كنت في خلال عطلة الصيف قد التقيت بأصدقاء يعيشون في العراق أو يترددون اليه، وتحدثت إلى آخرين يتابعون الشأن العراقي ويتابعهم، وها هي الانطباعات التي خرجت بها:
يؤكد العديد من العراقيين في الداخل أن البلاد تسير بخطى ثابتة نحو المجهول، ويتحدثون عن توقف عجلة التقدم عن الدوران، وبالتالي عن الخوف واتساع رقعة اليأس.
رجل أعمال عراقي قال لي إن خطر العنف الطائفي قد انحسر كثيراً في بغداد، ولكن خطراً مميتاً من نوع مختلف يتفاقم يوما بعد آخر ويهدد أمن البلاد. وصف الصديق هذا الخطر بأنه الصراع الشرس على المال والنفوذ في بغداد، موضحاً أنه خطر عابر للطائفية والعشائرية لكنه مرشح لحرق البلاد، ويبدو ان أحدا غير قادر على ضبطه. إلى ذلك، يتحدث عراقيون عن تنامي ظاهرة العصابات أو “المافيات”، كمافيا النفط، ومافيا المخدرات، ومافيا المعممين، وسط استشراء مريع للفساد، وما يرافقه ذلك من غياب للقانون وانتشار الفوضى، حيث أصبح المال قادراً على حل أي مشكلة يمكن أن يواجهها المرء. وحول الطريقة التي تمكنت فيها الحكومات المتعاقبة من السيطرة على السلم الأهلي خلال السنوات القليلة الماضية، يرى أكثر من صديق أن الدولة تشتري سكوت شرائح واسعة من الشعب بالتعيينات الحكومية. وعلى الرغم من النجاح النسبي لهذا العلاج المؤقت فان أكثر من ثلاثين بالمئة من الشعب ما برح يعيش تحت خط الفقر ولا أحد يعرف متى ينفجر هذا الثلث الصامت، أو ما الذي سيحدث إذا انخفضت أسعار النفط وعجزت الحكومة عن تسديد رواتب الموظفين. بطبيعة الحال، قلة من العراقيين تناقش الجدوى الاقتصادية من التعيينات التي تمخضت عن ظاهرة بطالة مقنعة باتت عبئاً هائلاً على اقتصاد غير منتج في حالة شبه انهيار. الخلاصة التي تسمعها من اكثر من عراقي في الداخل: اننا نعيش ليومنا ولا نعرف ما الذي يحمله الغد لنا، فيما يتخوف آخرون من انفجار داخلي مجهول العواقب.
لعلي نقلت جانبا من صورة احاديث العراقيين في الخارج ، بعد عودتهم من زيارات الى العراق، وننتظر في الايام المقبلة كم ستكون نسبة صحة كلامهم من عدمها.