التجهيل المتعمد مشكلة العصر
مروه العميدي
يرتبط التجهيل المتعمد بنشر وترويج معلومات غير موفقة أو مضللة عمدًا، أو قد يكون تمسك مبالغ به بالعادات والتقاليد حتى لو كانت خارجة عن الصواب وعارية عن الصحة، الغاية منها إيهام البشرية عن طريق التلاعب بالحقائق، وأتبع إسلوب التجهيل المتعمد من أجل تحقيق أهداف منوعة قد تكون لغايات سياسية أو إجتماعية أوإقتصادية، أو من أجل خلق جو مشحون بالأكاذيب والزيف بحيث تشغل الشعوب بما ليس لهم به نفعًا، وبالفعل ظهرت آثاره الضارة على صوت الرأي العام وشوه صور العديد من الأفراد والجماعات.ولم تكن وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي بمعزل عن الترويج لهذه الأوهام والأكاذيب، بل كانت أغلبيتها مساهمة في نشر صور التجهيل العمدي بما يخدم غاياتها ومصالحها كونها أدوات رئيسية أشبه بالسبابات المتحكمة بأفكار المتلقي في الشارع العربي وعلى وجه الخصوص الشارع العراقي، فبواسطتها تم الترويج للشائعات والأخبار الملفقة بهدف تشويه صورة لشخص ما أو طائفة أو دين أو أقلية أو لتحقيق مكاسب شخصية وهذا ما هو مشاع اليوم.يشكل التجهيل المتعمد ظاهرة خطيرة فاتكة بالمجتمعات خاصة إذا كانت المجتمعات هشة تعاني من ضعف القانون والدرع، والمجتمع الهش هو المجتمع المنفتح على الحداثة بشكل فجائي دون سابق إنذار كأن يكون خارج من حرب أو أزمة أو حصار أو نزاع سياسي بحيث جعله مجتمع مكبوت وضعيف يفتقر للنظر من البعد الثالث الى تقدم العالم وسباقه مع الوقت، وهذا بدوره يصنع نمطية الجهل العمدي الذي يؤثر بدوره هو الآخر على العملية الديمقراطية ويزيد من التوترات الاجتماعية، قد ينتج عنه تفاقم الصراعات والانقسامات بين المجتمعات، وتقويض الثقة في وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية.ومن أجل التصدي للتجهيل المتعمد، يجب على الأفراد أن يكونوا حذرين وأن يكون مدى تمسكهم بالعادة والتقليد بما يتفق مع المنطق والواقع فالمعروف أن العادة والتقليد هي قانون الموتى، وليس من المنطق أن يعيش المرء بما لا ينسجم مع زمانه، وهذا ما أشار إليه المفكر الدكتور علي الوردي: “الفكر البشري حين يتحرر ويخرج عن التقاليد، لا يستطيع أن يحتفظ بطابع اليقين على أيه صورة”، وأيضا ما يؤكده أبن خلدون: “اتباع التقاليد لا يعني أنّ الأموات أحياء، بل أنّ الأحياء أموات”، وكذلك على الفرد أن يعتمد على مصدر معلوماتي موثوق وأن يكون على درجة كافية من النباهة والوعي والإطلاع بكل ما حوله من أجل التمييز بين الحقيقة والتلفيق وإلا سيكون أسير جهله تتحكم به الإشاعات والأكاذيب والعادات المشوهة.