قوافي النقد الإجتماعي
حسين الصدر
-1-
للشعراء قوافيهم التي لم تقتصر على الغزل والوصف والرثاء وتصوير ما تمور به انفسهم من عواطف ومشاعر وجدانية وانما امتدت لتسلط الاضواء على ما تزخر به الساحة الاجتماعية من أعراض وأمراض فتاكة .
-2-
ومن ذلك قول مهيار الديلمي في ما يمارسه المراؤون من مواقف وما يمثلونه من مسرحيات مليئة بالزيف والخداع والنفاق.
اسمعه يقول :
يطيرُ لي حَمامةً فانْ رآى
خصاصةً دُبَّ ورائي عَقْرَبا
ما أكثرَ الناسَ وما أقلَهُمْ
وما أقلَ في القليلِ النُجُبا
وقد جاء في الحديث الشريف :
( ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج )
ومما يؤسف له انَّ الملتزمين بأهداب المعايير الدينية والاخلاقية والانسانية لا يشكلون الطبقة الكبيرة من الناس، ولا تشكلها الاّ الصفوة. وليـــــــس ( اللباب ) سهلُ المنالِ بخلاف ( القشور ) التي تلقاها ماثلة امامك حيثما حللت .
-3 –
ان الرياء لا يكون في العبادات فقط بل يوجد حتى في ميدان العلاقات الاجتماعية .
الم تسمع بما قاله الشاعر هاجيا أصحاب الرياء في علاقاتهم الاجتماعية
يُعطيك مِنْ طرف اللسان حلاوةً
ويروغُ عنكَ كما يروغُ الثعلبُ
الرياء في العبادة يهدف الى كسب مديح الناس بينما العبادة لابُدَّ ان تكون خالصة من كل شائبة.
قالوا :
ان جماعة امتدحوا صلاةً احد المُصلين حين راوه يُحسن القراءة ويُطيلُ الركوع والسجود .
وحين سمعهم يمدحونه ، قال :
« ومع ذلك فانّي صائم ..!!
وكأنّ الحديث لا يقطع الصلاة.
أما الرياء الاجتماعي فانه مِنْ أبشع ألوان الكذب والزيف والخداع
فقد تعوّل على مَنْ يُظهر لك الحب الشديد والاخلاص الكامل ثم تراه أول من يخذلك عند الشدة .
ومن هنا قيل :
يُعَرّفُكَ الاخوانُ كلٌ بنفسِهِ
وخيرُ أخٍ مَنْ عرّفَتْكَ الشدائِدُ
-4-
ومن نافلة القول التأكيد على أنَّ الاستقامة هي صمام الأمان في حياة الفرد والمجتمع والامة .
والاستقامة تعني البراءة من كل ألوان الرياء والنفاق والزيف والكذب والخداع، والترجمة العملية الدقيقة لما رسمته أحكام الدين والموازين الاخلاقية والانسانية والاجتماعية.
نسأله تعالى ان يجعلنا وايّاكم من الذين قالوا ربنا الله ثم استـــقاموا انه نعم المولى ونعم النصير .