أخطاء حسينة البنغالية
خليل ابراهيم العبيدي
منذ أكثر من شهر انتشرت تظاهرات الطلبة في عموم بنگلادش ضد الفساد المستشري في ثنايا حكومة حزب عوامي بقيادة رئيسة الوزراء حسينة واجد ، واخيرا أثمرت تلك المظاهرات الشعبية العارمة عن ثورة أودت بنظام الحكم الفاسد المستمد قوته من المحاصصة والتي كانت تشل الحياة وتسبب البطالة للطلبة والشباب الذي أخذ كل منهم دوره في هدم هذا النظام على رؤوس أطرافه .
بنگلادش الدولة الإسلامية الفقيرة .
تقع جمهورية بنگلادش الشعبية الديمقراطية في منطقة جنوب آسيا ، تحيط بها الهند من جميع الجهات بأستثناء أقصى جنوبها حيث تحدها بورما (ميانمار) وخليج البنغال ، تبلغ مساحتها 148،5 كيلو متر مربع يسكنها شعب مكون من 171 مليون نسمة ، وألسواد الاعظم من شعبها هم من المسلمين . وعاصمة الدولة دكا ، وبنكلادش مكونة من كلمتين ، هما البنغال ودش تعني الأرض ، أي أرض البنغال . وكثيرا ما تتعرض الدولة للفيضانات السنوية بسبب هبوب الرياح الموسمية ، وعلى مدى الأعوام تسبب هذه الفيضانات المزيد من التهجير والفقر .
الحالة المعيشية
تعد بنگلادش وفقا للبنك الدولي من الدول ذات النمو المرتفع خاصة بعد العام 1991 ، وشهدت تحسنا ملحوظا في التنمية البشرية وخاصة في مجالات التعليم وحقوق الإنسان ، وقلت نسبة التمييز بين النساء والرجال ، ونظرا لارتفاع عدد السكان وعدم استقرار الأوضاع السياسية لفترات طويلة فإن البلاد تعاني من البطالة المرتفعة ، رغم كونها من دول الكومنولث ، ويعتمد اقتصاد بنگلادش على تصدير أسماك الروبيان والأسماك المجمدة ، والملابس التي تتم حياكتها على نطاق واسع ، والجوراب ، وتشكل صادراتها من هذه المواد نسبة 80 بالمئة من مجموع صادرات هذه الدولة اضافة الى تصدير المفروشات المنزلية ومادة الجوت والأحذية ، كما تمكنت مؤخرا من تصدير بعض الصناعات وخاصة الصناعات اليدوية والأخشاب ، وتعد بنگلادش دولة زراعية كونها دلتا تقع على الكثير من الأنهار وفيها وفرة من المياه سييما مياه الامطار، ، وأنها تقيم علاقات اقتصادية مهمة مع الهند كونها جزءا سابقا منها وان هناك تماثل اقتصادي كبير بينهما وان الهند تحتضن ارض البنكال سياسيا واقتصاديا .
النظام السياسي وأسباب ثورة الشباب .
استقلت بنگلادش عن الباكستان على إثر تمرد شعبي جراء الإهمال السياسي والاقتصادي من قبل حكومات اسلام اباد المتوالية على حكم باكستان ، وقد ساعدت الهند البنغال نحو الانفصال بشن حرب على الباكستان عام 1971 خسرتها باكستان ونتج عنها ولادة هذه الدولة .
حزب سياسي
ويعد مؤسس دولة بنكلادش مجيب الرحمن أحد القادة الذين حملوا لواء الاستقلال عن الباكستان ، وهو زعيم لرابطة عوامي وهو ائتلاف يضم 14 حزبا سياسيا ، وان لهذا الائتلاف السيطرة على الحكم منذ كتابة دستور عام 1972 ، وان نظام الحكم وفقا لهذا الدستور ديمقراطي تمثيلي برلماني ، وان لرئيس الوزراء سلطة اتخاذ القرار في السلطة التنفيذية التي تقف إلى جوارها سلطة أخرى هي سلطة البرلمان التشريعية .
وان الشيخ مجيب الرحمن كان أول رئيس لوزراء بنگلادش من الاستقلال عام 1971 حتى اغتياله عام 1975 وكان سياسيا ثوريا ، وإداريا من الطراز الأول ، وكان له تقديرا خاصا في العالم الثالث ، وبعد مقتله مرت الدولة بفترة عدم الاستقرار حتى العام 1991، حيث الاعصار المدمر ، دخلت البلاد عهدا متقلبا بين الاستقرار والاضطراب حتى العام 2009 حيث تولت السلطة حسينة واجد الفترة الثانية من حكمها حتى العام الحالي 2024 ، حيث استقالت بعد خمسة فترات حكم لها ، على أثر المظاهرات الطلابية ، جراء توزيع الوظائف الحكومية وفقا لمبدأ المحاصصة ، الذي كان وراء ابعاد الكفاءات وأصحاب حق التعيين من العاطلين عن العمل ، وبرغم كون ارثها السياسي عاليا لأنها ابنة مجيب الرحمن إلا أنها غضت النظر عن أمور كثيرة أدت إلى هربها بهذا الشكل المريب . ومن هذه الأمور.
اولا ..،.. الفساد المستشري في كافة مرافق الدولة .
ثانيا ....المحاصصة في توزيع الوظائف وخاصة لأبناء وأسر المحاربين القدماء في الحرب الثورية ، وان المحكمة العليا ألغت هذا النظام بعد التظاهرات الشعبية التي أدت إلى مقتل 300 متظاهر وحرح المئات منهم .
ثالثا.....كثرة المهاجرين من الشباب ، يحاول المتظاهرون الانتقام من الحكومة ورئيستها جراء فقدان الكثير من الشباب المهاجر لحياتهم نتيجة هروبهم إلى الخارج بسبب المحاصصة وقلة فرص العمل والفقر
رابعا.....تدخل دول الجوار في شؤون الدولة ، المعروف أن حسينة واجد ومن قبلها والدها مجيب الرحمن يحظون بتأييد الهند ضد الأحزاب الإسلامية الأخرى التي تتبع في سياستها املاءات باكستان ، وهناك طرف سياسي ثالث يميل إلى الصين ، وهكذا كان لكل هذا التدخل الأثر المباشر في عدم الاستقرار السياسي والى قلة فرص التقدم الاقتصادي .
أن من أهم أخطاء حسينة واجد ،هو أنها كانت تقدم ماضيها على إنجازاتها ، وكانت منغمسة بأمور ثانـــــــــوية واركنت سياستها لإرضاء الأحزاب الموالية ، وأنها جراء التمسك بماضيها لم تحاول إلغاء نظام المحاصصة وأنها كانت جزءا من الفساد وتحاول تبرير اسياب توســـــــــــــعه وانتشاره ، وأنها لم تعر المظــــــــــاهرات الأخيرة الاهتمام اللازم ، مما دفع بالجماهير صبيحة الاثنين الموافق للـــــــــــخامس من أب عام 2024 إلى النزول بكــــــــــثافة عالية إلى الشوارع ، مما دفعها إلى تقديم استقالتها والهرب إلى الهند بمروحية عسكرية ، وقد اقتحمت الجماهير مقر إقامتها واطاحت بكل مقتنياته انتقاما لما كان عليه نظام حكمها الموصوف دوما بالفساد ، والمحاصصة ، والخضوع لدول اجنبية.