الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الشرق الأوسط بين مطرقة التنافس الدولي وسندان التغيير الصيني الروسي

بواسطة azzaman

التوتّرات الراهنة في عهد ترامب

الشرق الأوسط بين مطرقة التنافس الدولي وسندان التغيير الصيني الروسي

مصطفى عمار زهير الشهد                                                                       

 

تشهد الساحة الدولية توترات متصاعدة بين القوى الكبرى، حيث يعيد العالم تشكيل موازين القوى في ظل تحول من نظام أحادي القطب إلى نظام متعدد الأقطاب. هذه التحولات لا تقتصر على السياسات الدولية فقط، بل تمتد إلى قلب الشرق الأوسط، الذي طالما كان محورًا لصراعات إقليمية ودولية عميقة.

مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بات من الضروري تحليل انعكاسات ذلك على الشرق الأوسط، خصوصًا في ظل التنافس الشديد بين الولايات المتحدة، روسيا، والصين، وتأثير هذه التوترات على القضايا العربية.

التوترات الدولية: لعبة الكبار تشتد التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا بلغ مستويات غير مسبوقة، حيث تحولت أوكرانيا إلى نقطة اشتعال شبيهة بأزمة برلين خلال الحرب الباردة. في الوقت نفسه، تسعى الصين إلى تعزيز نفوذها في آسيا وإفريقيا من خلال مبادرة الحزام والطريق، ما يضعها في مواجهة مباشرة مع الاستراتيجية الأميركية الهادفة إلى احتوائها.

 هذه التوترات بين القوى الكبرى انعكست بوضوح على الشرق الأوسط، الذي أصبح ساحة لصراعات الوكالة حيث «كل طرف يسعى لإشعال النار لخبزه». قضايا الشرق الأوسط: نار تحت الرماد التغيـــــــــرات الجيوسياسية العالمية تضاعف من تعقيد الأوضاع في الشرق الأوسط. أبرز القضايا تشمل:

الملف النووي الإيراني: استمرار إيران في توسيع نفوذها الإقليمي خلق مواجهات مع دول الخليج، التي تسعى لحماية مصالحها بدعم أميركي ، خاصة مع احتمال استئناف إدارة ترامب سياسة الضغط القصوى.

نفوذ اقليمي

التدخلات التركية: تركيا تواجه تحديات متزايدة، خاصة مع استمرار صراعها مع الأكراد في سوريا والعراق، وسعيها لتعزيز نفوذها الإقليمي في ظل توتر علاقاتها مع واشنطن.

القضــــــــية الفلــــــسطينية: الاحتلال الإسرائيلي وتوسيع المستوطنات مستمر، في وقت تدعم فيه إدارة ترامب التوجهات الإسرائيلية، ما يزيد من تعقيد مسار حل الدولتين.

الأزمات الداخلية: العراق يسعى جاهدًا للحفاظ على توازنه وسط صراع النفوذ بين إيران والولايات المتحدة، بينما ليبيا والسودان يشهدان أزمات داخلية تعكس عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حلول عملية.

سوريا: إعادة تموضع سياسي في ظل عودة ترامب

سوريا كانت رمزًا للصراعات الإقليمية والدولية خلال العقد الماضي. التطورات الأخيرة تشير إلى:

استعادة النظام السوري السيطرة: دمشق استعادت معظم أراضيها، وبدأت الدول العربية، مثل الخليج ومصر، في إعادة النظر بعلاقتها مع النظام السوري عبر مسار تطبيع دبلوماسي.

تعزيز النفوذ الروسي: روسيا، الحليف الأبرز لسوريا، تعمل على ترسيخ وجودها في المنطقة، مستغلة توتر العلاقات الأميركية مع بعض حلفائها.

التغير في الموقف التركي: تركيا، تحت ضغط التوتر مع الولايات المتحدة والصراع مع الأكراد، تبدو مضطرة لإعادة تقييم موقفها تجاه دمشق.

ترامب والسياسة الخارجية: تغييرات متوقعة

عودة ترامب إلى البيت الأبيض تُعيد تشكيل السياسة الأميركية باتجاه مختلف. أبرز الملامح:

إيران والخليج:

تصعيد العقوبات الاقتصادية على إيران. تعزيز التعاون بين دول الخليج وإسرائيل عبر «اتفاقيات أبراهام»، التي قد تشمل ترتيبات جديدة تشمل سوريا.

العلاقات مع روسيا

من المحتمل أن يتبع ترامب نهجًا أكثر مرونة مع روسيا، ما قد يمنحها مساحة أوسع للتحرك في الشرق الأوسط، لكن ذلك يحمل مخاطر إعادة تشكيل توازنات المنطقة.

القضية السورية:

قد يركز ترامب على تعزيز المصالح الإسرائيلية في سوريا، مثل تقييد النفوذ الإيراني، وربما الدفع نحو حلول سياسية تخدم حلفاء واشنطن.

إعادة التمركز العسكري:

من المتوقع أن يقلل ترامب الالتزامات العسكرية المباشرة في الشرق الأوسط، لكنه سيظل متمسكًا بحماية المصالح الاقتصادية والنفطية، مع التأكيد على دعم إسرائيل.

الصين في الشرق الأوسط: قوة صاعدة

الصين أصبحت لاعبًا رئيسيًا في المنطقة عبر مبادرة الحزام والطريق، التي تشمل استثمارات ضخمة في البنية التحتية والطاقة. نفوذها المتزايد يثير قلق واشنطن التي تحاول احتوائه، ما يضع دول المنطقة في معادلة معقدة بين القوى الكبرى.

نظرة مستقبلية: فرصة أم تهديد؟

التحولات السياسية المرتقبة مع عودة ترامب تمثل تحديًا وفرصة للدول العربية. فمن جهة، سياسات ترامب قد تدعم حلفاءه التقليديين مثل إسرائيل ودول الخليج، لكنها قد تزيد من الضغوط على دول مثل إيران وتركيا. في الوقت نفسه، التنافس بين القوى الكبرى (أميركا، روسيا، الصين) يخلق بيئة متقلبة تتطلب من الدول العربية تبني استراتيجيات أكثر براغماتية لضمان استقرارها ومصالحها.

ختامًا: إلى أين يقودنا الصراع؟

الشرق الأوسط يبقى في مهب التغيرات العالمية، حيث تتشابك مصالح القوى الكبرى مع قضايا المنطقة.

الأيام القادمة ستكشف مدى قدرة الدول العربية على التكيف مع التغيرات الدولية، وما إذا كانت ستتمكن من تحقيق استقرار نسبي وسط لعبة الكبار التي لا تبدو أنها ستنتهي قريبًا.


مشاهدات 64
الكاتب مصطفى عمار زهير الشهد  
أضيف 2025/01/21 - 4:21 PM
آخر تحديث 2025/01/22 - 7:43 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 144 الشهر 10079 الكلي 10200044
الوقت الآن
الأربعاء 2025/1/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير