الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قناة أم نبوءات في تدمير غزة؟

بواسطة azzaman

تفسير الوكالة وتفسير القدر

قناة أم نبوءات في تدمير غزة؟

 

محمد صالح البدراني

عندما اصل الآية ﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾] الإسراء.[  أتوقف في سؤال واستفهام فالقتل الجمعي والتخريب ليس صفة المسلم ولم يؤمر بهذا، بل حده عند منطقه، فلو كان التعميم صفة والحقد ديدن لما كان عمر بن الخطاب العادل، ولما كان خالد بن الوليد سيف الله المسلول، ومثلهم الكثر ، فالقتل ليس الهدف وإنما الهدف هو محاربة السلبية فان تابوا فهم أخوه وتوبتهم جبت عنهم ما سبق.

 وعن أُسامةَ بنِ زَيْدٍ رضي اللَّه عنهما قَالَ: بعثَنَا رسولُ اللَّه إِلَى الحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَصَبَّحْنا الْقَوْمَ عَلى مِياهِهمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنهُمْ، فَلَمَّا غَشيناهُ قَالَ: لا إِلهَ إلَّا اللَّه، فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصارِيُّ، وَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدينَةَ بلَغَ ذلِكَ النَّبِيَّ فَقَالَ لِي: يَا أُسامةُ! أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ؟! قلتُ: يَا رسولَ اللَّه إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَقَالَ: أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ؟! فَما زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذلِكَ الْيَوْمِ. متفقٌ عَلَيهِ.

وفي روايةٍ: فَقالَ رسولُ اللَّه: أَقَالَ: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟! قلتُ: يَا رسولَ اللَّهِ! إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاحِ، قَالَ: أَفَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لا؟! فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَومَئذٍ.

كيف يتفق هذا مع التتبير أي الإهلاك لكل ما يعلوه من المفسدين في الأرض؟ لكن الأحداث في المنطقة وما يحصل اليوم بالذات في غزة حيث لا يجد تبريرا إلا ما يدل عليه من كراهية وقتل من اجل القتل الذي يرتكبه الصهاينة طيلة تمكنهم في الأرض وما رافقه من إفساد لحياة الناس المحيطة بهم أجاب عن تساؤلي كل هذه السنين، انه ما أشار له رئيس وزراء الكيان من سفر اشعيا وسفر التثنية 20:16 ؛ 25:19 ورغم أن التوراة لعصره مشكوك في نصه لكنه فسره بإبادة الفلسطينيين طلبا للسلام وان القتل شريعة وعبادة وهذا قتل باسم الله سيضعنا أمام المتبنين وهذه النصوص جميعا في وقفة مفاصلة فلا مجاملة فيما يبدو عندما يتحول النص بفهم ما إلى واقع وكالة وليس ظرفية قدرية وتتحول آلية القتل بأحدث صناعاتها ودول تزعم أنها مسيحية إلى قتل هذه الناس وكأنها تؤمن بهذا النص وان خالف دعوة المسيح الذي صرح انه ليس ملزما بشريعة ما قبله ولم يأت من أجلها، في حين أتت بالنص القرآني خبرية وليس إجرائية، لهذا من فهم الإسلام يتجنب القتل كما فعل الأنصاري بنص الحديث.

الغرب تجاهل الشعب من اجل قناة تمر في غزة أو نبوءة نهاية العالمـ لكن ما حصل من إبادة لا شك أنها تخاطب الإنسان، لهذا نجد مظاهرات غير مسبوقة في بعض الدول الغربية رفضا لما يحصل وسلوك الحكومات المعيبة تجاه غزة وأهلها العزّل وبشكل بعيد عن الإنسانية كضرب المساكن ودور العبادة والمستشفيات والمدارس والنازحين الذي وثقوا بان نزوحهم وفق توجيه العدو للمسارات الآمنة آمنة فعلا لكنها كانت وسيلة أخرى لقتل اكبر عدد ممكن، هذه مرة أخرى جرائم باسم الله وليست عمليات حربية.

العلاقات الدولية في ظل الوهم

في ظل النصوص التي تتجاوز معناها الخبري في فهم الناس نتيجة الخلل في الجهاز المعرفي، وقراءة النص نفسه فيما يسمى العهد القديم الذي يعبر عن مشاعر إنسان حاقد مهزوم ينتقم من الناس وليس محاسبة أفعالهم، يجعلنا في تناقض مع القيم الأخلاقية، لكن تعارضه مع الدولة الحديثة تعارض استقرار وليس كقيم أخلاقية، فالدولة الحديثة والتي تحكم العالم الغربي ليست أخلاقية فهي لم تؤسس على الأخلاق، وقوننة السلوك في مجتمعاتها  للاستمرارية في العيش والاستقرار، لكن الإنسان يبقى إنسان بمنظومته العقلية لذا نرى توسع المظاهرات والاحتجاجات على ما يحصل من جرائم يساهم بها الغرب كحكومات بشكل مباشر.

لم يتجه الكيان الصهيوني لإصلاح العلاقات من اجل اليهود فالحركة سياسية استعمارية توظف النص كأي مجموعة عنصرية أو مجموعة عنف وإرعاب، وهي لا تريد علاقات رصينة وإنما تطبيع وترويض، حيث تساعد في هذا حالة الانفصال بين الشعب الممزق في المنطقة وسلطات الحكم فيه، وهذا يجعلها تسعى لعلاقات مع الكيان ليقربها من الغرب والولايات المتحدة زلفى، وتدفع الكثير أمام شيء بسيط لن تحتاجه إن أعادت تنظيم نفسها وتصالحت مع الشعب الذي تحكمه فستكون هي القوة التي تحترم في الغرب وليس كيان ضعيف يثبته الغرب نفسه وعنصر الخوف الذي تعيش فيه مذ تأسيسها ويدار لمصلحة تثبيط المشاكل الناتجة عن ثقافات اللفيف القادم من أنحاء العالم بمنظومة معرفية متناقضة وأيدولوجيات تتغلب واقعا على التدين عند الاستقرار.

حل الدولتين طوباوية تخالف الأيدلوجية:

لا أريد أن أعيد طرح حل الدولة الواحدة الذي نوهت عنه في مقال سابق، لكن حل الدولتين هو حل مؤقت لا يصمد أمام الايدلوجيا بالأجهزة المعرفية التي تتحكم بالكيان والمنطقة؛ الناس لا تفهم إن النص ليس محددا بزمان ولا يحتاج إلى أرضية تهيأ من قبلهم فهو عند المسلمين خبريا محددا بمكان وليس بزمان؛ والأمة تتغير عبر الزمن ما بين صلح وحرب، والنص الذي قاله رئيس وزراء الكيان، هو نص يستخدم للتحريض على الإبادة الجماعية وجرائم حرب في هذا العصر ، وضعف ثقافة المسئولين في الغرب تجعلهم يتصورون أن تأييد الكيان هو أصوات انتخابية ولا يهم ما يحصل للعرب والمسلمين، وهذا قصر نظر يشجعه حالة الوهن في الأمة وقياداتها الواهنة والتي لا تفهم حتى ما عندها من عوامل القوة ناهيك عن توظيفها سطحية تفكر بالبقاء على الكرسي دون أن تفكر في تنجيد هذا الكرسي المتهرئ تحتها بغلاف وسمك جديد.

إن كل ما يحصل هو توجه نحو طلب الدعم من الخارج وليس من داخل المنطقة وهذا عمليا يعني بالمحصلة اندفاع نحو نبوءة التتبير والاقتتال الصفري وليس نصرا للكيان فمشكلة الصهيونية مع العالم ومع اليهود والمسلمين والمسيحيين، ما خلا الأفكار الشاذة التي لا تمنع قضاء ولا ترتيب القدر بل الاطماع دوما تقود الى النهايات والمأساة.

 


مشاهدات 500
الكاتب محمد صالح البدراني
أضيف 2023/11/14 - 4:18 PM
آخر تحديث 2024/07/18 - 5:39 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 102 الشهر 8091 الكلي 9370163
الوقت الآن
الجمعة 2024/7/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير