الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أوهام‭ ‬عشقها‭ ‬العرب

بواسطة azzaman

أوهام‭ ‬عشقها‭ ‬العرب

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

شاعت‭ ‬في‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬صرعة‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬المشتركة‭ ‬العربية‭ (‬السوفيتية‭)‬،‭ ‬والعربية‭ ‬الدولية،‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬اتفاقية‭ ‬الدفاع‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬بغداد‭ ‬وموسكو،‭ ‬حتى‭ ‬خُيّل‭ ‬للسامعين‭ ‬والمراقبين،‭ ‬أن‭ ‬الكرملين‭ ‬سيرسل‭ ‬جيشه،‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭ ‬الى‭ ‬العراق‭ ‬إذا‭ ‬ثارت‭ ‬ضده،‭ ‬رصاصة‭ ‬واحدة‭.‬

وتبع‭ ‬ذلك‭ ‬وهم‭ ‬آخر‭ ‬أطلقوا‭ ‬عليه‭ (‬اتفاقية‭ ‬الدفاع‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬ظن‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الموقعة‭ ‬عليها،‭ ‬انهم‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬حمى‭ ‬قوات‭ ‬عربية‭ ‬مشتركة‭ ‬ستهب‭ ‬لنجدتهم‭ ‬إذا‭ ‬ادلهمّت‭ ‬الخطوب‭.‬

وكان‭ ‬هناك‭ ‬اتفاقيات‭ ‬كثيرة‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬العناوين‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬العرب‭ ‬ودول‭ ‬لها‭ ‬وزنها‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

وحلّت‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬مصائب‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وبات‭ ‬الشك‭ ‬منصبّا‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬عنوان‭ ‬يحمل‭ ‬مفردة‭ (‬مشترك‭) ‬حتى‭ ‬تداعت‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬لأنظمتها‭ ‬سند،‭ ‬برغم‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬التي‭ ‬تملأ‭ ‬آلاف‭ ‬الملفات‭ ‬الموثقة‭.‬

بل‭ ‬أن‭ ‬الأنكى‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬ان‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬ذاتها،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬أثر‭ ‬لجمع‭ ‬كلمة‭ ‬العرب‭ ‬أو‭ ‬درء‭ ‬الاخطار‭ ‬عنهم‭ ‬او‭ ‬تصفية‭ ‬الأجواء‭ ‬الملبدة‭ ‬بينهم،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬للجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬موقف‭ ‬عملي‭ ‬واحد‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬الواقع،‭ ‬الا‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬طرد‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬1990‭.‬

التجارب‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬مؤخرا‭ ‬وحملت‭ ‬العناوين‭ ‬البراقة‭ ‬المستحدثة‭ ‬والبديلة‭ ‬عن‭ ‬ارث‭ ‬الاتفاقات‭ ‬المشتركة‭ ‬غير‭ ‬المنفذة،‭ ‬انتهت‭ ‬الى‭ ‬مصير‭ ‬مجهول‭ ‬أيضا،‭ ‬وفي‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬استعراضات‭ ‬للتواد‭ ‬والتراحم‭ ‬بين‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬أصابها‭ ‬ضيم‭ ‬اقتصادي،‭ ‬أو‭ ‬تخشى‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬امنية‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬لجنة‭ ‬التنسيق‭ ‬العليا،‭ ‬بين‭ ‬العراق‭ ‬ومصر‭ ‬والأردن،‭ ‬كأحدث‭ ‬تجربة‭ ‬لمعت‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الحكومة‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬وخفتت‭ ‬حد‭ ‬الاندثار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭.‬

المجدي‭ ‬والانفع،‭ ‬والأكثر‭ ‬مقاربة‭ ‬للتنفيذ،‭ ‬هو‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الثنائية‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬محددة‭ ‬وتخصصية،‭ ‬كأن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وحده،‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬النفط،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الأمني،‭ ‬وهذا‭ ‬أيضا‭ ‬يتطلب‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الاتفاقات‭ ‬الأكثر‭ ‬دقة،‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬العناوين،‭ ‬عامة‭ ‬ومطاطية‭ ‬وغير‭ ‬مجدية،‭ ‬ولكي‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬باب‭ ‬للتسويف،‭ ‬ولعل‭ ‬سوريا‭ ‬كانت‭ ‬الاستثناء،‭ ‬في‭ ‬الإفادة‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬الدفاع‭ ‬المشترك‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬حتى‭ ‬ان‭ ‬العواصم‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬موسكو‭ ‬وبكين،‭ ‬اكتشفت‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬جدوى‭ ‬الاتفاقات‭ ‬مع‭ ‬العرب،‭ ‬وباتت‭ ‬تؤدي‭ ‬دورا‭ ‬جديدا‭ ‬في‭ ‬احتضان‭ ‬خلافات‭ ‬الدول‭ ‬والتوسط‭ ‬لحلها،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران،‭ ‬وكما‭ ‬حدث‭ ‬فيها‭ ‬مؤخرا،‭ ‬عند‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬المصالحة‭ ‬التاريخي‭ ‬بين‭ ‬حركتي‭ ‬فتح‭ ‬وحماس،‭ ‬وكذلك‭ ‬احتضنت‭ ‬روسيا‭ ‬اجتماعات‭ ‬للوساطة‭ ‬بين‭ ‬سوريا‭ ‬وتركيا،‭ ‬وكانت‭ ‬النتائج‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬الجديد،‭ ‬مجدية،‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 157
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2024/07/24 - 6:08 PM
آخر تحديث 2024/08/31 - 8:08 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 55 الشهر 55 الكلي 9988677
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير