صَدِّقْ أو لا تصدق
حسين الصدر
-1-
جاء في التاريخ :
ان عبد الملك بن مروان تقدم – وهو من اكبر السلاطين واكثرهم نفوذا وسطوةً – الى سعيد بن المسيب - الرجل الذي عُرف بالنسك والعبادة- فخطب كريمتَه لولده الوليد حين جعله وليا للعهد ،
فلم يسمع الاّ الرفض ، في مؤشر واضح الدلالة على أنَّ ( سعيد بن المسيب ) صدقَ في مسلكه ونهجه، حيث انّ الارتباط بالظالمين وتعميق الصلات بهم تقود الى المزالق والمهالك .
-2-
رفض (سعيد ) الطلب، وهو يعلم انَّه سيدفع، الثمن فلم يكن عبد الملك بن مروان بالرجل الهيّن في تعامله مَعَ مَنْ يخالِفُه ويعانِدُه .
ولقد وطنّ نفسه على تحمل كل الآثار السلبية للرفض وآثر دينه على دنياه.
-3 –
وكان سعيد بن المسيّب قد رفض منحةً ماليةً أرسلها له عبد الملك بن مروان لئلا يضطر للمداهنة والمحاباة ، وهذا دليل آخر على طهارة سريرته ونقاء ذاتِه .
-4-
وقيل :
ان ابنتَه كانت أيضا من العابدات، وقد جاء ( أبو وداعة ) – وهو من رواد مجلسه – فقال له سعيد :
أين كنت ؟
قال :
تُوفِيَتْ أهلي فاشتغلتُ بها ،
فقال :
هلا أخبرتنا فشهدناها، ثم سأله سعيد :
هل تزوجتَ غيرها ؟
فقال :
يرحمك الله
ومَنْ يزوجني ، وما أملك الاّ درهمين او ثلاثه ؟
قال :
ان انا فعلت تفعل ؟
قال :
نعم
فحمد (سعيد ) الله وصلى على نبيه (ص) وزوّجه ابنته على درهمين، وفي مساء ذلك اليوم جاءه وقال :
رأيتك عزباً قد تزوجتَ فكرهت أنْ يكون مبيتُك الليلةَ وحدك ،
وهذه امراتك ..
-5-
أرأيتَ كيف فضّلَ سعيدُ بن المُسيب ( أبا وداعة ) وهو طالبُ علم على السلطان ؟
وكيف جاء بابنته اليه لئلا يبيتَ وَحْدَه ؟
هذه الطيبة والسلامة أصبحت نادرة في أيامنا هذه، بعد أنْ ملأ حُبّ الدنيا قلوب الرجال والنساء معا، فصارت المهور سبائكَ مِنَ الذهب، وصار الراغبون في الزواج عاجزين عن الطلب .
Husseinalsadr2011@yahoo.com