الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الشجاعية مدرسة الشجعان

بواسطة azzaman

الشجاعية مدرسة الشجعان

محسن القزويني

 

منحت إسرائيل المقاومة الفلسطينية سلاحا استراتيجيا مهما عندما اقدمت على هدم المباني و المنازل و المحلات فحولت هذه الأماكن المهجورة إلى كمائن لصيد الضباط و الجنود الاسرائيليين، فأصبحت بديلا للانفاق في ملاحقة العدو و مواجهته من حيث لا يحتسب، وحقا ثبت ما قاله سبحانه وتعالى في وصفه لبني إسرائيل؛ يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا اولي الابصار؛ لكن أعمى الحقد عيونهم و قلوبهم فهم لا يبصرون.

فماذا كانت حصيلة القصف الجوي الإسرائيلي على غزة غير تدمير المدينة وتهجير اهلها، لكن بتغيير المقاومة استراتيجيتها تحولت هذه الأماكن المهدمة إلى مواقع عسكرية ومصائد للجيش الإسرائيلي وردا على ادعائهم بأن المقاومة تستغل الاماكن السكنية و المستشفيات كدروع و مواقع عسكرية.

وكان اخر عملية شجاعة قامت بها المقاومة هو التصدي للاسرائيليين في حي الشجاعية حيث قتل عدد كبير من الضباط و الجنود الاسرائيليين في كمين اعترفت إسرائيل بمقتل عشرة من عناصرها ليصل العدد إلى 113 قتيلا من لحظة دخول إسرائيل غزة وليصل العدد الكلي منذ السابع من أكتوبر الى 442 قتيلا وهو رقم له صداه الواسع في المجتمع الإسرائيلي.

ايام مرعبة عاشتها إسرائيل على انباء ما حدث في الشجاعية عندما حاولت وحدة 669 التكتيكية المكلفة بالبحث عن الرهائن من دخول مجمع َمتكون من ثلاثة مباني فاضحت هي رهينة بأيدي المقاومة فارسلت إسرائيل قوة من لواء غولاني المشهورة بشراستها من اجل إنقاذ رفاقهم فكان لها المصير نفسه و كان من بين القتلى عقيد ورائد من كتيبة 13 من لواء غولاني احد أكبر و أهم الألوية في الجيش الإسرائيلي، وتعد هذه العملية أقسى ما واجهته إسرائيل في حربها في غزة، فقد وصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي ما حدث في الشجاعية بأنه حدث صعب بينما صرح عضو مجلس الحرب الاسرائيلي بيني غانتس الجولة الثانية بعد الهدنة التي يخوضها الجيش الإسرائيلي في غزة؛ بأنها كبدت إسرائيل ثمنا باهظا و مؤلما و صعبا؛ وهي حماقة اخرى تضاف الى الممارسات الإسرائيلية الغبية عندما أعلن قادتها مواصلة الحرب بعد انتهاء الهدنة ولم تذعن للراي العام العالمي بإيقاف عجلة الحرب، وقد منح هذا الموقف المقاومة الفلسطينية فرصة ذهبية لتغيير تكتيكاتها باستخدام المباني المهجورة و تحويلها إلى مباني مفخخة  و شباك لصيد الجنود الاسرائيليين. وفي الشجاعية استلهمت المقاومة دروسا من تاريخ هذا الحي والذي سمي باسم القائد الذي قاتل الصليبيين الغزاة في هذا المكان وهو شجاع عثمان كردي الذي  استشهد فسمي الحي باسمه، وتواصلت الأحداث في هذا الحي بعد الغزو الإسرائيلي لفلسطين إذ تحول إلى ساحة للمواجهة بين الفلسطينيين بكامل فصائلهم حماس وجهاد و فتح مع الاسرائيليين قبل اندلاع الانتفاضة الأولى وبعدها. وفي حرب 2008 - 2009 كانت المقاومة بكامل فصائلها حماس و الجهاد الإسلامي و شهداء الأقصى التابعة لفتح في مواجهة العدوان الإسرائيلي في هذا الحي المقاوم إذ نصبت فتح كمائن للعدو قتلت عددا من الجنود الاسرائيليين المستعربين. وفي حرب غزة 2014 دمرت المقاومة عددا من ناقلات الجنود و دبابة من نوع ميركافا عندما أرادت إسرائيل التوغل داخل الشجاعية، ومرة أخرى جربت إسرائيل قبل يومين حظها العاثر مع هذا الحي متجاهلة ان الشجاعية حولتها الأحداث إلى مصنع للشجعان.

 

 

 


مشاهدات 565
الكاتب محسن القزويني
أضيف 2023/12/15 - 3:00 PM
آخر تحديث 2024/07/17 - 2:45 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 371 الشهر 7939 الكلي 9370011
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير