الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
دوامة التاريخ.. من مستنقع أفغانستان إلى فخ أوكرانيا

بواسطة azzaman

دوامة التاريخ.. من مستنقع أفغانستان إلى فخ أوكرانيا

مصطفى عمار زهير الشهد

 

أستميحكم عذرا في ان ازج نفسي في موضوع تباينت فيه الافكار و الاراء حول الحرب بين روسيا و اوكرانيا و ما ستجره في اذيالها في السياسة الدولية تتكرر أخطاء الماضي رغم اختلاف الزمان والمكان. كما وقع الاتحاد السوفيتي في مستنقع أفغانستان في أواخر السبعينيات تواجه روسيا تحديًا مشابهًا في أوكرانيا اليوم. هذه القصة ليست مجرد سرد لحربين بل تذكير بكيفية تحول الثقة المفرطة بالقوة العسكرية إلى فخ يؤدي لانهيارات كبرى حيث يعيد التاريخ نفسه في دوامة لا ترحم. هذا ما اعتقده و هل يحق لي البوح في افكاري في معضلة صعبة على الغير تفسيرها فقد تذكرت ماقرأته عماجرى في إحدى الليالي الباردة من كانون الاول عام 1979  حيث جلس قادة الاتحاد السوفيتي في غرفة داخل الكرملين.   و كانت الخريطة أمامهم واضحة  بشأن أفغانستان الدولة الجبلية التي ظنوا أنها ستكون سهلة المنال.اعتقدوا أن بإمكانهم قلب موازين القوى في تلك الأرض البعيدة وتثبيت حكومة شيوعية موالية لهم. لكنهم لم يدركوا أن أفغانستان ليست مجرد نقاط على خريطة بل هي أرض صعبة تضاريسها القاسية مخبأة خلفها أسرار ومعارك لا تخضع لحسابات العسكر.لقد وجدالجنود السوفييت أنفسهم في بيئة غير معروفة في مواجهة عدو يتقن فنون القتال في الجبال، ودعم غير محدود يأتيه من الغرب. يومًا بعد يوم بدأ الجنود يشعرون بثقل الرمال الأفغانية على أقدامهم وكأن الأرض ترفض قبولهم. كانت أفغانستان تشبه مستنقعًا ابتلع كل من حاول الدخول إليه. فأصبحت افغانستان “فيتنام السوفيت” بعد سنوات من القتال والدماء أدرك السوفييت أن المعركة لا يمكن أن تُربح. وكان الانسحاب في عام 1989 بداية النهاية لإمبراطوريتهم، حيث عاد الجنود إلى بلدهم الذي  يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية وأصبح الاستياء الشعبي هو احد الاسباب الرئيسية في انهيار الاتحاد السوفيتي.

جارة سلافية

مرت العقود وتغيرت الأسماء، لكن الماضي ظهر مره اخرى في عام 2022 جلس قادة روسيا  يتطلعون هذه المرة إلى أوكرانيا تلك الجارة السلافية. كانت الحسابات تبدو بسيطة؛ عملية عسكرية سريعة تحت راية “تحرير” المناطق الناطقة بالروسية معتقدين أن المقاومة ستكون ضعيفة. لكنهم مرة أخرى لم يتعلموا من درس أفغانستان. ولكن مع توغلهم في الأراضي الأوكرانية تحول النزاع إلى حرب واسعة ولم يكن الغرب بعيدًا عن الساحة.

 فالدعم العسكري والاقتصادي الغربي بدأ يتدفق إلى أوكرانيا فيما بدأت العقوبات الاقتصادية تخنق روسيا ببطء. كل خطوة في هذه الحرب كانت تذكر القادة الروس بالكارثة الأفغانية.في المدن الروسية لم يعد الصراع مجرد أخبار تُذاع على التلفاز بل أصبح جزءًا من الحياة اليومية. فقدت العائلات أبناءها في ساحة القتال وبدأت الاحتجاجات تنتشر في الشوارع والتساؤلات تُطرح: هل تستحق هذه الحرب كل هذا الثمن؟

و حسب اعتقادي انه داخل الكرملين، بدأت الشكوك تزداد. فالسياسيون الذين كانوا يومًا ما موحدين خلف القيادة بدأوا يتساءلون عن مصير البلاد. هل سيكرر التاريخ نفسه؟ وهل ستصبح أوكرانيا لروسيا كما كانت أفغانستان للاتحاد السوفيتي؟ في الوقت الذي يتصارع فيه قادة روسيا مع هذه الأسئلة يراقب العالم بحذر. النظام الدولي يبدو على شفا تغييرات كبرى.

 هل ستظل روسيا قادرة على الحفاظ على نفوذها؟ أم أن حرب أوكرانيا ستكون الشرارة التي تكتب نهاية فصل آخر من فصول التاريخ الإمبراطوري؟هكذا يبدو أن الماضي وإن غاب عن الذاكرة أحيانًا يعود ليذكرنا بأن التاريخ قد يعيد نفسه وبأن الحروب التي تبدو بسيطة في البداية قد تتحول إلى مستنقعات تغرق فيها أقوى الإمبراطوريات.

 

 

 


مشاهدات 178
الكاتب مصطفى عمار زهير الشهد
أضيف 2024/08/18 - 5:47 PM
آخر تحديث 2024/08/31 - 7:46 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 72 الشهر 72 الكلي 9988694
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير