المشهد السياسي العراقي.. لقاء المالكي والخزعلي ودلالاته
انتظار العظيمي
شكل لقاء زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي مع الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي خطوة سياسية مهمة تستحق التحليل، خصوصاً في ظل التحولات الداخلية والإقليمية التي يمر بها العراق. فبينما يُنظر إلى المالكي كأحد أبرز السياسيين العراقيين أصحاب النفوذ التنظيمي والسياسي، يمثل الخزعلي صوتاً قوياً في الساحة الشعبية والميدانية من خلال دوره في الحشد الشعبي والحركات الموالية للوطنية العراقية.
مسارات وطنية
من منظور استراتيجي، يأتي هذا اللقاء في وقت يحتاج فيه العراق إلى إعادة ترتـــــــــــــيب أولوياته السياسية والتوافق حول المسارات الوطـــــــــــــــــنية الأساسية.
المالكي، المعروف بقدرته على تحريك التحالفات المعقدة، يبدو أنه يسعى إلى تعزيز جناحه السياسي عبر توثيق علاقاته مع القوى الفاعلة على الأرض، خصوصاً تلك التي تتمتع بوجود شعبي وأمني مؤثر، مثل عصائب أهل الحق بقيادة الخزعلي. في المقابل، يمثل الخزعلي أهمية كبرى في ضمان توافق القوى الميدانية مع الخطط السياسية، بما يعزز الاستقرار النسبي ويحد من أي تصعيد محتمل.
على الصعيد السياسي، يمكن قراءة هذا اللقاء على أنه محاولة لبناء جبهة وطنية متماسكة قادرة على مواجهة التحديات الداخلية، سواء كانت تتعلق بالاستحقاقات الانتخابية القادمة، أو بالضغط على الحكومة لتحسين الأداء الخدمي، أو حتى ضبط المشهد الأمني والسياسي في مواجهة أي تهديدات خارجية أو داخلية. التوافق بين المالكي والخزعلي يمكن أن يشكل نموذجاً للتعاون بين القوى السياسية التقليدية والقوى الميدانية التي تمتلك قاعدة شعبية قوية، وهو ما قد ينعكس على صياغة تحالفات جديدة أو إعادة ترتيب التوازنات داخل البرلمان والحكومة.
مواجهة تحديات
من منظور أمني واستراتيجي، اللقاء يشير إلى إدراك الطرفين لأهمية توحيد الجهود في مواجهة التحديات، خصوصاً المتعلقة بالتهديدات الأمنية وحماية مكتسبات الدولة. التأكيد على دور الحشد الشعبي والقوات الأمنية يعكس رغبة مشتركة في ضمان استقرار العراق من دون الانجرار إلى صراعات جانبية، مع الحفاظ على هيـــــــــبة الدولة وسيادة القانون.
يمكن القول إن لقاء المالكي والخزعلي ليس مجرد تلاقي شخصيات سياسية، بل هو مؤشر على تحرك استراتيجي لإعادة ترتيب الأوراق في المشهد العراقي. وهو يعكس أيضاً أن اللعبة السياسية في العراق تتطلب تنسيقاً دقيقاً بين النفوذ السياسي والقدرة الميدانية، وأن التوافق بين القوى التقليدية والقوى الشعبية أصبح ضرورة حيوية لتعزيز الاستقرار وتحقيق أهداف الدولة والمواطنين على حد سواء.