في الإسكندرية، مثل الزبدة الإسكندرانية والـحواشي والمحار في أجواء ساحلية مُمتعة وحــــلوة، كما توجد بالقرب من الحُصــــــــــن محلات صغـــيرة للتبضع تـــــــبيع الهدايا التذكارية، مستــــــوحاةٌ من التراث الــمصري الإسكــــــــندراني، كالحُلي والمُجسمات الصغيرة لقايتباي أو الــــــــــــــــــهدايا المصنوعة يدوياّ لتخليد الذكرى

ويقع عند مدخل القلعة الجنوبي متحف الأحيــــاء المائيــــــــة، يضمُ مجــــــــموعة من الأسماك والكائنات البحرية بما في ذلك أسماك مائية خطرة ونادرة مما يجعله وجهةً مُثيرة الأهتمام لمحبي الحياة البحرية، كما ويحتـــــــوي على كائنـــــــــات بحرية مُحنطة من أبرزهــــا، عروس البحر وسمــــــكة القرش الأبيض فضلاّ إلى هيكل عظمي لتمساح يعود اكتشافه لأكثر من مائة عام، ولاح نظرُنا وبالقرب من القلعة خمسة مساجد متجاورة أشهرها، مسجد المُرسي أبو العباس والذي يُعدُ من أبرز المساجد في الإسكندرية، وحسب ما يقوله سكان الإسكندرية، فإن هذا المسجد يشهدُ توافداً كبيراً للمصليين والزوار خاصةٍ خلال الأعياد والمناسبات الدينية، كما يضمُ موقع قلعة قايتباي مرسىً لليخوت يُمكِنُكَ أستأجارهُ ليأخُذكَ بجولة بحرية، ترى من خلالها على جمال وطبيعة وروعة الإسكندرية، ويُمكنُكَ الوصول إلى القلعة من خلال أستأجار مركبة التاكسي والتوجه إلى منطقة بحري عند نهاية شارع الميناء الشرقي، أو استخدام تطبيقات النقل، مثل أوفر أو كريم، كما  تستطيع الوصول إلى القلعة من خلال صعودك الميكرو باص إلى  الأنفوشي .

يونان مصر وماريا

وسُميتّ محافظة الإسكندرية بعروس البحر المتوسط، بسبب جمالها الفريد الجذاب الآخاذ، وطبيعتها التأريخية والسياحية والآثارية الخلابة، وأطلقَ عليها آخرون، (يونان مصر)، بسبب جمالِ شواطئِها وروعة طقسها، وسماها آخرون بأسم (ماريا)، وهي كلمة مشتقة من اللغة الفرعونية وتعني (ميرت) وهي الميناء أو المدينة التي فيها ميناء بحري، وتضم المدينة مزارات وأماكن سياحية ومعالم آثارية وتأريخية منها :

1- المتنزه، وهو من أهم وأجمل الأماكن السياحية في عروس البحر المتوسط ويتمتع بموقعٍ متميز ورائع وفريد على شاطئ البحر المتوسط، والذي يضم قصر الملك فاروق، وفندق فلسطين، وحدائق واسعة، ومطاعم وكافيهات وشاليهات على شاطئ البحر المتوســــط .

2- قصر رأس التين، يُعتبر القصر واحداً من أقدم وأعرق القصور الملكية في مصر، إذ يعكس عبق التأريخ وبهاء الهندسة المعمارية، بُنيَّ في عهد محمد علي باشا خلال القرن التاسع عشر الميلادي على الطراز الأوربي، ليكون مقراً صيفياً للحكم ومركزاً للضيافة الرسمية، ويتميز القصر بموقعه الساحر على البحر المتوسط ويطلُ على ميناء الإسكندرية .

تعدد روايات

3- خليج الأنفوشي، وهو عبارة عن جيب مائي، أو نصف دائري من اليابسة المتدرجة داخل البحر المتوسط، يحده من الغرب قصر رأس التين، ومن الشرق الطابية وقلعة قايتباي، وتعيش الجلاجلة والخسّنيا في يمين الخليج بجانب قصر رأس التين، وتعددت الروايات عن تسميتهِ، قيل إنها تعود إلى الأيطالي (أنفوس)، والتي أقامت عائلته في بحري في زمن قديم، ورجحت روايات أخرى إنه من أولياء الله الصالحين، ورويَّ إن سيدي الأنفوشي هو صاحب المقام داخل حجرة في الطابق الأول وسط مدرسة صبري الأولية .

 4- منطقة بحري، أهم وأشهر أحياء الإسكندرية التي تعكس تأريخها وثقافتها الشعبية، وكانت هذه المنطقة موطناً لفنار الإسكندرية العظيم، أحد عجائب الدنيا السبعة، والذي كان يُضئَّ المدينة في الميناء الشرقي .

