الحيرة أول مملكة عربية في التاريخ لا تزال لغزاً
علي قاسم الكعبي
المقدمة
عند الحديث عن تاريخ العراق يأخذك الشعور بالغبطة والثقة بالنفس والتفاخر بعراقتيك وكيف لا يكون ذلك فانت ترتبط ب تلك الجذور العميقة الموغلة بالقدم في التاريخ بل انت التاريخ أجمعه إذ ماتزال ارضة تحوي بين كل ذرة تراب كنزً من كنوز حضارته التي ماتزال غير مكتشفة كلياً" فمنذ وقت قريب كشفت البعثة الروسية آثار مدينة غير معروفة يتجاوز عمرها 4000 عام في ذي قار يرجح بأنها كانت تمثل ميناءً بحرياً.
ان الحديث عن العراق حديث ذو شجون فكلما تقلب أوراقه السمراء الموغلة بالقدم تشعر بالفخر والاعتزاز فتوح من خلال عطرها تلك الأرض الطيبة وتتجسد فيها معاني البطولة والكرم والشجاعة والفصاحة والبلاغة لقد كتب أحد الباحثين سطرا جميلا عن العراق "ان كل فاسا تضرب على أرضه تخرج منها الكنوز كالينابيع التي تدر ماء عذبا "
.إن الحروف لتقف عاجزة وخجلة في كتابة فصوله وكيف لا تطأطأ الحروف راسها وهي تكتب عن بلدا علم الناس الكتابة وساهم في نشر المعرفة كريما منذ نشاتة فقد كشفت اخبار التنقيب بان اطول واكبر مادبة طعام(عزيمة) بالعالم والتاريخ القديم والحديث هي مسجلة في موسوعة جنيس للأرقام القياسية باسم العراق تلك الوليمة كانت عام 883 ق م بمدينة نمرود بمناسبة افتتاح احد قصور ملوك اشور حيث شهدت حضور 70 الف شخص ؟ وما بحثنا اليوم الا أنموذجا لواحدة من تلك المدن العراقية التي تنحني أمامها حروف المؤرخين وتطأ طآ لها الرؤوس قبل الفؤوس التي اكتشفتها فانت امام هذا المنجز الحضاري لتلك المدينة التي جمعت كل مقومات الحياة الجديدة حيث تحولت فيه الحياة الى الاستقرار من خلال الزراعة والإنتاج والتجارة وبنيت تلك الحضارة بايدي عربية وان كانت متأثرة الحضارتين الفارسية والبيزنطينة لكنها استطاعت ان تخط لها طريقا سمي باسمها لقد ساهمت المدينة بنضوج الإنتاج الفكري والثقافي والديني ومن خلالها انتشرت الكتابة كما ذكر القلقشندي حتى انة قيل لقريش ممن تعلمت الخط قالوا من الحيرة؟؟
يرجع الكثير من العرب الكتابة العربية إلى زيد بن عدي في الحيرة، وكان زيد هذا أول من كتب العربية في ديوان كسرى، وكان يُعلم أولاد الحيرة الكتابة والقراءة في المدارس في وقت كان يجهلها أكبر شعراء العربية، وفي الحيرة تطور الخط العربي قبل ان يصل لحالته المعاصرة، ويرى المؤرخين ان أوليات تطور الخط العربي كان الحيري والأنباري والجزم.
متى نشأت الحيرة والظروف التي أدت لذلك
رغم ان كل شيء في التاريخ هو مازال مثار جدل وخاصة هذه الحضارة التي حيرت المؤرخين منذ نشأتها الى أسباب اندثارها وزوالها فقد قيل انها نشأت في أواخر القرن الثاني للميلاد حيث اسس احد التنوخيين وهو جذيمة ابن الأبرش مملكة عربية في هذه المنطقة وعرف ملوك الحيرة باللخميين ، وبالنص) وعرفوا ايضا (بالنعامنة) و بـ(المناذرة) ، وذلك لشيوع اسم النعمان واسم المنذر ، وعرفوا ايضا (بال محرق) وفيهم يقول الشاعر الأسود بن يعفر:
و في الحيرة ظهرت امارة المناذرة وهم بني لخم او اللخميين وكانوا يدينون بالمسيحية النسطورية ويتكلمون اللغة الآرامية. وكان لموقعها أهمية كبيرة لأنها تقع على ملتقى أهم طرق التجارة البرية التي تربط بين الجزيرة العربية ووادي الرافدين من جهة وبين وادي الرافدين والشام من جهة اخرى، اضافة الى قربها من المناطق الزراعية التي تقع غرب نهر الفرات.
