خان الكابولي أول مقر للجيش العراقي

جواد الرميثي 

بعد تأسيس الجيش العراقي  في 6 كانون الثاني 1921 ، في عهد الملك  فيصل الأول ،  استخدم هذا المكان موقعا لتدريبات الفوج الأول في اللواء الأول الذي سُمّي (فوج موسى الكاظم ) والذي تميز منتسبوه بوضع الشارة أو الخيط الأحمر على (السدارة) التي كانوا يرتدونها  ، وكان أول امر للفوج هو أحمد سري بن صالح  ، ومنهم من يذكر بأن العقيد محمد أمين عبد الغفور البرزنجي هو او أول الآمرين .

يقع (خان الكابولي) ، ويسمى  أحيانا (خان الكعبولي) والذي شُيّد في العهد العثماني في مدينة الكاظمية ، وترجع تسميته نسبة الى مدينة (كابل) عاصمة أفغانستان ، حيث شيده  تاجرا افغانيا ثريا من مدينة (كابل) ومقيما في مدينة كربلاء ، لتأمين إيواء الزوار الافغان عند قدومهم لزيارة العتبات المقدسة ،  ويقع الخان على بُعد 450 متر فقط من المشهد الكاظمي  ، بين ساحة الزهراء من منطقة الشوصة وبين المنطقة الصناعية التي هي مدخله الرئيسي ، وكانت منطقة نقل الكاريات تمر عبره متجهة الى الجعيفر في الكرخ .

يُعد أكبر خان في مدينة  بغداد ، حيث بلغت مساحتهُ حوالي 9000 (تسعة آلاف) متر مربع ويتألف من طابقين ، أي حوالي نصف المساحة الأرضية للمشهد الكاظمي ،   هذه البناية العملاقة في مقاييس مدينة بغداد قديماً ،  لم تكن خانا واحدا ، بل خانين اثنين ملتصقين وكأنهما بناية واحدة ، طولها حوالي 150 متر وعرضها 60 متر ، ومحورها الطولي متعامد مع اتجاه القبلة ، كما ان الساحة الكبيرة المقابلة لمدينة الكاظمية كانت ايضا موقوفة للخان ، واستعملت من قبل الجيشين البريطاني والعراقي للتدريب .

مساحة الخان

بلغت مساحة الخان الأكبر (الشمالي الغربي) 4800 متر مربع، وكان مخصصا لسكن الزوار وعوائلهم . بينما بلغت مساحة الخان الأصغر (الجنوبي الشرقي) 4200 متر ، وكان مخصصا للتجار ،  وفيه محلات لعرض وبيع البضائع .

 صُمم وكأنه بيت بغدادي كبير ، وليس كخان حضري اعتيادي ، وكان يتكون من طابقين :

العلوي فيه طارمة من الاعمدة (الدلكات) الخشبية ذات التيجان المقرنصة وغرف للزوار حول الحوشين الداخليين وسقوفها مزخرفة بالخشب والمرايا .

اما الطابق الأرضي فكان يتكون من غرف مرفوعة قليلا عن مستوى الأرض ومخصصة للزوار ومشيدة بعقود أجرية (طابوق فرشي 30سم مربع) متينة ، شبه دائرية وليست مدببة كما جرت العادة .

 تشير الصور الفوتوغرافية  المتوفرة لتلك الحقبة الى وجود سراديب نصفية (نيم سرداب) كما هو مألوف في البيوت البغدادية ، وذلك لتوفير مساحات باردة ومريحة للزوار اثناء فصل الصيف الحار .

يلاحظ وجود ثلاث فتحات مقوسة تحت كل غرفة للتهوية والاضاءة طبيعية ،  هذا يعني ان كل غرفة في الطابق الارضي كان لها درج صغير يؤدي الى سرداب نصفي خاص بها .

تُشير الصور الفوتوغرافية الملتقطة للخان ان تاريخ تشييده ينحصر بين 1870 وحتى 1900. ويرجح انه مشيد خلال العقد 1880-1890، وان البنائين البغداديين هم الذين بنوه ، لان لمسات الطابع العراقي واضحة جدا في تفاصيله .

في منتصف عقد الخمسينات ،  قامت  بلدية الكاظمية بهدم  خان الكابولي  بحجة واهية ، وقسمت أرضه الكبيرة الى قطع صغيرة وزعتها على عدد من الناس ، وبهذا اندثر أثر تاريخي كبير شَهِد تأسيس أول نواة للجيش العراقي ( فوج موسى الكاظم ) .