غضب يسود ذوي المتوفين عقب إنذارهم برفع رفات تتعارض مع مشروع خدمي

أقدم مقبرة في بغداد مهدّدة بالإزالة ودعوات  إلى التريث حفاظاًعلى رمزية المكان

بغداد -  قصي منذر

اثارت الانذار الذي وجهته وزارة الاعمار والاسكان والبلديات العامة ،لذوي بعض المتوفين المدفونين في مقبرة الشيخ معروف الكرخي ببغداد، برفع رفات الموتى موجة من ردود الافعال الغاضبة، مطالبين الوزارة بالعدول عن قرارها. واظهرت مقاطع فيديو تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي اهالي المتوفين وهم يجلسون بالقرب من مقابر ذويهم والحزن يخيم على وجوههم بعد تعليق الوزارة ملصقا يطالبهم برفع الرفاة خلال مدة اقصاها 15 يوما قبل ازالة القبور للمباشرة بمشروع خدمي ضمن حزمة المشاريع التي اطلقتها الحكومة لفك الاحتناقات المرورية في بغداد . وناشدوا الحكومة بـ (العدول عن هذا القرار ،احتراما لوصية موتاهم).

رفع رفات

مؤكدين (رفض رفع رفات ذويهم من هذه المقبرة)، واشاروا الى ان (اصرار الوزارة على المضي بازاحة القبور ، امر لا نقبل به وسيدفعنا للتصام مع اي جهة تحاول رفع رفات الشهداء وغيرهم من هذه المقبرة)، مؤكدين ان (الشارع يسع لانشاء المجسر دون ازالة قبور ذوينا)، مؤكدين ان (نحو 20 الف قبر سيتم نبشه لغرض نقل الجثامين، حيث ان الـ 20 مترا هو عمق النزال ، اما الامتداد هو مئات الامتار على طول المقبرة)،مهددين بـ(تنظيم اعتصام مفتوح لمنع عملية ازالة القبور ورفع الرفات منها). من جانبها ،علقت الوزارة على اعطائها مهلة 15)يومًا لنقل رفات بعض المدفونين في مقبرة الشيخ معروف الكرخي، نتيجة تعارض قبورهم مع أحد مشاريع فك الاختناقات المرورية.واكد المتحدث بإسم الوزارة نبيل الصفارفي تصريح امس انه (حتى الان لا يوجد أي شكوى او اعتراض من قبل المواطنين على نقل الرفات من المقبرة ، واذا لاقى الامر ردود أفعال، فأن الوزارة سيكون لها إجراءات اخرى،كونا لا تريد أي ضرر للمواطنين)، ولفت الى ان (ارض المقبرة هي ملك للدولة، وهناك موافقات قانونية وحتى شرعية ، من أجل نقل رفات المتوفين الى مناطق داخل المقبرة نفسها)، وتابع ان (20 مترًا التي يراد نقل بعض الرفات منها لها تأثير على مشروع فك الاختناقات المرورية، ونحن لدينا في كل المشاريع خطتين احداهما بديلة للتعديل على بعض التصاميم). واظهر ملصق علقته الوزارة قرب المقبرة ، منح ذوي المتوفين موعد اقصاه 15 يوما لرفع رفات ذويهم. ويرى مختصون ان (المقبرة تضم قبورا تعود لعام 200 هجرية، ومن بينها قبر الفقيه مفتي بغداد أبو الثناء الآلوسي صاحب روح المعاني، وقبر الفقيه رشيد الكردي وعلماء آل السنوي وآل الحريري وعائلات بغداد القديمة وأعيانها، وقبر بهلول الكوفي صاحب هارون الرشيد وقبر العلامة عبد الرحمن الآلوسي ومفتي بغداد نوري الشيراوني ووالدة الناصر لدين الله العباسي وعائشة خاتون والدة والي بغداد أحمد باشا).

وكان الخبير القانوني الراحل طارق حرب قد كتب عن مقبرة الكرخ التي عدها من اقدم المقابر في بغداد . وذكر في احدى الندوات الثقافية ان (مقبرة باب حرب او مقبرة الكرخ ،تعد من اكبر واقدم مقابر بغداد ،والسبب يكمن في ان بناء المدينة كان في منطقة الكرخ التي يحدها شمالا العطيفية وحتى جنوب الكرخ ،محطة القطار وعلاوي الحلة ،اما وشرقا فنهر دجلة وغربا المقبرة التي وجدت منذ بناء بغداد في زمن الخليفة المنصور عام 145هـجرية)، واضاف انه (من مقابرها هي مقبرة باب حرب التي تعد احد ابواب بغداد الغربية ،كون المدينة كانت لها ابواب شأنها شأن المدن التي تأسست في تلك الازمنة ،القديمة)، مشيرا الى ان (مقبرة باب الشام كانت خارج باب بغداد الذي يوصل الى الشام ومقبرة الشهداء الواقعة في الجزء الغربي من باب حرب التي تحتوي على قبور اصحاب الامام علي عليه السلام، الذين قاتلوا معه الخوارج ،وهذه المقبرة ليست الشهداء التي تقع في شمال مدينة الباب المعظم ، ومقبرة امام اهل التصوف وشيخهم ابي المغيث منصور الحلاج وان كان رمز قبره يقع في منطقة خارج هذه المقبرة بمسافة قليلة ،ذلك ان القبر الرمزي للحلاج قريب من مستشفى الكرامة في علاوي الحلة)، وتابع ان (المقبرة فيها قبر زمرد خاتون ،صاحبة القبة العالية التي تتميز عن غيرها من قبور الكرخ في المنارة والمقرنصات وهي والدة الخليفة الناصر لدين الله ،وانه كان الشائع سابقا ،هو ان هذا القبر الحالي هو قبر زبيدة زوجة الخليفة الرشيد .

تربة شريفة

كما تضم مقبرة باب الدير والشونيزي وباب الكناس والتربة الشريفة والشيخ معروف الكرخي ،الذي يعتبر شيخ اهل التصوف والشيخ المتصوف الجنيد البغدادي القواريري والعارف بهلول ،تلك الشخصية الحكيمة ذات المنحى الصوفي).

ولفت الى انه ( يوجد في مقبرة الكرخ ،قبر صغير للنبي يوشع صاحب المنزلة الجليلة لدى اليهود ،لكن بعض المؤرخين يقولون ان هذه المقبرة لم يدفن فيها النبي ،وانما هي لاحد كبار الاحبار في الديانة الموسوية وتوجد على قبره عبارات باللغة العبرية ،كتبت على طابوق اخضر واصفر .

كما تم دفن الحاخام الاشهر في بغداد سوميخ في هذه المقبرة الصغيرة ولم تلتفت الدولة العثمانية الى طلب رئيس بلدية بغداد عبد الله الزئبق بمنع الدفن ،حيث ورد مرسوم عثماني بالموافقة على ذلك)، وقال انه (يوجد مقبرة صغيرة للهنود السيخ حيث قبر البابانانك ،وهو قديس السيخ الذي توفي في بغداد ومرقده يزار من قبل الهنود).