الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الرواية والقصة والشعر ..  بين قلق الكتابة والذكاء الاصطناعي


الرواية والقصة والشعر ..  بين قلق الكتابة والذكاء الاصطناعي

عصام البرّام

 

شكلت الاكتشافات والتطورات السريعة في عالمنا المعاصر آثاراً توزعت بين السلب والإيجاب، إن كان ذلك على الصعيد النتاج الابداعي الانساني أو المكتشفات الصناعية المادية، ولا زالت تلعب دوراً واسعاً في معترك الحياة، وعالمنا الذي ينمو بشكل سريع حتى وكأنه يسابق ذاته.

 ولقد شكل الذكاء الاصطناعي واحداً من الانجازات العلمية المعاصرة، والذي يسعى ليدخل في مجالات الحياة وتفاصيلها المتعددة، ومن هذه المجالات التي شغلت عالم الابداع وتأثرها بالذكاء الاصطناعي؛ هي كتابة الأدب كالرواية والسيرة والقصة والشعر..الخ، كذلك الى جوانب أخرى متعددة، وبالعديد من الطرق التي يمكن أن يؤثر فيها، وانعكاسه على كتابة نتاج الابداع الإنساني والذي شكل موضوعاً مثيراً للاهتمام، وحمل العديد من الجوانب والتأثيرات المحتملة.

حيث باستخدام الذكاء الاصطناعي، تطورت تقنيات مولدات النصوص الذكية، مما يمكنها من نتاج نصوص أدبية بشكل متقدم، إذ يمكن أن تستخدم هذه التقنيات لإنشاء روايات، وقصص قصيرة، وحتى قصائد شعرية، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستخدم في إنشاء نصوص أدبية جديدة بناءً على البيانات المتاحة من الأعمال الأدبية السابقة، وكذلك يمكنه أن يساعد النماذج اللغوية العميقة في توليد قصص وشعر ورويات جديدة مستوحات من أساليب وقصص سابقة.

فضلا عن إمكانيات نتاج نصوص أدبية بشكل تلقائي، يتم ذلك عن طريق تدريب نماذج اللغة العميقة على قواعد الأدب والأساليب الأدبية المعروفة، وبالتالي؛ يمكن للذكاء الاصطناعي بنتاج قصص وروايات وقصائد تبدو كأنها كتبها كاتب بشري.

لقد وفرت تقنيات الذكاء الاصطناعي دعماً للكتّاب والشعراء في عملية الكتابة، سواءً من خلال توجيههم بمواضيع جديدة أو تقديم اقتراحات لتطوير أفكارهم، فالذكاء الاصطناعي قد يساعد في تحليل النصوص الأدبية لفهم الأساليب الأدبية والمواضيع وحتى التوجهات السردية، مما يمكّن الكتّاب والمفكرين من استكشافهم لنصوص بطرق جديدة.

وعليه استطاع العلماء أن يوظفوه في تحليل النصوص الأدبية لفهم الأساليب الأدبية والنمط والهياكل السردية، مما يمكّن الكتّاب والباحثين من استخدام هذه المعرفة في تطوير أعمالهم.

فهو هنا يسعى الى أن يقدم مساعدة في عملية الكتابة، سواءً كان ذلك من خلال مراجعة النصوص لتحسين اللغة والتنظيم أو من خلال توجيه الكتّاب لاختيار الكلمات أو العبارات المناسبة لنصه الابداعي.

ومن أبرز ما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعده هو في توليد أفكار وتخطيط للأحداث وتطور الشخصيات في القصص والروايات السردية، مما يمكن أن يكون جزءاً من عملية التخطيط الأولية للكتّاب، قبل الشروع للكتابة.

أضافة لذلك، استطاع أن يقدم توصيات للقراء بناءً على تفضيلاتهم الشخصية وتاريخ قراءاتهم السابقة، مما يمكن أن يعزز التفاعل بين القراء والأعمال الأدبية من جانب آخر، وأن يكون شريكاً إبداعياً للكتّاب، حيث يمكن استخدام التقنيات الذكية في التفاعل مع القرّاء، وفهم اهتماماتهم وميولهم الأدبية، وبناء عليها تقديم مقترحات مخصصة لكل قارئ، فهو يشاركه بشكل مباشر أو غير مباشر، ناهيك عن منصات النشر الإلكتروني ووسائل التوزيع المبتكرة التي تتيح للكتّاب والشعراء الوصول إلى جمهور أوسع، وهذا يمكن أن يؤثر أيضاً على أساليب الكتابة والتفاعل مع القراء. 

ولاشك إن تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، تمكنت من تطوير أنظمة ترجمة آلية أكثر دقة وفعالية، مما يمكن من تبادل الأعمال الأدبية بين اللغات المختلفة وتعريب الأعمال الأدبية، حيث يمكن للتطورات في مجال الترجمة الآلية هي الاخرى، باستخدام الذكاء الاصطناعي أن تسهم في تعزيز ترجمة التراث الادبي بين مختلف اللغات في العالم، مما يؤدي إلى تأثيرات متعددة في عالم الفنون الابداعية الانسانية.

كما ساهمت تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات الترجمة الآلية، مما يسمح بتبادل الأفكار المطروحة والمتجددة، والأعمال الأدبية الاخرى من نتاجات لمبدعين مختلفة، بشكل أسرع وأكثرمساحة ودقة.

فضلاً عن مساعدة الكتّاب في تحرير أعمالهم وتوجيههم نحو التحسينات في الأسلوب والهيكل والقواعد اللغوية والقدرة على التغيير إذا ما اقتضى الحال بذكاء تقني عالي، لكونه يساعد في فهم التغيرات الثقافية والاجتماعية وتأثيرها على النتاجات الابداعية، وهو ما قد يعكس في المواضيع التي تُكتب والقضايا التي تناولها الكتّاب.

بشكل عام، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي شريكًا مثيرًا للاهتمام  لدى الكاتب في مجال الأدب والرواية والقصة والشعر، حيث يمكنه أن يثري العمل الإبداعي ويوفر أدوات جديدة للتعبير والتواصل الثقافي.

تحليل النصوص الادبية

ومن الجدير بالاشارة الى إن استخدام الذكاء الاصطناعي، يدخل في تحليل النصوص الأدبية بشكل أعمق، مما يوفر فهمًا أفضل للهياكل السردية والشخصيات والمواضيع والأساليب الأدبية المستخدمة، حيث يمكن لهذا التحليل أن يساعد الكتّاب على تحسين أسلوبهم وفهم الجوانب التقنية والجمالية لأعمالهم، وأضفاء العمق الدلالي لثيمة النص، فالذكاء الاصطناعي يسعى لتحليل النصوص الأدبية بطرق تتجاوز القدرة البشرية،  بحكم التقنية العالية والمساحة الواسعة من الكم الهائل من المعلومات، مما يوفر رؤى جديدة حول هياكل القصص وأساليب الكتابة والموضوعات المعتمدة .

لقد وضفوه العلماء كأداة للإبداع المساعد، حيث يمكنه توليد أفكار جديدة أو اقتراحات للكتابة الأدبية، فالكتّاب يمكنهم استخدام هذه الأفكار كنقطة انطلاق أو مصدر إلهام لأعمالهم، ويمكن استخدامه كأداة لمساعدة الكتّاب في توليد أفكار ذات بعد خيالي فنتازي كروايات الخيال العلمي، أو في تطوير أساليب قصصهم بعيداً عن الرتابة للاحداث او ما يشابه لكتاباتهم السابقة من ابداعات لكتاب آخرين.

لقد شكل الذكاء الاصطناعي إنعطافاً كبيراً من خلال تقديم للنماذج اللغوية العميقة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال توليد نصوص مقتبسة عن أساليب كتّاب معينين، أو إنشاء مشاهد جديدة استنادًا إلى البيانات التي تم تغذيتها إليه، وأن يسهم في إنشاء قصص تفاعلية تتفاعل مع القراء بناءً على استجاباتهم التي يرغب القاريء لمتابعتها كي يمليء رغباته الذاتية، مما يخلق تجارب قصصية مختلفة ومثيرة، إذ يمكن تخصيص القصص والروايات لتلبية اهتمامات القراء المحددة، مما يزيد من التفاعل والتشاركية بين الكتاب والقراء.

كما له القدرة أن يكون أداة مساعدة قوية للكتّاب في عملية الكتابة والإبداع، وفي مساعدة الباحثين ونقاد الأدب في تحليل الاتجاهات الأدبية والموضوعات الشائعة وتطورات الأساليب عبر الزمن، مما يوفر رؤى جديدة حول تأثير التكنولوجيا على الأدب، بإنشاء نصوص أدبية من البداية إلى النهاية، سواء كانت قصص قصيرة أو روايات.

                                 العنصر البشري والابداع الانساني

ومع ذلك، فإن هذه النصوص قد تفتقر إلى العناصر البشرية الفريدة مثل التجربة الشخصية العميقة والعواطف الإنسانية، هنا ينبغي ملاحظة أن الذكاء الاصطناعي، مهما سعت العلوم البشرية التي اوجدت هذه التقنية العالية، لا يمكنه تقديم نتاج أعمال أدبية أبداعية، بنفس القيمة الإبداعية والإنسانية التي يمكن أن ينتجها الكتاب البشريون.

ومع كل ما تقدم، ينبغي ملاحظة  نقطة هامة، إن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه بعد الآن أن يكون مبدعًا بنفس الطريقة التي يمكن أن يكون عليه الكتّاب من الروائيين  أوالشعراء وغيرهم من المبدعين السابقين واللاحقين، فالجوانب الإنسانية مثل الخيال والإبداع الذي يميز كاتب او مبدع عن آخر، والتجربة الشخصية لكل منهم، لا تزال تشكل جزءًا أساسيًا من عملية الكتابة الأدبية الابداعية، والتي لا يمكن للتكنولوجيا  أن تحل محلها تمامًا.

على الرغم من هذه الفوائد المحتملة، إلا أن هناك أيضًا مخاوف من أن تؤدي التكنولوجيا إلى فقدان العناصر البشرية والإبداعية في الأدب، لذا تظل المواهب الإنسانية الفريدة مهمة لإنشاء الأعمال الأدبية التي تتفاعل مع القراء بشكل عميق وشامل، حيث لا يمكن مقارنة آلة مع العقل البشري،.

ويبقى الإبداع الحقيقي في النهاية متمرسًا بين يدي الكتّاب والروائيين والقصاصين والشعراء، والذكاء الاصطناعي لا يمكنه استبدال الروح الانسانية الإبداعية عند البشربالروح الصناعية.


مشاهدات 49
الكاتب عصام البرّام
أضيف 2025/01/21 - 5:33 PM
آخر تحديث 2025/01/22 - 7:45 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 139 الشهر 10074 الكلي 10200039
الوقت الآن
الأربعاء 2025/1/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير