الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حوار مع الباحث السياسي محمد أرسلان: الديمقراطية ثقافة وسلوك حياة قبل أن تكون صندوق إنتخابات

بواسطة azzaman

حوار مع الباحث السياسي محمد أرسلانالديمقراطية ثقافة وسلوك حياة قبل أن تكون صندوق إنتخابات

كريمة الربيعي

 

في عالم الفكر والبحث، هناك شخصيات تتجاوز الحدود التقليدية٬ لتسلط الضوء على زوايا جديدة من التاريخ والفلسفة والسياسة. ومن بين هذه الشخصيات الكاتب والباحث السوري محمد أرسلان علي، الذي يمتاز بمسيرة غنية تسبر أغوار قضايا معقدة ومثيرة للجدل. لقد خاض أرسلان رحلة فكرية استثنائية، تجلت في مجموعة من الأبحاث والدراسات، أبرزها بحثه العميق عن الحقيقة الكردية من الناحية الفلسفية، والذي يتحدث فيه عن أسئلة الهوية والمصير٬ كما قدم في كتابه القاهرة بعد قرن من مؤتمر الأربعون حرامي رؤية تحليلية حول التحولات السياسية والاجتماعية في المنطقة٬ كما عمق الكاتب دراساته ليشمل السبي العثماني للمشرق المتوسط، في محاولة لفهم تداعيات تلك الفترة على الواقع الراهن٬ أما في بحثه الرفيق خليل الرحمن، فقد قدم قراءة مميزة لشخصية تحمل رمزية كبيرة، محاولاً الكشف عن الأبعاد الإنسانية والفكرية لهذه الشخصية التاريخية.

الكل يعلم ان النظام السوري، القمعي منذ تولي حافظ الاسد السلطة بطريقة الانقلاب العسكري اصبح الحكم فردي وعائلي هويته الطائفية والقمع والخوف٬ مما اصبح الشعب السوري يعيش حالة من الفقر والعوز والبطالة٬ وانهيار الحالة الاقتصادية وقمع الفئات السياسية الأخرى٬ فقد ملئت السجون بخيرة ابناء سوريا مما ادى لهذا الوضع السيء الى عدت انتفاضات وطنيه في ادلب وحلب وقمعت بالقوة العسكرية والقمع بالبراميل المتفجرة٬ وهدم البيوت علي رؤس أصحابها٬ وكان يتوقع الدكتاتور بشار الاسد الوريث الشرعي الباطل من والده الدكتاتور السابق٬ الا ان ارادة الشعب يجب ان تنتصر بحيث كانت الجماهير تتامل لو بشعره وطنيه تنقذهم من هذا الوضع ولذلك حدث الذي كان متوقع التغير المفاجيء حيث نزلت الجماهير الي الشارع مؤيدة لهذا الحدث مهما كانت هويته من اجل الحصول علي الحريه الكامله والامن الامان من اجل سوريا جديدة.

- سوريا بعد الازمه الى اين تتجه؟

 بكل تأكيد أن ما يعيشه الشعب السوري بكل مكوناته يمكن اعتباره حالة من الفرح والسعادة للتخلص من كابوس لازمهم طيلة عقود خمس، وبنفس الوقت حالة من الترقب والتردد فيما ستؤول إليه الأوضاع بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على القرار في دمشق واعتبار نفسها أنها الجهة الوحيدة التي تخلصت من النظام السابق.

حالة الضبابية

 حيث بهذه العقلية وعدم انفتاحها على الآخر من الفصائل والأطراف بهدف تشكيل جبهة موحدة تسير بسوريا في المرحلة الانتقالية، ربما يؤدي بنا إلى معايشة أو تكرار لنفس الحالة التي عشناها من دكتاتورية تبناها البعث طيلة الفترة السابقة.

حالة من الضبابية لا زالت هي المسيطرة على الأوضاع حتى هذه اللحظة. حيث الساحة السورية لا زالت مقسمة بين أطراف عدة لها نفوذ على الأرض. ولا بد من أن تجتمع هذه الأطراف مع بعضها البعض لوضع خطة للمرحلة الانتقالية. وخاصة أنه ثمة طرف لديه قوات عسكرية ومدعوم من التحالف الدولي وله دور فاعل في القضاء على داعش. ونقصد هنا قوات سوريا الديمقراطية. هذه القوات التي كان لها صولات كثيرة في التصدي لمختلف الهجمات التي تتم على منطقة شمال وشرقي سوريا، إن كان من طرف داعش أو الفصائل المدعومة من تركيا.

لا زالت معظم الأطراف في حالة ترقب لما ستتمخض عنه اللقاءات والمشاورات وحتى التفاهمات ما بين الأطراف العديدة إن كان كما وضحت قوات سوريا الديمقراطية أو الدروز في الجنوب وكذلك باقي المناطق.

لماذا وصلت سوريا إلى هذه المراحل من التدخلات الإقليمية؟

 يمكن اعتبار النظام السوري هو المسؤول الأول عمّا وصلت إليه الأوضاع في سوريا، وخاصة من ناحية التدخلات الخارجية الدولية منها والإقليمية. حيث منذ انطلاق ما سمي بـ “الربيع العربي” ومشروع الشرق الاوسط الكبير/الجديد بدأت حملات التدخل الدولي والإقليمي في المنطقة. وكذلك كان الامر في سوريا أي أن ما يحدث تم الترتيب له ولكن النظام السوري الأمني لم يكن يتوقع أن تبدأ في سوريا هذه المسيرات المناوئة له، وحتى إن بدأت فكان يعتبرها مرحلة وسوف يتم اخمادها والتخلص منها. وهذا ما فتح الباب أمام التدخلات في البداية كانت من بعض دول الخليج من حيث التمويل وكذلك تركيا حيث أنها فتحت مطاراتها وحدودها لكل من يريد التوجه لسوريا والقتال فيها. حيث كان يتوجه لسوريا كل المرتزقة والإرهابيين من كل فج عميق، وكل ذلك تحت انظار القوى الدولية إن كانت أمريكا او فرنسا وبريطانيا وألمانيا. وبعد أعوام 2015 وظهور داعش دخلت روسيا وايران أيضا على الخط وجلبت معها فصائلها المحسوبة عليها. إن كانت فاغنر المحسوبة على روسيا أو فاطميون وزينبيون وغيرها المحسوبة على ايران.

تأثير الدين

التغيير الذي حصل في سوريا عن طريق الجماعات الإسلاموية وأن المكونات للشعب السوري معروفه بعلمانيتها، كيف سيوفق الانقلابيون بين مكونات الشعب السوري في الحقوق والواجبات وهل تتوقع ديمقراطية من هؤلاء؟

 بشكل عام تأثير الدين على المجتمع ليس بذاك القدر الكبير كما يتم تصويره من قبل الجماعات والفصائل الإسلاموية التي ركبت الثورة منذ العقد تقريبا. ومعلوم كيف ان القوى الغربية كيف تستثمر بالتيارات الإسلاموية وتستخدمها كأدوات لتنفيذ أجنداتها وأطماعها في المنطقة وتترك لها الفتات كي تقتات عليها. هذا كان حال الجماعات الإسلاموية في مصر وتونس والآن في سوريا وسيكون في ليبيا واليمن أيضاً. حيث ان ثقافات وشعوب المنطقة منذ آلاف السنين تتعايش مع بعضها البعض بعيداً عن التزمت والتطرف القومجي والديني مهما كان أسمه. حالة التمازج المجتمعي الناتج يمكن اعتباره العثرة الأولى أمام هندسة المجتمعات التي بدأت منذ القرن ولم تنجح حتى الآن في التوصل لأي نتيجة كانت. لا، الدولة القومجية التي أرادت أن تصبغ نفسها بالعروبة نجحت واستطاعت استئصال الاثنيات والقوميات الأخرى من موطنها الأصلي، ولا، الدولة الدينية استطاعت اصباغ الدين على الدولة مهما حاولت وفرضت من شعائر وفتاوي لم تنجح في فرض الدين على المجتمع. رغم أن كِلا الطرفين القومجي والديني أراد عن طريق الدستور أيضاً أن يمنح الشرعية لنفسه في هندسة المجتمع، لكنه لم ينجح أيضاً. فلا المنطقة تحولت إلى عربية بحتة ولا إسلاموية صرفة.

 والجواب بسيط جداً، ألا وهو؛ أن كل الثقافات والأديان والمذاهب تعيش كانت ولا زالت تعيش مع بعضها البعض قبل ظهور النزعة القومجية وحتى قبل ظهور الأديان بحد ذاتها. لذلك واعتقد أ، التيارات الإسلاموية في سوريا والتي استطاعت الوصول لمراكز السلطة لن تنجح في فرض الدين على المجتمع وهي مجبرة على تقبل الاختلاف والتنوع واعتبار ذلك حقيقة في المنطقة.

* هل تتوقع من الولايات المتحدة الأمريكية ان تسقط جائزة القبض على ابو المحمد الجولاني وتقيم علاقات دبلوماسية عن طريق العراب أوردغان؟

- الولايات المتحدة الامريكية دولة مؤسسات وهي دولة الوحيدة المتحكمة بالعالم تقريبا على الأقل في الوقت الحاضر. ولا يهمها من يحكم سوريا أو أي دولة أو منطقة أخرى، إن كان ليبرالياً أو قومجياً أو متزمت دينياً. فهي تعرف كيف تتعامل مع الكل وفق شخصيته ونزواته. لهذا السياسة عند أمريكا في الأول والآخر تعتمد على المصالح لا غير. فإن تطلبت المصالح أن تسقط العقوبات والتهم عن الجولاني والهيئة فسوف تعملها أمريكا ولن تتأخر كثيراً، وحتى عن المكافأة أيضا سوف تسقطها. لأن شعار أي رئيس أو سلطة في أمريكا هو (أمريكا أولاً). وها يقتضي البراغماتية في التعامل مع أي طرف كان وحتى الاعتراف به كممثل شرعي لهذا أو ذاك الطرف. ولكن حينما تنتهي صلاحيته ومدت استخدامه فسوف تتخلص منه تحت أي حجة كانت.

* هل تتوقع أن تجيز هذه النخبة الانقلابية الاحزاب الوطنيه ذات التاريخ العريق في النضال؟

- تصدر هيئة تحرير الشام وبعض الفصائل الاسلاموية الأخرى المشهد في سوريا، لا يعني البتة أنها ستزيح أو بمقدورها تهميش التيارات الديمقراطية والوطنية والعلمانية. فهذا الأطراف لها تاريخ طويل من النضال السلبي تجاه نظام البعث الذي كان متسلط على السلطة في سوريا. ولكن الان يتم تهميشها بشكل ممنهج من قبل القوى الغربية والرأسمالية لأنها لا تريد مشاريع ديمقراطية في المنطقة، بل تريد تقسيم المقسم وتشتيت المشتت بالأصل، بهذا فهي تلعب على الوتر القومجي والنزعة الدينية لضرب القوميات والاثنيات والمذاهب مع بعضها البعض وفق سياسة (فرق تسد).

* هل تتوقع يقيم الانقلابيون بعد الفترة الانتقالية انتخابات ديمقراطية لممثلي الشعب من جميع الاحزاب لغرض تأليف حكم ديمقراطي انتخابي تشترك به كافة القوى الوطنية لتشكيل حكومة وطنيه تضم كافة ابناء الشعب السوري دون تهميش؟

- يمكن اعتبار التزمت الديني هو الوجه الآخر للنزعة القومجة أو العصبوية القومية. فلا فرق بينهما أبداً إن لم يتخليا عن حالة التعصب تلك. فلا يمكنهما من بناء مجتمع ودولة مدنية ديمقراطية. فكلا الطرفين القومجي والدينوي يسعى في البداية للتمسكن حتى التمكن، وبعدها يكشر عن أنيابه وتظهر حقيقته المقززة والتي يحاول فرضها على المجتمع ومنحها الشرعية عبر صناديق الاقتراع او الاستفتاء الشعبي. والتي يمكن اعتبارهما أكبر خدعة وبدعة انطلت على المجتمع والشعب باسم الديمقراطية وحرية الرأي.

لهذا لا يمكن لمثل هكذا عقلية من بناء دولة مدنية ديمقراطية بمقدورها احتضان الكل. فقد رأينا تقرب الجولاني من المرأة، فمستوى فهمه للحرية وللمرأة مرتبط بشكل مباشر بالحجاب أو تستر المرأة شعرها لمجرد صورة فقط، فما بالنا بأن تتبوأ مكانة قيادية في ظل حكم الإسلامويين، فحينها لن تكون سوى دمية يتم تسويقها إقليميا ودوليا لشرعنة سلطتهما لا غير.

المرأة بحد ذاتها قضية ينبغي التوقف عليها وحلها ومنحها الحرية كي تكون ذاتها هي وليس كما يريد الرجل. وهذا لا يمكن تحقيقه بعقلية الذكورية الإسلاموية التي لا تعترف بالمرأة أساساً وأن مكانها فقط هو بيتها ومطبخها وتكون آلة للتفريخ. فلا يمكن الحديث عن الديمقراطية في ظل حكم الاسلامويين المتزمتين ولا العصبويين القومجيين العلمانويين، فالطرفان وجهان لعملة واحدة لا غير. طرف منحاز للعصبوية لليسار والأخر منحاز للتطرف اليميني. والطرفان لن يجلبا الديمقراطية بقدر ما سيخلقان مجتمع متنمل وقزم لا حول له ولا قوة. الديمقراطية لها أسسها وهي ثقافة ونمط وسلوك حياة قبل ان تكون صندوق انتخابات.

* هل من بصيص أمل في المعمعة السورية؟

- بكل تأكيد ثمة بصيص أمل يلوح في أفق المنطقة والجغرافيا السورية. ويمكن اعتبار الحالة في شرقي سوريا والمناطق التي  تديرها الادارة الذاتية الديمقراطية وقواتها العسكرية “قسد”، هي بارقة الأمل الوحيدة تقريبا في نشر فكر الديمقراطية وحرية المرأة وكذلك التنوع الثقافي والديني التي يتم معايشتها في تلك المنطقة. فهذه القوات هي التي قضت على داعش وحطمت طغيانه إن كام في كوباني/عين العرب او الرقة وكذلك الباغوز. وهي التي تحمي المنطقة من التدخلات والاحتلالات التركية وتقف بوجه أطماع أردوغان في سوريا ككل. لذلك نرى مدى توحش اردوغان واستماتته للتخلص من المنظومة التي بناها الكرد في هذه المنطقة. فأساس السياسة التي يتم تسييرها هناك تعتمد على مبدأ التعايش الأخوي بين كل معتقدات ومذاهب وأديان وقوميات وأثنيات المنطقة على أساس فلسفة “الأمة الديمقراطية” التي اختاروها عنواناً لمشروعهم في المنطقة.

 


مشاهدات 1655
الكاتب كريمة الربيعي
أضيف 2025/01/24 - 11:41 PM
آخر تحديث 2025/03/31 - 7:37 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 201 الشهر 19248 الكلي 10580197
الوقت الآن
الإثنين 2025/3/31 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير