الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أربعينية‭ ‬أنظمة‭ ‬الأراضي‭ ‬الرخوة‭ ‬العربية

بواسطة azzaman

أربعينية‭ ‬أنظمة‭ ‬الأراضي‭ ‬الرخوة‭ ‬العربية

نزار محمود

 

من‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بصلاحية‭ ‬واقعية‭ ‬ورؤية‭ ‬ثاقبة‭ ‬كان‭ ‬كتاب‭: ‬لعبة‭ ‬الأمم،‭ ‬لمؤلفه‭ ‬الامريكي،‭ ‬مايلز‭ ‬كوبلاند‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬لست‭ ‬بصدد‭ ‬عرض‭ ‬الكتاب‭ ‬الشهير،‭ ‬لكني‭ ‬بصدد‭ ‬استقراء‭ ‬منه‭ ‬واسقاط‭ ‬في‭ ‬موضوعة‭ ‬اخترت‭ ‬لها‭ ‬عنوان‭ ‬المقال‭.‬

منذ‭ ‬بدايات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬الذي‭ ‬تميز‭ ‬بحربيه‭ ‬العالميتين‭ ‬والحرب‭ ‬“العالمية”‭ ‬الباردة‭ ‬التي‭ ‬أعدها‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬ثالثة‭ ‬في‭ ‬أطرافها‭ ‬وأحداثها‭ ‬وتداعياتها،‭ ‬ونحن‭ ‬نشهد‭ ‬قيام‭ ‬أنظمة‭ ‬وبعد‭ ‬حين‭ ‬تساقطها،‭ ‬ليس‭ ‬بمعنى‭ ‬تغير‭ ‬حكوماتها‭ ‬وبرلماناتها،‭ ‬وانما‭ ‬بمعنى‭ ‬الانقلابات‭ ‬الجذرية‭ ‬في‭ ‬أسسها‭ ‬وشخصياتها‭.‬

وأريد‭ ‬بأربعينية‭ ‬الأنظمة‭ ‬هي‭ ‬فترات‭ ‬حكمها‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬أو‭ ‬تقل‭ ‬بحسب‭ ‬الظروف‭ ‬والغايات‭ ‬التي‭ ‬تهندسها‭ ‬وترجوها‭ ‬القوى‭ ‬صاحبة‭ ‬العلاقة‭ ‬والمصلحة‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬تلك‭ ‬الأنظمة‭ ‬وسقوطها‭.‬

أما‭ ‬أنظمة‭ ‬الأراضي‭ ‬الرخوة‭ ‬العربية،‭ ‬فهي‭ ‬تلك‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬تمايلت‭ ‬وناورت‭ ‬وتحربنت‭ ( ‬من‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬الحرباء‭) ‬لكي‭ ‬تقوم‭ ‬وتستمر‭ ‬في‭ ‬حكمها‭ ‬وتمردها‭ ‬المزعوم،‭ ‬الذي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬دبت‭ ‬فيه‭ ‬آفات‭ ‬التآكل‭ ‬ذاتية‭ ‬وخارجية‭ ‬فسقطت،‭ ‬لتقوم‭ ‬بدلاً‭ ‬منها‭ ‬أنظمة‭ ‬“منتصرة”‭!‬

من‭ ‬هذه‭ ‬الانظمة‭ ‬العربية‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والعراق‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬والسودان‭ ‬وتونس‭ ‬وليبيا‭ ‬وبشكل‭ ‬ما‭ ‬الجزائر‭. ‬وكانت‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬قد‭ ‬عاشت‭ ‬حركات‭ ‬تحرر‭ ‬واقامة‭ ‬أنظمة‭ ‬وطنية،‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬غالبيتها‭.‬

تميزت‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة،‭ ‬وبصورة‭ ‬نسبية‭ ‬ومتفاوتة‭ ‬بعض‭ ‬الشي،‭ ‬بالآتي‭:‬

عدم‭ ‬خبرة‭ ‬ومرونة‭ ‬قياداتها‭ ‬التي‭ ‬تسلمت‭ ‬الادارة‭ ‬السياسية‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬سلمية

التخلف‭ ‬النوعي‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬من‭ ‬تعليم‭ ‬وصحة‭ ‬ونقل‭ ‬ومواصلات‭ ‬وطرق‭ ‬وجسور‭ ‬ومنشآت‭ ‬مائية‭ ‬وإروائية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المباشرة‭ ‬من‭ ‬زراعية‭ ‬وصناعية‭ ‬وحتى‭ ‬عسكرية‭.‬

حاجتها‭ ‬الحياتية‭ ‬للعون‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬والتعامل‭ ‬معه‭.‬

ضعفها،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬وعدم‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬أسرارها‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬“ثقاتها”‭.‬

ان‭ ‬هذه‭ ‬الأحوال‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬تحرص‭ ‬وتقاتل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بقائها،‭ ‬في‭ ‬مصروفاتها‭ ‬غير‭ ‬المتناسبة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والدفاع،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬“الأتاوات”‭ ‬ورسوم‭ ‬الحمايات‭ ‬والابتزازات‭ ‬وتجنب‭ ‬المعارضات‭ ‬والتمردات‭ ‬والثورات‭.‬

متى‭ ‬تبدأ‭ ‬نهاية‭ ‬أنظمة‭ ‬الأراضي‭ ‬الرخوة‭ ‬العربية؟

تبدأ‭ ‬النهاية‭ ‬من‭ ‬الخطوط‭ ‬التالية‭:‬

عندما‭ ‬ينتابها‭ ‬وخز‭ ‬ضمير‭ ‬وطني‭ ‬أو‭ ‬قومي

عندما‭ ‬تتمرد‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬الأتاوات‭ ‬وترفض‭ ‬الابتزازات

عندما‭ ‬تعد‭ ‬لمشاريع‭ ‬وحدوية‭ ‬أو‭ ‬تضامنية

عندما‭ ‬تتعاون‭ ‬أو‭ ‬تتحالف‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬مناهضة‭ ‬للقوى‭ ‬الوصية‭.‬

عندما‭ ‬“تندلع”‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬وتبدأ‭ ‬باثارة‭ ‬الفتن‭ ‬والقلاقل‭!‬

وحيث‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬غابة‭ ‬كبيرة،‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬معها‭ ‬قانون‭ ‬دولي‭ ‬أو‭ ‬محكمة‭ ‬جنايات‭ ‬وعدل‭ ‬حكم،‭ ‬ولا‭ ‬يؤمن‭ ‬العالم‭ ‬بتغليب‭ ‬القيم‭ ‬والمبادىء‭ ‬على‭ ‬المصالح،‭ ‬فإننا‭ ‬سنعيش‭ ‬اهتزاز‭ ‬عروش‭ ‬الانظمة‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬أراض‭ ‬رخوة‭.‬


مشاهدات 133
الكاتب نزار محمود
أضيف 2025/03/01 - 12:10 PM
آخر تحديث 2025/03/04 - 8:04 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 443 الشهر 2049 الكلي 10462998
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/3/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير