أين الأصالة من النذالة ؟
حسين الصدر
-1-
طبائع الناس واخلاقيتهم ليست واحدة .
فهناك من يستسقى به الغمام طيبة وسماحاً ونبلا ،
وهناك من هو صاحب خبث ودناءة وسوء تصرف .
-2-
يقول الشاعر :
ولربما ابتسم الكريم من الأذى
وضميرهُ من حَرِّهِ يتأوهُ
ولربما خزنَ التقيُّ لسانَه
حَذَرَ الجوابِ وانّه لَمُفَوَّهُ
-3 –
الكريم الذي يُساء اليه ، قد يقابل الإساءة بالابتسامة، يفتر ثغره عنها ،وهو يصطلي بنار الانتهاكات الفظيعة لحرمته .
انه ليس عاجزاً عن رد الصاع صاعين للمسيء ،ولكنّه يأبى ذلك ، لانه لا يسمح لنفسه أنْ تتخلى عما التزَمَتْهُ مِنْ قِيمٍ وأخلاق عاليةٍ في تعاملاتها حتى مع المسيئين .
إنَّ مَثَلَهُ مَثَلُ الشجرة المثمرة متى ما قذفها الرامي بالحجارة أسقطتْ عليه ثمرها الطيّب .
وهناك من عرفوا بأنهم أصحاب ألسنةٍ حداد يسلقون بها الابرار فضلاً عن نظرائهم الأشرار .
ولاشك انّ جراحات اللسان موجعة :
قال الشاعر :
جراحات السِنان لها التئامٌ
ولا يلتامُ ما جَرَحَ اللسانُ
ومع ذلك لنْ يرد أصحاب الورع والرصانة على مَنْ يقذفهم بسهامِهِ الموجعة ، ليس عن عجز او عدم قدرة على الرد المفحم، ولكنّ عن ترفعٍ وإصرار على التزام الموقف الصائب والكلام الجميل .
ومما يؤسفنا كثيرا انَّ الثوابت الأخلاقية قد مُنيت بالاهتزاز على يد جيل الكتروني لا يُعير الاخلاق ما تستحق من عناية ورعاية .
والى هذا الضعف في الوازع الأخلاقي تنسب معظم مشاكلنا الراهنة .
انّ الاخلاق هي العمود الفقري للسلام والوئام الاجتماعي
وكما قال الشاعر :
وانما الأمم الاخلاق ما بقيتْ
فان هُمُ ذهبتْ اخلاقُهُم ذهبوا