مجالس العزاء في العراق
نزار محمود
لا شك ان لكل مجتمع قيمه وعاداته وتقاليده وأعرافه الاجتماعية التي يحرص على احترامها وممارستها. من هذه الأعراف الاجتماعية التي باتت تشكل ظاهرة بالالتزام بها هي تنظيم وحضور مجالس العزاء في العراق، والتي تقدمت على غيرها من الأعراف في شيوعها والحفاظ عليها وإدامتها.
هذه الظاهرة قد تجد لها بعض الجذور في قيمها الروحية كذلك الى جانب مظهرها الاجتماعي الطاغي. فرغم عدم الاتفاق التام على وجوب تنظيمها دينياً، على الأقل في النصوص الدينية وبهذا الشكل والالزام، الا انها تشكل ظاهرة جديرة بالدراسة لتداعياتها الكثيرة.
كما لا بد من الاشارة كذلك الى بعض الاختلافات في تنظيم مجالس العزاء وحضورها في طقوسها وشكلياتها تبعاً لخصوصيات دينية أو مناطقية.
ما يهمنا أكثر في هذا المقال هو القاء الضوء على أسباب الالتزام اللافت في تنظيم هذه المجالس وحضورها:
-ان تنظيم مجالس العزاء يكمن في دوافع اجتماعية أكثر منه بالتزامات دينية.
-تتمايز مجالس العزاء في “بهرجتها” حسب أهل وأصحاب المتوفى من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، ناهيك عن شخص المتوفى.
-لقد اصبحت مجالس العزاء فرصة للرد المقابل من ناحية، وتوثيق العلاقات مع أهل المتوفى من ناحية أخرى.
-حضور مجالس العزاء بات مناسبة للقاء بالأصدقاء والمعارف والغائبين، لا بل التزاماً له بعده وتداعياته السياسية.
-إن ما يصرف على تنظيم مجالس العزاء يذهب في قسمه الأكبر على تلبية مستلزمات الوجاهة الاجتماعية.
-قد يقتضي تلبية واجب حضور العزاء، سفر البعض مئات الكيلومترات، وقضاء وقت طويل من أجل ذلك.
بقي أن نقول:
لقد باتت ظاهرة تنظيم مجالس العزاء، ظاهرة تستوجب حضورها، فقد يتكرر واجب الحضور مرتان أو ثلاث مرات في الأسبوع، ويصعب، وفق العرف الجاري، تجاوزها أو الالتفاف عليها.
انني اعتقد أن مثل هذه الظاهرة بحاجة الى مناقشة لثقافتها حرصاً على الزمن وما يمكن أن ينجز فيه، دون أن يعني ذلك تجاوزاً على القيم والتقاليد!