5- منطقة المنشية، هي قلب الإسكندرية النابض بالحياة ومركزها التجاري، تعود أسواقها إلى العصور العثمانية إذ كان سوق الترك وسوق المغاربة ملتقى التجار القادمين من الشرق إلى الغرب حتى أصبح مقراً لتجمع التجار الأجانب، ومركزاً للنشاط التجاري في المدينة، ويتوسط ميدان المنشية، تمثال لمؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا، محاطاً بحديقةٍ أضفتّ عليه طابعاً كلاسيكياً وهو أحد أبرز رموز ومعالم مدينة الإسكندرية .

6- محطة الرمل وشارع فؤاد، محطة الرمل تُعدُ واحدةٌ من أبرز مرافق وسط الإسكندرية التي تحتفظ برونقها التأريخي، ومبانيهِ ذات الطراز الأوربي القديم، وتتألق المنطقة بميدانِها الذي ينطلق منه ترام الإسكندرية الشهير وأما شارع فؤاد فهو أحد أقدم شوارع الإسكندرية المتفرع من محطة الرمل، ويتزينّ بمبانيهِ ذات الطراز الأوربي والشارع يؤخذُكَ إلى رحلة إلى الماضي إذ يُمكنُكَ أن تشاهد تفاصيل معمارية رائعة، كما يعتبر الشارع وجهةً مثالية للمشي خاصةً أثناء الليل، ويعجُ الشارع بالمباني التأريخية الراقية والمسارح، كمسرح سيد درويش، أو أوبرا الإسكندرية، ويتفرع منه شارع النبي دانيال معقل الكتب والمجلات الثقافية في الإسكندرية .

7- المتحف اليوناني الروماني، يُعدُ من أعرق متاحف الإسكندرية وقد اُعيدَ افتتاحُهُ مؤخراً، وهو من أقدم المتاحف المخصصة للحضارة اليونانية والرومانية في العالم، يعرُض المتحف تأريخ الإسكندرية في العصرين اليوناني والروماني، وكذلك في العصر البيزنطي .

8- مكتبة الإسكندرية، بُنيتّ مكتبة الإسكندرية الجديدة على أنقاض المكتبة القديمة، ولتُعيدَ دورها التأريخي كمنارةً للمعرفة، فهي ليست مكتبة فحسب بل مُجمع ثقافي يُقدم العديد من الخدمات لزوارِهِ، وتضم المكتبة ملايين الكتب، وعدة متاحف، منها متحف الرئيس المصري جمال عبد الناصر ومتاحف للآثار وآخر للمخطوطات،كما تحتوي مدينة الإسكندرية على متاحف أخرى منها، متحف العلمين الحربي، ومتحف الموزاييك ومتحف الآثار الغارقة، ومتحف المتنزه، ومركز القبة السماوية، وقصر المتنزه، وقصر سراي الحمّانيه، والمسرح الروماني الكبير .

جنة الخالق على الأرض

وفي مسك الختام أقول  :

إن مدينة الإسكندرية هي أكبر مدن البحر المتوسط، تتميز معالمُها السياحية والآثارية بالجذب السياحي اليها وهي من أفضل عوامل السياحة في المدينة، وتتنوع هذه المعالم فيما بينها، منها ما هي ذات تأريخ عريق، ومنها حديث الأنشاء، وهي في ذات الوقت مرجع للكثير من الأشخاص طبقاً لكل مكان، ومن هذه المعالم، القصور والمتاحف والمكاتب والآثار المختلفة، كما تضمُ عدداً كبيراً من المُقتنيات التي تم جمعُها من أماكن عديدة وعصور مختلفة، وتقبع كافة هذه المعالم في أماكن يسهل الوصول إليها، وموقع عروس البحر المتوسط الفريد والمتميز وجمال وسحر طبيعتهُ، جعلها قبلةً للسياحة والزائرين، وتُقدم الإسكندرية لعشاق السوق مجموعة متنوعة من الأسواق التقليدية والمراكز التجارية، منها سوق الأنفوشي، سوق زنقة الستتات في منطقة المنشية، وهي من اشهر الأسواق التي تعرض منتجات محلية تشمل، الحرف اليدوية والتوابل والملابس، مما يجعل تجربة الأسواق في الإسكندرية غنية ومميزة .

ومدينة الإسكندرية نسيم هواؤها اللطيف العذب، يُشفي العليل، والمشي في شوارعها وعلى شواطئ بحرها، تُزيد من هرمون السعادة، والإسكندرية هي الجمال والحب كلهُ والعشق والروعة، إنها حقاً جنة الخالق على الأرض وموقُعها المتميز والفريد جعلها قبلةً للسياحة .

 

 


مشاهدات 127
الكاتب رعد أبو كلل الطائي
أضيف 2025/07/30 - 2:44 AM
آخر تحديث 2025/07/30 - 9:13 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 732 الشهر 20729 الكلي 11174341
الوقت الآن
الأربعاء 2025/7/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير