الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
غزة .. بين إزدواجية الحقوق ومجازر الإحتلال

بواسطة azzaman

غزة .. بين إزدواجية الحقوق ومجازر الإحتلال

محسن جمعة

 

على مرى ومسمع من العالم ، وفي كل يوم و ليلة نستمع ونشاهد العدوان الاسرائيلي على غزة منذ السابع من اكتوبر 2023 وكأنه مسلسل يومي او فيلم للسهرة تشتد احداثه عند نهاية الليل وتخلص لنتائج حزينة حصيلتها العشرات من الشهداء والجرحى الذين تتساقط منازلهم على رؤوسهم لا لذنب اقترفوه ،، سوى دفاعهم عن ارضهم المغصوبة .ابتدئ العدوان الصهيوني بجرائمه التي تنتهك القانون الدولي بجريمة القصف العشوائي التي تخرق العديد من قواعد البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لسنة 1949 وتحديدا البروتوكول الاول الذي يُفَصل أحكام اتفاقيات جنيف والتي تنصّ على ”أن التدمير الشديد... دون مبرّر تقتضيه الضرورات العسكرية والقيام بذلك على نحو غير مشروع وعن استهتار“ (اتفاقيّة جنيف 1، المادة 50، واتفاقيّة جنيف 2، المادة 51، واتفاقيّة جنيف 3، المادة 130 واتفاقيّة جنيف 4، المادة 147) مما يشكل انتهاكًا خطيرًا للاتفاقيّة. ويحظر البروتوكول الإضافي الأول بوضوح عمليات القصف والهجمات على بعض أهداف محدّدة. الا ان الجيش الاسرائيلي وكالعادة له راي اخر فقد نفذ آلاف الغارات الجوية في مختلف أنحاء غزة، مما أسفر عن استشهاد نحو 40 ألف مدني واصابة اكثر من 92 الفا منذ بداية العدوان على غزة التي كان لها حصة الاسد من تلك الجرائم وبنسبة 98 بالمائة ، حيث اصابت معظم تلك الغارات مواقع محمية بشكل خاص، بما في ذلك المستشفيات والأسواق ومخيمات اللاجئين والمساجد والمرافق التعليمية وأحياء بأكملها. وأكدت مجموعة من المقررين الخاصين بالأمم المتحدة أن الغارات الجوية العشوائية الإسرائيلية «محظورة تمامًا بموجب القانون الدولي وتصل إلى حد جريمة حرب .وفي اليوم التاسع  من اكتوبر الماضي، شن الجيش الإسرائيلي ايضا غارة جوية على مخيم الشاطئ للاجئين المكتظ بالسكان. حيث أفادت وسائل إعلام فلسطينية أن هذه الغارة أسفرت عن سقوط عدد كبير  من الشهداء بين صفوف المدنيين ، كما استهدف الطيران الحربي منطقة “مسجد السوسي” في المخيم ذاته. اسفر عن تدمير ثلاثة مساجد  منها المسجد الغربي، ومسجد ياسين، مسجد السوسي ، والتي تم التأكد من تدميرها جميعًا من خلال لقطات الأقمار الصناعية. تلك الهجمات عدت هي الاخرى خرقا واضحا وجليا لميثاق نظام روما الأساسي، الذي يعد الهجوم المتعمد على أماكن العبادة في النزاعات غير الدولية جريمة حرب بموجب المادة (8) المعنية بجرائم الحرب وبفقرتها (9) التي تنص على عدم توجيه الهجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية , والآثار التاريخية , والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى وحتمية ان ألا تكون أهدافاً عسكرية.جرائم الجيش الاسرائيلي لم تتوقف عند المبان المكتظة والمستشفيات ودور العبادة بل ارتأت ان تختار اماكن اكثر دموية ،، فكان الموعد بالسابع عشر من اكتوبر الدامي ليتم استهداف مدرسة تابعة للأونروا تؤوي 4,000 لاجئ في مخيم المغازي للاجئين، مما أسفر عن سقوط مجموعة كبيرة من الضحايا بالهجوم الذي وصفه المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، بالشائن والذي يظهر «التجاهل الصارخ لحياة المدنيين .

هدف مشروع

(الصحفيون هدف مشروع في الحرب الإسرائيلية على غزة)لم يتوقف الاحتلال الاسرائيلي على استهداف المدنيين وانما اغتالت إسرائيل خلال عملية طوفان الأقصى عشرة صحفيين على الأقل في الأسبوع الأول فقط من المعركة. أغلبُ الصحفيين فلسطينيين وقُتلوا في أماكن متفرقة من قطاع غزّة بسببِ الغارات الجوية التي استهدفت الأبراج السكنيّة ومنازل المدنيين وغيرها، باستثناء الصحفي اللبناني عصام عبدالله الذي اغتالته قواتُ الاحتلال في علما الشعب جنوب لبنان. اذ ارتكبت إسرائيل في ساعات الصباح الأولى من يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر مجزرة في حقِّ عددٍ من الصحفيين حينما أغارت بمقاتلاتها الحربيّة على برج حجي الذي يضمُّ مكاتب عددٍ من الصحفيين الفلسطينيين المعروفين بنقلِ الأحداث من هناك بحيث يحرصون على توثيقِ الذي يجري في قطاع غزة من قصفٍ إسرائيلي وغارات مكثفة وما يُقابلها من ردود فصائل المقاومة الفلسطينية، كما يحرصون على نقلِ الوضع الإنساني والاجتماعي من داخل القطاع.ومثلت هذه الاستهدافات خرقا جديدا لاتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين اللتين لا تتضمنان إلا إشارتين صريحتين بخصوص العاملين في مجال الإعلام (المادة 4(ألف-4) من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول).

لكن عند قراءة هاتين المادتين بالموازاة مع قواعد إنسانية أخرى, يتضح أن الحماية الممنوحة بموجب القانون الساري شاملة تماماً. والأهم من ذلك أن المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول تنص على أن الصحفيين يتمتعون بجميع الحقوق وأشكال الحماية الممنوحة للمدنيين في النزاعات المسلحة الدولية. وينطبق الشيء نفسه على حالات النزاع غير المسلح بمقتضى القانون الدولي العرفي ( القاعدة 34 في دراسة اللجنة الدولية للقانون الدولي الإنساني العرفي )، الاعتداءات الاسرائيلية على الصحفيين لم تكن محض الصدفة وانما اهداف مباشرة ومتعمدة وهذا ما اكدته ( لجنة حماية الصحفين) بان اسرائيل اعترفت بتعمدها استهداف سيارة صحفي قناة الجزيرة ( حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا ) في 24 من يناير /2024 .(الاحتلال الاسرائيلي يمارس تطهير عرقي جماعي في غزة) وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أمر الجيش الإسرائيلي بإجلاء 1.1 مليون شخص من شمال غزة. وقد تم وصف أمر الإخلاء بأنه تهجير قسري من قبل يان إيغلاند، الدبلوماسي النرويجي السابق المشارك في اتفاق أوسلو. وحذرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة فرانشيسكا ألبانيز من حدوث تطهير عرقي جماعي في غزة. وصف المؤرخ الإسرائيلي راز سيغال عملية التهجير بأنها «حالة إبادة جماعية نموذجية».

