سوسيولوجيا تسويق الذات
مروه العميدي
يشير مُصطلح تسويق الذات إلى كيفية إدارة الأفراد لهيئاتهم وهوياتهم الشخصية وكيفية تقديم أنفسهم بطريقة تعكس قيمهم ومبادئهم في السياقات الإجتماعية والمهنية والعلاقات العامة والتنمية الشخصية وفق فهم هذه الديناميات وتوظيفها، وهو جزءًا من السوسيولوجيا، فهو مُصطلح ديناميكي معقد يرتبط بشكل وثيق بكيفية تأثير الهياكل الإجتماعية والثقافية على سلوك الأفراد وأنماط حياتهم، ويمكن أن يضم ذلك حتى وسائل التواصل الاجتماعي، السيرة الشخصية، والعروض التقديمية الذاتية.
وتتاثر سلوكيات تسويق الذات بالأبعاد الإجتماعية والثقافية فهي ترتبط بشدة بالقيم والإتجاهات الثقافية السائدة، إذ تتباين الإستراتيجيات وفق السياق الاجتماعي، ووفق تباين المجتمعات إذ أن للمستويات الإقتصادية، العرق، الجنس، اللون واللغة دورًا في تحديد كيف يُنظر للأفراد وكيف يقومون بترويج أنفسهم وتقديمها بفعالية، وفي الوقت الحالي برز مُصطلح يطلق عليه تسمية (التسويق الذاتي الرقمي) والذي يتم عن طريق مراكز رئيسية لتسويق الذات بطريقة رقمية عن طريق مشاركة التجارب والهويات بطريقة رقمية ومن بين هذه المراكز تطبيقات التواصل الإجتماعي"لينكد وتطبيق أكس …غيرها"، وأن لهذه المراكز دورًا هامًا في خلق نوع من المنافسة الإجتماعية مما عرض الأفراد المُهتمين في إبراز هوياتهم بشكل مثالي وتسويق ذاتهم بطريقة إيجابية إلى ضغوطات إجتماعية كبيرة قد تنعكس سلبًا على الصحة النفسية والعلاقات العامة، كما أن مسألة التسويق للذات قد تقود إلى عنصر التشكيك من قبل المتلقين عن مدى مصداقية الهويات والإنجازات والصور المُقدمة، فربما تكون مُحرَّفة.
ويتكون تسويق الذات من الهوية الشخصية التي تعتمد على أساس تقديم الفرد لذاته بطريقة ذكية، وهذه ترتبط تحديدًا مع نظرية "جورج هيربرت" التي تركز على كيفية تشكيل الهوية الشخصية عن طريق التفاعل الاجتماعي، والصورة العامة التي تتمثل ببراعة الفرد في تقديم صورته للآخرين بطريقة مُبهرة والتي ترتبط بنظرية "إرفين كوفمان" وتركيزها على كيفية تقديم الفرد لصورته العامة للآخرين، والإنسجام الإجتماعي الذي يقوم على أساس تفاعل الفرد مع أفراد مجتمعه، ومعدل الثقافة و الإحتكاك بالمجتمع ومدى تأثيرهما على تسويق الذات بطريقة حيوية موجبة، والتي ترتبط بنظرية "بيير بورديو" التي تركز على طريقة إستثمار الرأسمال الإجتماعي والثقافي في تسويق الذات.
ومن إستراتيجيات تسويق الذات هو العمل على إنشاء علامة فارقة تحتوي على تحديد القيم والمميزات التي يتمتع فيها الفرد، وقدرته على التواصل الفعّال القائم على أساس الإبداع في التعبير عن الأفكار، والحضور والحركة بفعالية عالية، وشحن العلاقات الإجتماعية بطريقة سليمة، وتوظيف وسائل التواصل الإيمائي، فضلًا عن التواصل الإجتماعي وتوظيف منصاته مثل لينكد إن وفيسبوك لإنشاء محتوى يعكس خبرات وإنجازات الفرد.
ولا ننسى أن من الخطوات الأساسية لتسويق الذات هي تحديد أهداف واضحة وتحديد الجمهور المستهدف المراد التأثير عليه وصنع محتوى شفاف وجذاب، والعمل على تطوير السيرة الشخصية والعرض التقديمي الذي يتضمن المهارات والتجارب والإنجازات.
وربما يواجه الفرد في إثناء مرحلة تسويق الذات مجموعة من التحديات والمخاطر منها الضغوطات من قبل المجتمع المستهدف فهو يكون كالرقيب على كل ما يقدمه الفرد، لذا يسعى دائمًا على تقديم كل ما هو مثالي ومتقدم وقد يرافقه في هذه المرحلة شعور القلق والتوتر، وكما ذكرتُ أعلاه أن المصداقية واحدة من المعوقات التي تواجه الفرد المسوّق لذاته مما يؤثر بطريقة غير صحية على علاقاته الإجتماعية.