بشير أحمد يعد الدراسة الأكاديمية ضرورة لتعزيز الموهبة: شعور غريب وجميل منحني اللذة الأولى لفن الكرافيك
بابـل - كاظـم بهـيّـة
فنان استطاع ان يشكل حالة نوعية في عالم فن الحفر والطباعة (الكرافيك)، بما يمتلكه من موهبة ومن خلال ما يقدمه من ابداع بسبب ارتباطه الموضوعي بالإنسان، ومساهمته الفعلية في تجسيد قضاياه فنجده متجذرا في ارضيته والتزامه معه، وهذا ما ظهر جليا في اعماله وما يقدمه من ابداع ، انه الفنان بشير أحمد – مواليد بابل 1958 ، دكتوراه فنون تشكيلية من جامعة بابل ، تدريسي في كلية فنون القادسية ، عضو نقابة الفنانين ، عضو جمعية التشكيليين العراقيين. تم اختياره افضل فنان مشارك لجائزة رافع الناصري السنوية للدورة الرابعة 2017 في عمان بالاردن لفن الحفر والطباعة، بمشاركة 20 فنانا عربيا.
فكيف بدأ مشواره مع الفن التشكيلي، واين رسا على ساحل من سواحله الآن، هذا ما تحدث عنه بشير احمد خلال هذا الحوار قائلا : بشغفٍ جامح ورغبة داخلية دافعة خطت يداي اول عملٍ تخطيطيٍ في كلية الفنون الجميلة بابل 2004 مع أستاذي الفنان علي شاكر نعمة في المرحلة الأولى لمادة التخطيط والألوان، عندما جهزَ لنا (ست لايف) «حياة صامتة» في أول محاضره وطلب من جميع الطلبة يكون التخطيط أولًا بتأني . أنجزت التخطيط بسرعة وبدقائق وجيزة ناديت أستاذي لقد أنجزت التخطيط، وقال لي (لماذا العجلة؟) وتقبل التخطيط بكل أريحية. وطلب منا بعد الاستراحة أن نُنَفِّذَ الشكل بالألوان المائية ونتعامل مع الألوان بشفافية ونقل المكونات الموجودة في الشكل ، ثم الرسم بقلم رصاص فاتح للسيطرة على الشكل وتعبئته بالألوان المائية بفعل الألوان صارخة وأثناء الرسم مَرَّ بجانبي أستاذ المادة وقال لي: لم ارَ هذه الألوان في الست لايف؟، كانت إجابتي له عفوية (انطيك عيوني وشوف الألوان) وضع يده المقدسة على كتفي مع ابتسامة جميلة وقال لي: يجب أن تتمرن كثيرًا لكي تصبح فنان جيد ،المدرسة التعبيرية هي من وضعت رحالي عنده لكي أظهر صوري الذهنية على السطح التصويري.
□ هل كانت الموهبة عاملا أساسيا في تعزيز امكانيتك بالتشكيل بالإضافة إلى دراستك الأكاديمية؟
-الدراسة الأكاديمية ضرورةٌ لا بُدَّ منها لتعزز وجوداً جامح الموهبة، من خلال التعرف على نظم ومعايير (نظرية وإجرائية) وأخط لنفسي نهج غير نمطي في تأسيس استراتيجية جديدة لإخراج العمل الفني لمسايرة النظم الجمالية المعاصرة.
□ ما الذي جذبك الى فن الكرافيك دون بقية الفنون الأخرى؟
-شدَّني لفن الكرافيك مقولة أستاذي الفنان كامل الشيخ (المخطط الجديد يكون حفار جديد) باعتباره معياراً متبع يصرح به الفنان رافع الناصري وباقي الحفارين في معهد الفنون الجميلة، وبالتالي حفزني أستاذي الشيخ ، بكتابة سمنار عن فن الكرافيك العراقي في السنة التحضيرية الاولى 2010. وبعدها بـ 8 سنوات حصلت على جائزة رافع الناصري وإقامة معرض شخصي في المتحف الوطني الاردني في توليدية مشروع بتقنية السلك سكرين ، مكون من 10 نماذج متوالية مترابطة تحمل عنوان واحد (الحراك المصمت). لنص اسطوري بابلي قديم. فالكرافيك تحول من مجرد مقولة شعاراتية قد تكون خرجت بعفوية اكاديمية، من أستاذ نقي السريرة العلمية، الى نهج معرفي ومنهج فني خاص انتهجه واعدّ نفسي من مريديه ورواده المعاصرين.
قاعدة فنية
□ وهل تمكنت من تكوين قاعدة فنية تميزك عن غيرك؟
-لا يمكن لأي فنان أن يُنظِّر لقاعدته الفنية التي تميزه عن غيره ،لان هذا شأن النقاد الذين ما برحوا يفتشون عن جيد الاعمال من غيرها ويقومون المشاريع وتقيموها، لكن اذا اردنا حصر المسار الفني الذي انتهجه فإنّ الحقل التجريبي و التأويلي، هو المضمار الذي اراه ناجعاً لكل فنان دؤوب في بناء كيانه الجمالي الذي ينقله من العقل إلى الإحساس ومن الفكر إلى الحواس.
□ ما المدرسة الفنية التشكيلية الأبرز في خارطة المشهد التشكيلي العام؟
-سؤال صعب؛ حيث ليس لمن هو مثلي الحق في تفضيل هذه المدرسة على تلك؛ فهناك مقولة عند الشعراء (ليس كل الابيات لك) فكل تيارات الفن التشكيلي لها معايير (نظرية وإجرائية) ومنتمين منهم للتعبيرية وللانطباعية والتجريدية...والخ ، وما اراه جيد قد يكون بعينك غير ذلك والعكس صحيح.
□ وهل ينبغي على الفنان أن يبدأ بالأسلوب الواقعي حتى تكون لديه مرجعية لأسس اللون وتكوين لوحته؟
-بالتأكيد؛ لابد للفنان من هذه الانتقالة المنطقية كي يفهم تشكيل الواقع المحيط من حيث التمرين المستمر لعناصر التكوين الفني للتعرف على نفسه ادائيًا وفق مفردات الموضوع المراد إخراجه ،حتى يحقق مبتغاه الإبداعي.
□ ما المادة التي تفضل الرسم عليها ولماذا؟
-الورق بأنواعه وقماش الكانفاس وأي مادة تستقبل الواني ومفرداتي، مع ترويضي لها وفق التقنية والأسلوب.
□ ما الذي يثيرك ويحرك مشاعرك ويدفعك لرسم افكارك على اللوحة؟
-الابداع يبدأ من اثارة وهذه الاثارة سلبية كانت ام إيجابية، لابد لها من أن تترك بصمة في الفنان وتجبره على أن يقدم عملاً قد يكون بقياس 10x10 متر، او يكون على ورقة دفتر ملاحظات صغير، فكل ما يدور في ذهني من مواقف حياتية تمس الإنسان، الحيوان، والنبات وكل ما يثيرني من أشياء مهمشة، مشاهد الريف، وجوه حادة، الحرف اليدوية. الاساطير القديمة هي محركات طبيعية ومثيرات فنية لأعمالي.
□ ماهو شعورك مع أول قطعة كرافك كانت من أعمالك، وهل تعتمد الرسم او التخطيط لنموذج بعملك؟
-انجاز أول طبعة فنية في المرحلة الثانية بتقنية المونوتايب (الطبعة الأحادية)، تقنية تعتمد على الرسم ،وكان شعور غريب وجميل منحني اللذة الاولى لفن الكرافيك، وكل تقنيات فن الكرافيك تعتمد على التخطيط لأنه لا وجود لأي شكل بدون تخطيط.
□ برأيك أيهما يعتبر أكثر تأثيرا على المتلقي، اللوحة الزيتية أم لوحة الكرافيك؟
- الفن هو حسن إدارة العلاقات الموجود في كل تقنية، أن كانت من فن الرسم أو من فن الكرافيك، بالنتيجة الدهشة والاثارة هي الفيصل بين العمل الفني وانتاجه.