صحة عالمية

 وقد أدان هذا الإجراء الأمم المتحدة وأطباء بلا حدود واليونيسيف ولجنة الإنقاذ الدولية. وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت منظمة الصحة العالمية بياناً تدين فيه أمر إسرائيل بإخلاء 22 مستشفى في شمال غزة، ووصفته بأنه «حكم بالإعدام»  وحسب اتفاقية جنيف الرابعة التي تغطي كيفية حماية المدنيين خلال فترة الحروب، فإنها توسع مفهوم المرافق الطبية لتطال كل البنايات التي يوجد فيها مصابون أو مرضى، وتتم العناية بهم، وليس فقط المستشفيات، وحسب المادة 18 من هذه الاتفاقية، فإنها تنص على أنه «لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والأمهات هدفا للهجوم، بل يجب على أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات». وهو الامر الذي لم يلقى اي احترام من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي يتعمد استهداف المرافق الصحية والمباني التي تضم الجرحى ..لم يتوقف الاحتلال الاسرائيلي عند هذه الجرائم وانما تمادى الى اذلال الاسرى وتعريتهم وتوثيق جرائمه وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث بث مقطع فيديو رفعه جندي إسرائيلي على تطبيق تيك توك، يظهر فيه مواطن فلسطيني معصوب العينين ومقيد وهو راكع على الأرض وقام الجندي بشتمه باللغة العربية، وقال له (صباح الخير يا عاهرة) وقام بركله والبصق عليه مرارا وتكرارا وارتكاب العديد من الجرائم التي تنتهك القانون الدولي منها  استهداف افراد الدفاع المدني ،التهجير القسري ,قنابل الفسفور الابيض، العقاب الجماعي ، انتهاك المقابر، إساءة معاملة المعتقلين وإذلالهم ،استخدام المنشآت المدنية لأغراض عسكرية ،إعدامات ميدانية) وهذا العدوان كشف زيف الادعاءات والشعارات التي تتبنها الدول الرأسمالية بحرية الإنسان وحقوقه واحترام المواثيق الدولية في الحرب والسلم .لم ينبرا احد للمحاسبة الكيان عن افعاله المشينة وعدوانه المستمر الا دعوى واحدة من قبل دولة جنوب افريقيا في المحكمة العدل الدولية التي هي الاخيرة اصدرت قرارات خجولة اقتصرت على اتخاذ جميع التدابير لمنع أي أعمال يمكن اعتبارها إبادة جماعية، ضمان عدم قيام الجيش الإسرائيلي بأي أعمال إبادة، منع ومعاقبة أي تصريحات أو تعليقات عامة يمكن أن تحرض على ارتكاب إبادة جماعية في غزة، اتخاذ جميع الإجراءات لضمان وصول المساعدات الإنسانية، عدم التخلص من أي دليل يمكن أن يستخدم في القضية المرفوعة ضدها، تقديم تقرير للمحكمة خلال شهر بمدى تطبيقها لهذه التدابير والأحكام.

(غزة تكشف زيف الادعاءات الأممية)

ولم تكن الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني ذات هوية واحدة بل يبدو ان شركاء هذا الكيان وعلى راسهم واشنطن اصروا ان يكونوا طرفا فاعلا فيها ، من خلال تصريحات المسؤولين الامريكان في زياراتهم الى تل ابيب ومنطقة الشرق الاوسط .

وايا كان الوصف القانوني لتلك الجرائم فأنها قوبلت بالصمت الاممي خلافا لما اعتاد عليه المجتمع الدولي من قضايا مماثلة اذ قدمت كل من كندا وهولندا دعوى ، ضد النظام السوري في محكمة العدل الدولية، تسلط الضوء على ملف حقوق الإنسان في سوريا، والانتهاكات المزعومة ابان الاحداث التي شهدها هذا البلد ،، وبغض النظر عن مدى حقيقة تلك الانتهاكات وانسجامها من اجندة صناع الازمات ، فان الموقف الاممي والدولي بشكل عام بدى مضطلعاً بدوره اكبر من اي وقت مضى ،، حيث القرارات الملزمة والعقوبات والعديد من الاجراءات ضد دمشق ،، الا ان الانحياز الواضح في تبني المواقف جعل من العدالة الدولية غائبة وعاجزة عن انصاف الشعب الفلسطيني وان الدول التي تقدم دعاوى لمقاضاة مرتكبي جرائم الحرب أصبحت داعما لاعمال جيش الاحتلال الاسرائيلي اذ عبر رئيس الوزراء الكندي( جاستن ترودو ) لنظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال محادثة هاتفية استعداد حكومة بلاده لتقديم كل المساعدات اللازمة لإسرائيل في ضوء تصعيد الوضع في منطقة الشرق الأوسط إثر هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر ، وهذان الموقفان انما شكلا نموذجا للعشرات من المواقف والتصريحات التي تعدت وصف التخاذل لتصل مرحلة التنصل عن اخلاق الحرب وقوانينها والاصطفاف خلف آلة وحشية تعمل بمنطق الغاب وتتكلم لغة القتل والدمار .

 

 

 


مشاهدات 83
الكاتب محسن جمعة
أضيف 2024/09/10 - 12:38 AM
آخر تحديث 2024/09/13 - 10:21 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 312 الشهر 5576 الكلي 9994198
الوقت الآن
السبت 2024/9/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير