فاتح عبد السلام
التظاهرات التي خرج بها الخريجون في الكليات الطبية في بغداد مؤخراً مطالبين بوظائف وفرص عمل، كانت نتيجة من نتائج فوضى الخطط في ضخ أصحاب الشهادات الى سوق العمل. المسألة لا تتعلق بوزارة التخطيط التي هي مشكلة منسية بحد ذاتها ،إذ لم يصل اليها أصلاً وزير «يقرأ ويكتب» في موازين عالم التخطيط الاستراتيجي كما في العالم المتقدم ، ذلك انّ التخطيط لحاجة الدولة للوظائف المستقرة في الهيكلية الأساسية لاختصاصات الوزرات والمؤسسات لم يحاكِ ملمحاً واحداً من ملامح التغيير التي تجتاح العالم ، اذ يبدو انه لم يسمع أو يستوعب بعض الوزراء انّ بنوكا عالمية عملاقة أو مؤسسات للخدمة العامة تدار بخمسة الى عشرين في المائة من عدد موظفيها قبل عشرين سنة، في حين يضاعف العراق من تكديسه الوظائف التي هي بطالة مقنعة وابواب ارتزاق سياسي.
أولاً، نحتاج الى تعريف سوق العمل ونحدد ابعاده الوطنية، والجانب المرتبط بتلبية احتياجات المواطنين في الخدمات الأساسية، ومن ثم نرتقي الى تحديد الاختصاصات الواجب التركيز عليها لتغذي السوق ومفاصل الحياة اليومية للمجتمع.
ليس من الضروري ان يذهب جميع الطلبة الناجحون في البكالوريا الى القبول بالجامعات، هناك حلقات وسطى واكثر صلة بالحاجات اليومية للتوظيف يحتاجها المجتمع والدولة ولا يمكن معالجتها بعد ان تتكدس لدينا اعداد أصحاب الشهادات من دون خطط لاستيعابهم.
دول مجاورة في العراق تعقد اتفاقيات مع دولة عربية من اجل تصدير ايدي عاملة من الخريجين للعمل لديها. هل يوجد في اجندة التخطيط العراقية توجهات من هذا النوع؟ انه تبادل شبيه بتبادل السلع ولابد ان يكون للعراق حصة فيه لتخفيف الثقل على مسألة التوظيف الحكومي ولجلب العملة الصعبة من الخارج.
الخريجون، ليس علاجهم للخلاص من البطالة، التعيين المباشر فقط، وانما هناك حلقات التأهيل والترقية في الخبرات من خلال العمل المساعد بالأجور الرمزية ولفترات محددة، حتى نستطيع انتخاب الصالح من الطاقات الجديدة وتوطينها وظيفيا ونقل غير الصالح الى مجالات عمل أخرى، وستكون النتيجة مقنعة للجميع ولا احد يعترض عليها.
طبعا هذا الكلام، لا معنى له ومصيره الى سلة الزبالة في حال استمرت العملية السياسية في توفير اغطية الفساد لجميع الهياكل، والتي ينتج عنها هذا التردي المستمر، والتخطيط الضحل والساذج من علاماته الواضحة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية