الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تجليات‭ ‬الحسنات

بواسطة azzaman

تجليات‭ ‬الحسنات

محمد غاني

 

يخبر‭ ‬احدنا‭ ‬زوجته‭ ‬انه‭ ‬اشترى‭ ‬سيارة‭ ‬جديدة،‭ ‬ويترك‭ ‬لها‭ ‬باب‭ ‬التصور‭ ‬مفتوحا‭ ‬لتحدي‭ ‬ذوقه‭ ‬في‭ ‬الاختيار‭ ‬حتى‭ ‬يقيس‭ ‬درجة‭ ‬الموافقات‭ ‬بين‭ ‬اختياراته‭ ‬و‭ ‬مراتب‭ ‬انتقائيتها‭.‬

نفس‭ ‬الأمر‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نسقطه‭ ‬على‭ ‬كلمة‭ ‬الحسنات‭ ‬و‭ ‬السيئات‭ ‬بين‭ ‬افراد‭ ‬البشر،‭ ‬و‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الا‭ ‬من‭ ‬فتحت‭ ‬بصيرته‭ ‬ان‭ ‬يقيس‭ ‬بمقياسه‭ ‬تفاوت‭ ‬درجات‭ ‬الحسنات‭ ‬او‭ ‬دركات‭ ‬السيئات‭ ‬بين‭ ‬بني‭ ‬آدم‭.‬

فكما‭ ‬أن‭ ‬اشكال‭  ‬السيارات‭ ‬لا‭ ‬تتعدد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬جيل‭ ‬من‭ ‬الأجيال‭ ‬بل‭ ‬ان‭ ‬انها‭ ‬تتنوع‭ ‬و‭ ‬تتطور‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬ايضا‭ ‬بتغير‭ ‬الأجيال‭ ‬حتى‭ ‬اننا‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬ان‭ ‬نتنبأ‭ ‬بسرعة‭ ‬تقدم‭ ‬تصورات‭ ‬هندستها‭ ‬و‭ ‬تعدد‭ ‬ابداع‭ ‬خيارات‭ ‬استخداماتها‭ ‬و‭ ‬خدماتها‭.‬

تطورات‭ ‬متعددة‭ ‬و‭ ‬تقدم‭ ‬متواز‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬وحقول‭ ‬مرتبط‭ ‬بعضها‭ ‬ببعض‭ ‬لانها‭ ‬في‭ ‬الاخير‭ ‬تشكل‭ ‬سيارة،‭ ‬اعني‭ ‬بذلك‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬تخصص‭ ‬الميكانيكا‭ ‬بأشكاله‭ ‬و‭ ‬تصوراته‭ ‬المتنوعة،‭ ‬استخدامات‭ ‬جديدة‭ ‬و‭ ‬خدمات‭ ‬مستحدثة‭ ‬في‭ ‬حقول‭ ‬البرمجيات‭ ‬و‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحديث‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬السيارات‭ ‬جعلت‭ ‬اشكالها‭ ‬و‭ ‬هندستها‭ ‬تبهر‭ ‬العقول‭ ‬و‭ ‬تأخذ‭ ‬بالألباب‭.‬

نفس‭ ‬الشيء‭ ‬يمكن‭ ‬قوله‭ ‬عن‭ ‬نظرية‭ ‬الحسنة‭ ‬و‭ ‬السيئة‭ ‬فقول‭ ‬امام‭ ‬الطائفة‭ ‬الجنيد‭ ‬بقوله‭ ‬المشتهر‭ ‬على‭ ‬الألسنة‭ ” ‬حسنات‭ ‬الابرار‭ ‬سيئات‭ ‬المقربين‭” ‬خير‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬الى‭ ‬الأفهام‭ ‬ما‭ ‬نريد‭ ‬ان‭ ‬نقاربه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬المتواضع‭.‬

