الناس معادن
حسين الصدر
-1-
روي عن الرسول الأعظم محمد (ص) أنه قال :
{ الناس معادن كمعادن الذهب والفضة }
-2-
انّ التفاوت في الطباع والأخلاق والتعامل مع الأشخاص والاحداث فتح الباب للتصنيف الى ( أبرارٍ) و (فجّار) .
وقد قال تعالى :
{ إنَّ الابرارَ لفي نعيم وإنّ الفُجّار لفي جحيم }
الانفطار /14
-3 –
والسعيد مَنْ يحظى بأصدقاء هُمْ كالذهب فهؤلاء نعم الذخيرة في الدنيا والآخرة
قال تعالى :
{ الاخلاء يومئذ بعضهُم لبعضٍ عدوٌ الا المتقين }
الزخرف / 67
-4-
وأراني بحاجة الى أنْ أُقدّم لكم مثالا واحداً للصديق الذهب الذي عجزتُ عن ردّ الجميل اليه ،ذلك انه في منتهى الشهامة والأصالة والوفاء.
اضطررت عام 1979 الى مغادرة الوطن بعد أنْ تَمَّ اعتقالي وتعذيبي الشديد في مديرية الامن العامة ببغداد وقررت أنْ أفرّ بديني الى الخارج فسلّمت مفتاح الدار الى وكيلي وقلت له :
إعرض الدار للايجار مع الأثاث، وبوغت الوكيل بملاحقة الأجهزة الأمنية له واخطاره بوجوب سداد ما يزيد على الثمانية آلاف دينار هي بدلات ايجار الدار خلال عدة سنوات معللين ذلك بانَّ الدار دارهم ولم يكونوا قد أشعروا وكيلنا بمصادرتهم للدار وان يكون السداد خلال 24 ساعة .
وهذا ما أربك وكيلنا وجعله في حيرة من أمره .
من اين سيوفر لهم هذا المبلغ ؟
واتجه الوكيل الى صديقنا الذهب – حفظه الله – وأخبره بما جرى ، فما كان من هذا الصديق الكريم الاّ ان جاء بالمبلغ كاملاً وقال له :
ادفعه لهم لتنجو من الملاحقة، وتردد الوكيل في القبول ، وقال له :
كيف لي ان أسدد لك المبلغ ؟
فأجابه :
ليس عليك أنْ تسدد لي شيئا وتبقى المسألة بيني وبين (السيد) أي بَيْنَه وبيني ..
وعند عودتي الى العراق أبرأ ذمتي من الدَيْن ، وأضاف الى مكرمته السابقة مكرمة جديدة .
أدعو الله سبحانه أنْ يحميه من كل سوء وأنْ يطيل عمره في خير وعافية
، فقد غمرنا بلطفه واحسانه وموقفه النبيل الذي لا يُنسى .
كما أدعو الله سبحانه بالتوفيق لكل الطيبين من أصحاب المروءات فهؤلاء هم الوجه الناصع للاستقامة والشهامة والنبل .
انّ خير الناس هم من ينفع الناس وصديقنا الذهب في طليعتهم .-