الدين و السينما وجهان لعقلٍ جمعي واحد
نور كريم الطائي
كل الاعمال التجارية التي يتم انتاجها بملايين الدولارات لها تأثير مباشر في العقل الجمعي لكل المجتمعات، العقل الجمعي ينتج بمفاهيمه الخاصة و اعرافه التي لا تعترف بقوانين الخلق… و هذه نقطة الضعف الوحيدة التي اشتغلت عليها الرأسمالية في السينما بصورة عامة.. خصوصا في البلاد العربية التي تصدر من خلال اعمالها السينمائية التجارية افكار تحيد بشخصية الانسان نحو التخبط الفكري و بالتالي الانجراف للرذيلة او بمعنى اصح تجهزه نفسياً للأنخراط في هذا المستنقع…
فلا تجد رقابة فكرية تحد من هكذا اعمال وعندما مقارنة الازمان نرى الاعمال الرائدة في الماضي عندما تعرض على اجيال الان تكون مملة غير مفهومة حتى رسالتها السامية تستجدي الفهم و ان حدث فهو مغلوط.
من المسؤول؟! هذا السؤال القديم الجديد .. من له حق التحكم بالعقل الجمعي..؟ حتى يصدر له الرذيلة الفكرية و الانحطاط الاخلاقي ؟ و اشمل بذلك ايضاً الاعمال الغنائية فهي لا تختلف كثيراً عن الاعمال السينمائية التجارية التي باتت منتشرة اكثر من نفوس المجتمع بحد ذاته! لنرجع الى صلب الامر… الدولة: هل تجد الدول العجز في ميزانية عائداتها لتفرض الشخوص المتنفذة مالياً عليها ان تنتج هكذا اعمال لجذب المال؟! اين الدين من كل هذا ؟ اين الثقافة الخالدة لكل مجتمع؟ لماذا يتسلط المال قوة التنفذ بهذه الصورة ؟ هل سيحدث وان تنهض المجتمعات وخصوصا المجتمعات العربية من هذا المستنقع؟!
بداية المتحكم الاول و الاخير في المسارات الاخلاقية لكل المجتمعات هو المال..! فما ان يكون المجتمع فقير مادياً يسعى جاهداً لان يستحصل الرفاهية و لا يهم باي طريقة كانت، هذا الشعار الانجع ونقطة الضعف الاكثر قوة التي استغلتها الشركات الرأسمالية لتصدير افكارها الخاصة و مخططاتها لتدمير المجتمعات فكريا و اخلاقياً من خلال تصدير الاعمال التجارية السمجة الخالية من اي مضمون وبهذا يضمن المنتج ان يغير ويهيمن على مسار المجتمع واحتياجه لهكذا اعمال تسد النقص النفسي الذي يعاني منه.. ذلك النقص الذي انتجه الدين من ناحية اخرى.. كيف ولماذا ؟ بكل بساطة حتى الدين تجارة و من خلاله يتم السيطرة وبث الافكار للعقل الجمعي لمجتمع ما والغاية و الوجهة واحدة .. الدين يكبت الافراد و يصدر لهم الفكر الصوفي الفذ و تقبل الوضع البائس من العوز و الفقر و الجوع و الرضا بما قسمه الرب لكل فرد فقير -واغلب المجتمعات فقيرة حد اللانسانية- وبهذا تضمن الجهات الدينية انصياع المجتمع لها ومن جهة اخرى النفس البشرية التي تبحث عن اللذة ولا يمكن حبسها بتراهات الدين تلجأ الى ممارسة الرذيلة بالخفاء (شيخ في النهار و عاهر في الليل) وبهذا التضاد تعمل كل المصالح المتنفذة لايصال فكرتها الخاصة ولا يهم على حساب من سيكون تأثير هذا العمل .. فالدين يكبت و المال يطلق الحرية بمفاهيم مغلوطة تهدم كل الانسانية في الشخصية البشرية .
ظاهر مستحيلة
نحن نعيش في زمن العولمة واباحة الرذيلة حتى من علماء الدين في وقتنا الحالي و صار الحد من هذه الظواهر شبه مستحيل وخصوصا في المجتمع العربي، بينما نرى الاعمال الرائدة في مجتمعات اخرى تأخذ منحى توعوي بصورة متحضرة لطيفة لها تأثير مباشر في العقول ولنأخذ الهند مثلاً برغم طغيان الفنتازيا في اعمالها الا انها تحمل رسائل انسانية و عبر و قيم اخلاقية خصوصا لتلك الجماعات التي لديها ديانات مختلفة..! و ايضا الاعمال الاجنبية تتصدر بمضمونها الرقي عموما في الافكار ليست كلها وانما اغلبها، فهي صريحة في انتاج مختلف الاعمال و لعموم المجتمع حق الاختيار بما يناسب الذوق العام و هذا يتبع الثقافات التي نشأ عليها المجتمع و مدى فرض الجهات المتسلطة سواء الدينية او الفكرية منهاجها على هذا المجتمع لتجعله يتمخض من كونه انسانيا لكونه لا انساني. ومن يأتي ليتحدث بنظرية المؤامرة لتهديم قيم المجتمع العربي وخصوصا المجتمع الاسلامي فأقول لك ان الفرد الذي ينساق خلف الدين القائد وخلف العمل المباح في ذات الوقت سايكيولوجيا ستؤول شخصيته للضياع و التخبط اما الجهات التي تعمل على تفكيك المجتمعات اخلاقياً فهي الامراض التي وجدت البيئة المناسبة للانتشار والتفشي.