يختلف المؤرخون العرب حول المدة التي امتد فيها حكم الحيرة بين من يقول ان المدينة حكمها 20 ملكا مدة تزيد عن خمسة قرون ومن يحدد مدة حكمهم بالفترة ما بين 334 602 بعد الميلاد.
وبحسب المؤرخين فان مملكة الحيرة امتد وجودها الى مرحلة الدولة العباسية، وحديثاً تم العثور على آثار ومسكوكات ترجع الى الفترة الأموية والعباسية في داخل الأديرة التي اكتشفت في جنوب مدينة النجف.
أهمية الحيرة لا تنبع من الناحية السياسية والعسكرية فحسب بل لكونها انشأت حضارة عربية خالصة، وطورت الحرف العربي الذي نقل فيما بعد الى مكة، ولأهميتها الادبية فمن بين الشعراء السبعة الذين علقت قصائدهم على جدران الكعبة - اشعار المعلقات ـ هناك خمسة ارتبطوا ببلاط المناذرة او الحيرة، كما ان الحيرة طورت نظامها المعماري وقصورها وكلما ذكرت الحيرة ذكرت قصورها 'الخورنق' والسدير'
الموقع قديما وحديثاً
تقع الحيرة في ضمن منطقة السهل الرسوبي لبلاد ما بين النهرين عند الأطراف الشمالية الغربية لبادية السماوة، وهي تبعد مسافة (15كم) إلى الجنوب الغربي من مدينة الكوفة، ونحو (10كم) جنوب شرقي النجف، نشأت مدينة الحيرة في منطقة سهلة منبسطة على حافة البادية، بين نهر الفرات و(بحر النجف)، وذكر (الحموي) أن الحيرة" مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النجف زعموا أن بحر فارس كان يتصل به ويقال لها الحيرة الروحاء))،ويتميز موقع الحيرة بميزات رائعة يصفها (القلقشندي): ((بصحة هوائها وطيب مائها ونزهة ظاهرها تصلح للخف والظلف محل الملوك ومزارهم ومسكنهم ومثواهم واليوم هي احد اقضية محافظة النجف وتعد المدينة مكانا اثريا وتاريخيا مهم في حضارة العراق.....
التسمية
فمثلما هنالك اراء متباينة في فترة نشاتها فذاتها الاراء متنوعة هي الاخرى في اصل تسميتها حيث قيل إن العرب هم الذين سموها هذا الاسم من الحيرة أو الضلال، ولكن الصحيح أن اللفظ سرياني، مأخوذ من كلمة حرتا ومعناها الحصن أو الدير، وقد بدأت هذه المدينة صغيرة شأن كل المدن، ثم ازدهرت على مر الأيام في عهد دولة المناذرة آل نصر اللخميين. وهنالك من يذهب الى ان التسمية وردت فيها آراء عديدة، فمنهم من قال أنها سميت الحيرة لان تبعاً الأكبر لما قصد خراسان خلف ضعافاً ومرضى جنده بذلك الموضع، وقال لهم حيروا به أي أقيموا به، أو أنها سميت الحيرة لأن تبعاً لما أقبل بجيوشه فبلغ موضع الحيرة ضلَّ دليله وتحير فسميت الحيرة، وأورد (الحموي) رواية مفادها أن الاردوان وهو أحد ملوك النبط قد بنى حيراً فأنزله من أعانه من العرب في حربه ضد الملك الفارسي أردشير، فسمي ذلك الحير الحيرة، وهناك من يرى أن التسمية جاءت من الـ(حير) وهو الموضع المطمئن الوسط المرتفع الحروف، وسميت بالحيرة البيضاء لحسنها، وهناك رأي هو أن التسمية مشتقة من كلمة حرتا Harta الآرامية أو حيرتو السريانية، وكلا الكلمتان تعنيان المخيم أو المعسكر أو المقام) الجانب الاقتصادي)
القبائل العربية التي سكنتهاأما سكانها فقد قسمهم ابن الكلبي إلى ثلاثة أقسام:
تنوخ: وهؤلاء هم العرب الذين نزحوا من البحرين، وقد اختلف الباحثون في أصلهم، هل هم عدنانيون أم قحطانيون؟
العباد: وهؤلاء هم الفريق الأصلي، الذي كان متوطنًا في تلك المنطقة، والذين يؤخذ من تاريخهم أنهم كانوا نصارى على المذهب النسطوري، وأنهم كانوا أهل قراءة وكتابة وعلم بالإنجيل، وكانوا يزاولون الصناعة والتجارة أيضًا، وربما سموا بالعباد؛ لأنهم كانوا يعبدون الله «أو المسيح» وهذا وتشير اكثر المصادر ان اغلب سكان الحيرة كانوا من عرب الشمال العدنانيين بالرغم من ان ملوكهم اللخميون كانوا ينتمون الى عرب الجنوب القحطانيين.
الأحلاف: وهم بعض أفراد من العرب، هجروا بلادهم لسبب من الأسباب، ونزلوا على تنوخ والعباد، وارتبطوا معهم برباط حلف، فسموا لذلك الاحلاف...
الاستقلالية ودورها لحماية العرب...
لقد لعبت الحيرة دورا فعالاً في الفصل بين العرب والفرس من جهة، وبين العرب والروم من جهة اخرى. وهنالك ثمة حقيقة إلى أن ملوك الحيرة، وجدوا من حسن السياسة أن يظلوا على صداقتهم مع الفرس، لكن أمراء الحيرة وإن تبعوا أكاسرة الفرس إلا أنهم حافظوا على إستقلالهم بل وفرضوا الجزية على الامبراطورية الرومانية الشرقية، حيث كانوا يتلقون المال من جستينان لتأمين الجبهة من جانبهم وشراء رضاهم، ولكن ابنه جستين الثاني توقف عن دفع المال متعللا انها هبة او هدية مما اضطر المناذرة لارسال وفد من اربعين شخصا على رأسه مبعوث فارسي لبحث الازمة وعلى العموم فانه في سياق الحيرة يظل الصراع العربي - الفارسي محكوما في ظروف المملكة الفارسية وحمل ابعادا سياسية ودينية وثقافية لغوية. وبرز بشكل واضح في عهد اردشير وابنه شابور الاول
فمن ناحية سياسية كان هناك عدم راحة من جانب الفرس لاعتمادهم على أبناء الصحراء من اجل حماية تخوم مملكتهم ومن ناحية اخرى فشل الفرس من نشر ديانتهم بين العرب الذين تقبل قطاع منهم الديانة المسيحية، أما الامر الآخر فيتعلق برفض العرب التزاوج من الفرس مما حدا بكسرى للتساؤل عن مميزات العرب التي تجعلهم في وضع يفتخرون بأنفسهم ولديهم من العيوب ما لديهم والتي اوردها الملك الفارسي. وقد عد الفرس رفض العرب الزواج من اميراتهم اهانة وكان واحدا من الأسباب التي أدت لأمر كسرى قتل النعمان.
كان احد دهاقنة الفرس قد تنبأ لواحد من الاكاسرة قائلا 'سيأتي يوم يحكم فيه العرب الفرس'، وقد حدث هذا من خلال الاسلام، ولم يعن دخول الفرس الاسلام في المرحلة الاولى تخليهم عن فخرهم بأنفسهم وعلوهم على العرب، فهم داخل المنظومة الجـــــديدة صاروا موالي، ولكنهم عادوا وتحالفوا مع أعداء الأمويين، العباسيين، واستطاعوا طبع الدولة العباسية بطابعهم الساساني. الاشكالية ان فكرة الشعوبية وحركات الزندقة ارتبــــــــطت بهذا الخلاف الثقافي وقد استخدم في اكثر من مرة من أجل تأكيد الخلاف، وقد نجح باستخدامه دعاة القومية من كلا الطرفين.
العراق يخسر أمام المغرب في نهائي الجامعات العربية للصالات
أوليفيا لاينغ في الرحلة إلى ايكوسبرينغ
الميناء يغرق بإفتتاح ملعبه الأولمبي بعد إخفاقه أمام الكويت ودّياً
قصة أول كعكة عيد ميلاد في الهند
كأس التنظيم .. أولاً
ماكرون الإيراني
فرقة سومريات في أول ظهور لها على المسرح الوطني
ملحميات عبد الرزاق ياسر تعيدنا لأكتشاف قواعد الرسم الشرقي الأولى
