في أمريكا حريق
علي السوداني
ولو أن هذه الحرائق الضخمة قد وقعت في بقعة أُخرى من أرض الله الواسعة ، لما حظيت بكل هذا الاهتمام والزخ الإعلامي الكبير والمتواصل على شاشات التلفزيون وشاشات البيوت التي تسمى حوائط التواصل الإجتماعي التي تحولت إلى مصنع كوني عملاق لإنتاج الكراهية والخرافات والفتن والحروب والتخلف والتزوير والكذب والنفاق وتسويق الجرائم والرذائل وطرائق الموت والمخدرات ، ومع دوران كل عام ينمو هذا الورم اللعين بجسم البشرية ويحولها إلى أدوات ألكترونية يابسة وفاقدة للعاطفة والرحمة والنبل !!
الإنسان هو من بدأ تلك الحرب القاسية وطعن ظهر الطبيعة المسالمة وخنق الزرع وأذاب الثلج ولوث الهواء والماء وباقي أسباب العيش السعيد ، فما كان من الطبيعة الجميلة إلا الإنتفاض والإحتباس والرد بسلاح الزلازل والعواصف والحرارة العالية والحرائق المهولة ، وستتواصل تلك المعركة القذرة حتى يعقل البشر ويستعيد آدميته مرة ثانية فيستقيم الأمر ويسود السلام والعدل المتاح إن شرقت وغربت وشمّلت وجنّبت .
قرأت وسمعت كثرة متكاثرة من الناس تتحدث عن هذا الحريق غير المسبوق فينسبونه إلى فعل سماوي عادل وجند لم نرها وهذا أمر غير صحيح إنما تصوره والإعتقاد به قد وقع بباب تمني الأذى لأمريكا التي هي أهم وأشهر أسباب الشر والموت في العالم حتى اليوم .
قسم آخر من البشر لم يشعروا بالحزن وهم يشاهدون ألسنة النار الطويلة وهي تفتك بالبيوت والزروع ، والخسائر في الأرواح كانت بسيطة جداً ولا تقارن أبداً بعشرات آلاف الضحايا في غزة الشريفة العظيمة وما حولها ، وصار عدم الحزن والإكتراث قائماً على سبب أن ضحايانا العزل الأبرياء قد قضوا بسلاح وغطاء ومشاركة ومباركة أمريكا وتوحش كيانها اللقيط المجرم ، لكن علينا دائماً أن نفرق بين الإنسان الأمريكي الطيب الكريم وبين عصابة الكاوبوي التي تقوده وتقرر نيابة عنه .
المطلوب الآن قراءة ودراسة أمريكية عاقلة وذكية لمشهد الكراهية والشماتة هذا وإيجاد الحلول العادلة لأسباب هذا الحقد المبرر والمشروع ، ومعالجة جذوره والكف عن سياسة الجشع والطمع والتدخل بشؤون وحياة الآخرين وتدميرها بدم جامد ، وبذلك يمكن للعالم أن يعيش متحاباً متكاتفاً سعيداً جميلاً .