فن التعايش مع الاختلاف
سامي آل كــــــصاد
اختلاف الأفكار حالة صحية وطبيعية، ولكي نعيش حياتنا ونتعايش إيجابيًا، من الضروري أن نتقبل الاختلاف فيما بيننا. ليس شرطًا أن تقتنع بما أقتنع به أنا، وليس من الضرورة أن أرى ما تراه أنت؛ فالاختلاف شيء طبيعي في حياتنا. ومن المستحيل أن ننظر جميعًا إلى الأمور من زاوية واحدة بزاوية 360 درجة. لذا علينا أن نتعايش لمعرفة بعضنا البعض، لا من أجل التغيير أو النقد أو التجاوز.
أنماط البشر تختلف إيجابيًا وتكامليًا؛ فقد تصلح أنت لأشياء لا أصلح لها أنا، والعكس صحيح. فالمواقف والأحداث تغيّر كثيرًا من أنماط الناس وأفكارهم وحتى سلوكهم.
كثيرًا ما أفهم أفكارك وطروحاتك، وهذا لا يعني أنني اقتنعت بما تقول. في بعض الأحيان أنزعج من أبسط الأمور، وقد لا يزعجك ذلك. وفي أحيان أخرى قد نتحاور ونسلط الضوء على موضوع أو فكرة معينة، وليس بالضرورة أن تقنعني أو أقنعك. هذا ليس واجبًا علينا، لكن يمكننا أن نساعد بعضنا البعض على توضيح وجهات النظر وتفهّمها.
لا تكن متوترًا، وحاول فهم ما أريد الوصول إليه. لا تكن قاضيًا على أفكاري وطروحاتي، ولا تتصيد عثراتي. كذلك، لا تتسرع في الحكم على سلوكي، ولا تحاول أن تكون أستاذًا لتعليم أخطائي، بل كن مساعدًا لي كي أفهم وجهات نظرك. تقبّلني كما أنا، وسأقبلك كما أنت.
فالاختلاف بيننا يجعلنا متفاعلين. عاملني كما تحب أن أعاملك، فالحياة تقوم على الثنائية والتكامل، وأنا وأنت جزء مهم في منظومتها. كل شيء في الحياة يتغير؛ فأبناؤنا وأحفادنا يعيشون في زمن يختلف عن زماننا. الاختلاف في كثير من الأحيان يولد الإبداع، والتمسك بالضوابط بشكل مبالغ فيه قد يشل حركة الإنسان.
نحن على كوكب يدور منذ الأزل، وفي كل ثانية يحدث فيه اختلاف. لو كنا جميعًا بفكر واحد، لقتل ذلك الإبداع. علينا أن نبحث عن نقاط الصواب، لا عن الأخطاء. ولا تنسَ أن الحياة تتسع لي ولك ولغيرنا.
صحيح أنني لا أرى وجهي، لكنك تراه. ولولا اختلافك، لما كنت أنا مختلفًا. كلانا بحاجة إلى الآخر. فإن حمَيتَ ظهري في موقف ما، ستراني أبادلك نفس المشاعر؛ لأننا لا نستطيع أن نأكل أكثر من ملء معدتنا. كما أن لك حقًا، فلغيرك حق.
ولا تنسَ أن الألوان جميلة ومختلفة، وقد أبدع الفنانون في توظيفها رغم اختلافاتهم.