منذ ان كنا صغاراً شاهدنا امهاتنا وقبلهن جداتنا وهن يغربلن الحنطة وغيرها بغرض فصل ناعمها الذي ينزل من ثقوب شبكة الغربال المعدنية، ليبقى ما خشن منها فوقها، فتجري عملية الفصل التي لها شأنها وغرضها.
اذكر ونحن، لجان اعادة النظر وتطوير المناهج الدراسية، في بداية ثمانينات القرن الماضي، نعمل على الاستفادة من التغذية العكسية وردود افعال وملاحظات اصحاب العمل ومسؤولي القطاع العام حول ما يمتلكه خريجونا من معارف وما يتقنونه من مهارات في انجاز العمل، ناهيك عن مطالعاتنا واطلاعنا على بعض تجارب الغير، من أجل تقديم مقترحاتنا الهادفة الى تطوير المناهج وجعلها أكثر فائدة وعملية في انجاز الأعمال المختلفة. وكانت تلك المقترحات تشتمل مثلاً على الاستغناء عن معارف معينة والاستعاضة عنها بأخرى الى جانب ما يتعلق بطرق التدريس وإكساب المهارات.
إن هذه العملية وفي ظل ما يعيشه سوق العمل العراقي من تكدس فيض من حملة الشهادات المدرسية والجامعية بحاجة ماسة الى مراجعة جذرية واعية وجريئة لمناهجنا التربوية والتعليمية منطلقين من شعارات:
”دعه يتعلم ما يساعده على العمل”
“ومن لا يأت بجديد، فليس بجديد على الحياة”،
”ولا قيمة لمخرجات أرخص من مدخلاتها”
ولنبقى نتذكر ان تعليمنا المثالي هو ذلك التعليم الذي يعلمنا كيف نتعلم ونبدع ذاتياً، ولنهجر سياسات التعامل مع الرؤوس كمخازن معلومات، ونعمل على تحويل أدمغتنا التي تقبع فيها الى ورش معالجة وانتاج وابتكار.
لا ينبغي ان نضيع وقتنا في تعلم ما لا ينفع، ولا يجب أن نفخر بشهادات غير منتجة!