فحسنة‭ ‬تقبلها‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬بقبول‭ ‬حسن‭ ‬و‭ ‬أرباها‭ ‬لصاحبه‭ ‬كما‭ ‬يربي‭ ‬احد‭ ‬فلوه‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬أبي‭ ‬هريرة‭ ‬قال‭: ‬قال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬ﷺ‭: “‬من‭ ‬تصدق‭ ‬بعَدل‭ ‬تمرة‭ ‬من‭ ‬كسب‭ ‬طيب‭ -‬ولا‭ ‬يقبل‭ ‬الله‭ ‬إلا‭ ‬الطيب‭- ‬فإن‭ ‬الله‭ ‬يقبلها‭ ‬بيمينه‭ ‬ثم‭ ‬يربيها‭ ‬لصاحبها‭ ‬كما‭ ‬يربي‭ ‬أحدكم‭ ‬فَلُوَّه‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬مثل‭ ‬الجبل‭” ‬فيه‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬لتفتيح‭ ‬الأذهان‭ ‬ان‭ ‬باب‭ ‬تشكيل‭ ‬الحسنة‭ ‬من‭ ‬جبل‭ ‬الى‭ ‬جبال‭ ‬الى‭ ‬عمارات‭ ‬او‭ ‬بواخر‭ ‬من‭ ‬الحسنات‭ ‬مفتوح‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬بحسب‭ ‬قدرة‭ ‬إبداعية‭ ‬النيات‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬الافعال‭ ‬البشرية‭ ‬او‭ ‬قل‭ ‬التصورات‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬ابداعات‭ ‬الفعل‭ ‬الانساني،‭ ‬فكما‭ ‬أن‭ ‬الانسان‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يعزم‭ ‬القيام‭ ‬بصدقة‭ ‬تمرة‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يعزم‭ ‬على‭ ‬إكرام‭ ‬عشره‭ ‬بعشاء‭ ‬فاخر،‭ ‬او‭ ‬يعقد‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬ايجاد‭ ‬عمل‭ ‬ليعيش‭ ‬به‭ ‬طيلة‭ ‬حياته،‭ ‬او‭ ‬يبني‭ ‬مستشفى‭ ‬كبيراً‭ ‬او‭ ‬ينوي‭ ‬بناء‭ ‬اكبر‭ ‬مستشفى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬و‭ ‬بهذا‭ ‬تتعدد‭ ‬التصورات‭ ‬القبلية‭ ‬للافعال‭ ‬الإنسانية‭ ‬باشكال‭ ‬لانهائية‭ ‬بحسب‭ ‬تغير‭ ‬الاشخاص‭ ‬و‭ ‬الازمان‭ ‬و‭ ‬الامكنة،‭ ‬و‭ ‬فضل‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬يحجر‭.‬

قال‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬ابناء‭ ‬نبي‭ ‬الله‭ ‬ابراهيم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ” ‬وجعلنا‭ ‬لهم‭ ‬لسان‭ ‬صدق‭ ‬عليا‭” ‬التي‭ ‬يفسرها‭ ‬علماء‭ ‬التفسير‭ ‬كالطبري‭ ‬و‭ ‬البغوي‭ ‬بالثناء‭ ‬الحسن،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬المقصود‭ ‬في‭ ‬نظرنا‭ ‬ان‭ ‬محبة‭ ‬الله‭ ‬لهم‭ ‬و‭ ‬لعملهم‭ ‬الصالح‭ ‬جعلهم‭ ‬يذكرون‭ ‬من‭ ‬احب‭ ‬الخلق‭ ‬اليه‭ ‬في‭ ‬الصلاة‭ ‬الإبراهيمية‭ ‬لترددها‭ ‬خير‭ ‬امة‭ ‬اخرجت‭ ‬للناس‭ ‬في‭ ‬صلواتهم‭ ‬و‭ ‬دعواتهم‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬التكريم‭ ‬لآل‭ ‬ابراهيم‭ ‬عليه‭ ‬الصلاة‭ ‬و‭ ‬السلام‭ ‬عل‭ ‬و‭ ‬عسى‭ ‬ان‭ ‬يفهم‭ ‬المتدبر‭ ‬ما‭ ‬أعده‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬مقام‭ ‬و‭ ‬من‭ ‬لسان‭ ‬صدق‭ ‬عليا‭ ‬اعلى‭ ‬و‭ ‬اعلى‭ ‬لآل‭ ‬سيدنا‭ ‬و‭ ‬مولانا‭ ‬محمد‭ ‬نقطة‭ ‬السر‭ ‬التي‭ ‬افتتح‭ ‬بها‭ ‬الكتاب‭ ‬المسطور‭ ‬و‭ ‬استهل‭ ‬بها‭ ‬الكتاب‭ ‬المنظور‭ ‬و‭ ‬من‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬حقه‭ ‬من‭ ‬حبيبه‭ ‬و‭ ‬تقلبك‭ ‬في‭ ‬الساجدين‭.‬


مشاهدات 59
الكاتب محمد غاني
أضيف 2024/12/21 - 12:40 PM
آخر تحديث 2024/12/21 - 6:33 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 356 الشهر 9070 الكلي 10065165
الوقت الآن
السبت 2024/12/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير