فاتح عبد السلام
أعلنت تركيا عن قرب انتهاء خطط مشروع طريق التنمية مع العراق، وأكدت في تصريح لأحد وزرائها اليوم انّ الشروع في التنفيذ سيكون في العام المقبل، ومكان التنفيذ الأساسي هو الأراضي العراقية المعنية الأكبر بالمشروع أصلاً. لا أدري هل ان هذه المعلومات ذاتها متوافرة على أجندة الحكومة العراقية من حيث التوقيتات ام انّ هناك كلاما آخر.
تركيا تقول انّ مشروع “ميناء الفاو” هو نقطة البداية الأساسية، ولا نزال ننتظر ان تعلن جهة عراقية مخولة عن طبيعة المشاريع التكوينية الجزئية التي ينتظم من خلالها طريق التنمية العملاق. فالعراق أساسا يعاني من نقص كبير في تأهيل البنية التحتية الخدمية لمشاريع ديمومة الحياة العادية، فكيف سيكون الحال مع المشاريع الاقتصادية والتنموية والاستثمارية العابرة لبلدان الإقليم الحيوي؟
إمكانات العراق كبيرة، ولكن تحديات ثلاثة عظيمة تهدد أي بنيان استراتيجي. والتحدي الأول، هو الفساد الذي يشغل عقلية كل مسؤول يمسك بورقة او حتى سطر من ملف التنمية أو الاستثمار، والمشكلة الأكبر انّ أي مسؤول لا يعد ما يفعله فسادا ذلك انّ هناك توافقات ومحاصصات وأغطية تحميه كما تحمي غيره، فأيّ مصير مشرق لمشاريع تخص مستقبل جيل أو جيلين مقبلين في هذا البلد المنكوب والمتضعضع؟
والتحدي الثاني هو الانتخابات البرلمانية العراقية الآتية في العام المقبل، والجميع يعلم انّ كل الجهود الحكومية ستكون، كما كانت في العهود السابقة، تعبوية من اجل الأغراض الانتخابية والسياسية، وانّ مصير المشاريع العملاقة المعلّق بوضع سياسي قلق سيكون في محل شكوك مع ارتفاع احتمالية المزيد من الايغال في النهايات المجهولة.
والتحدي الثالث هو عدم الكشف عن الصيغ القانونية والنظامية والاحترافية للمشاريع التي يحتاجها العراق في سياق التناغم والانتظام مع طريق التنمية الكبير. وانّ هذا الكشف يتطلب عملاً مضنياً تقام من اجله هيئات متخصصة مخولة ببعض صلاحيات مجلس الوزراء ، لا يبدو حتى الآن، انّ وزارة التخطيط الغارقة في عدد محدود من استمارات التعداد السكاني بعد شهور معنية بضبط خطط من ذلك النوع الإقليمي، بالتنسيق مع الوزارات ذات الصلة.
الحكومات الآفلة والمتجهة لتصفية امورها واكمال عدد أيامها المقرر، لا تستطيع تبني المشاريع الكبرى العابرة لكل ما هو وقتي وثانوي وشخصي.