مواجهة التعصب لدى الجمهور الرياضي مشكلة بحاجة إلى حل نهائي
محسن عبود كشكول
تصنف الألعاب الرياضية ضمن وسائل الفرجة والتسلية والترفيه، إلا أنها تحولت خلال العقود الأخيرة من هذا القرن إلى حلبة للمصارعة والعنف بكل أشكاله الرمزية واللفظية والمادية بين الجمهور الرياضي من جهة وبين اللاّعبين من جهة أخرى، وقد دخلت مواقع التواصل الاجتماعي على خط تغذية ذلك التعصب، مما أدى إلى خروج الرياضة عن الآداب والأخلاق والأعراف، حتى تفشت ظاهرة التعصب الرياضي وأصبح يتحكم ويوجه سلوك الجمهور الرياضي بشكل يسيء للرياضة ولجمهورها.
وبناءً على ما آلت إليه الأمور من تطرف ونظرًا لما يشكله التعصب الرياضي من خطورة على المجتمع، فقد بات مفروضًا على المؤسسات الإعلامية والمؤسسات البحثية من طرح الموضوع كإشكالية تستدعي الدراسة لمعرفة الأسباب المؤدية للتعصب الرياضي، وإلى أي مدى يمكن للمشرفين على القطاع الرياضي من التحكم في الظاهرة والاعتـــــــماد على بعض الآليات العلاجية والوقائية.
دور الــصحفي الرياضي
من المعلوم أن الجمهور الرياضي يمثل ركنًا مهمًا من أركان العملية الاتصالية، وهذا الجمهور يتميز عن غيره من متابعي الموضوعات الأخرى، ويمكن القول أن الجمهور الرياضي يتسم بكونه جمهور ضخم واسع ومتنوع وغير متجانس، سواء على وفق معايير السن ودرجة الاهتمام أو مستوى التذوق والإدراك والهواية، كما أنه جمهور مزاجي وانفعالي وعاطفي ومتقلب ومن الصعب إرضاءه وان ردود أفعاله فورية وحادة وقوية.
موافقة مسبقة
كما يتميز الجمهور الرياضي بكونه متحيز ويحدد مواقفه مسبقاً من المباراة على وفق اعتبارات ليست بالضرورة رياضية، أو أنها ليست بالضرورة ناجمة عن معطيات الحدث الرياضي والتطور الذاتي لهذا الحدث، كما أنه جمهور ليس له تقاليد راسخة وعميقة تتعلق بالتذوق والسلوك وطريقة التعبير عن المواقف والانفعالات.
ولكن لمن يريد تحمل المسؤولية والتصدي لهذا التعصب لابد أن يستثمر سمة أساسية في الجمهور الرياضي فهو مبادر وايجابي يسعى للاطلاع على الأحداث الرياضية ويبحث عنها، كما أنه جمهور معني ومهتم ومتابع وانتقادي، ومطلع يعرف القواعد والأنظمة ويتابع الأحداث والأسماء والتطورات، فضلًا عن اهتمام شرائح واسعة منه بما هو إخباري وفوري وآني ومثير وسطحي وشخصي، وبهذا يمكن استثمار روح المبادرة ووقف حالة التردي والتعصب لدى الشريحة الواسعة منه.
ولابد للصحفي أن يكون محايدًا في التعاطي مع الحدث الرياضي، لأنه يخاطب جمهور يبحث عن الحقيقة بعيدًا عن التعصب لنادٍ معين أو فريق بعينه، ومعني أن تكون محايدا هو أن تؤدي الدور الإعلامي بصدق مبني على الحقائق بهدف الفائدة.
ولابد للإعلام الرياضي من الاهتمام بالتغطية الاخبارية عبر التركيز على ما يحدث وتقديم أجوبة سريعة للحدث، فالإعلام الرياضي له أهداف ووظائف أكثر تخصصاً وبطرق تتناسب مع طبيعة الجمهور المستهدف، فهو يسعى إلى تحقيق أهداف محددة تنحصر في:
1- تزويد الجمهور بالأخبار اللازمة له لِيكَوِّن حكمه على الموضوعات العامة والتعليق على الأنباء الرياضية.
2- تقديم الآراء المختلفة عن الأحداث الرياضية والتعليق عليها وعرض الآراء ووجهات النظر المختلفة.
3- التغطية الكاملة للبطولات والأحداث الرياضية المحلية والعالمية، التعريف بالأبطال والرموز في المجال الرياضي المختلفة والتركيز على الناشئين.
4- توضيح مفهوم السلوك الرياضي والروح الرياضية، والعمل على نشر ذلك بعيدًا عن التعصب والكراهية بين أبناء الوطن.
5- نشر الثقافة الرياضية من خلال تعريف الجمهور بالقواعد و القوانين الخاصة بالألعاب والأنشطة الرياضية المختلفة والتعديلات التي قد تطرأ عليها.
6- تثبيت القيم والمبادئ والاتجاهات الرياضية والمحافظة عليها، حيث أن لكل مجتمع نسق قيمي يشكل ويحدد أنماط السلوك الرياضي متفقة مع تلك القيم والمبادئ، لأن التوافق سمة من سمات المجتمع.
7- الترويح عن الجمهور وتسليتهم، للتخفيف من ضغوط العمل وصعوبات الحياة اليومية.
مشكلات رياضية
8- نشر الأخبار والمعلومات والحقائق المتعلقة بالقضايا والمشكلات الرياضية المعاصرة ومحاولة تفسيرها والتعليق عليها لإتاحة الفرصة للرأي العام لاتخاذ ما يراه من قرارات تجاه القضايا في المجال الرياضي.
وفي ضوء ذلك ينبغي أن يتمتع الصحفي الرياضي بحاسة صحفية عالية ليتمكن من التقاط الاخبار المهمة بسهولة وان يكون قادرا على الكتابة الجيدة ويتحقق ذلك بالمران المستمر على تغطية الاحداث الرياضية بعيدًا عن كل أشكال التعصب، ومراعاة البساطة في نقل الخبر، وضرورة التخلي عن التعقيد بغرض الإثارة، وأن يتسم بالصدق والامانة والصراحة والدقة وعرض الحقائق الثابتة والاخبار الصحيحة دون تحريف أو تحيز باعتباره البث المسموع والمرئي والمكتوب للأحداث الواقعة، فهو يمثل كل الجمهور وليس جمهور ناد بعينه، فالبعض صار لا يأبه لما يكتب في المانشيتات أو ما يقدم من خلال الاستديو الرياضي من إثارة، وأن يكون محبًا لمهنته لا يشغله شيئًا عن عمله، حيث حبه للرياضة وتغطية أحداثها والارتقاء بمستواها من كل النواحي هدفه ورسالته في الحياة.
ومن جانب آخر لابد أن يلتزم الصحفي الرياضي في اعتماد النقد البناء القائم على أسباب حقيقية وبراهين ثابتة وأن يسعى الى نبذ التعصب الأعمى والعمل على تنوير الاذهان وتثقيف العقول والترويج للسلوك الرياضي والروح الرياضية المثالية، وان يكون عادلا وبعيدا عن التطرف والكراهية، وأن يسخر كتاباته في نشر التعاون والانسجام بين اللاعبين وهواة الرياضة، وأن يبتعد عن الالفاظ غير التربوية في كتاباته حتى لا يؤدي الى افساد الذوق العام والهبوط بمستوى الجمهور وزجه في أتون التعصب والتطرف.