الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مطرقة الخدمات وسندان النواب

بواسطة azzaman

مطرقة الخدمات وسندان النواب

إسماعيل محمود العيسى

 

 

كم يؤلمني وأنا أقرء ما يطالب به المواطن العراقي لأبسط مقومات العيش الكريم من خدمات بلدية؛ وصحية؛ وتعليمية؛ في بلد أنهكته الحروب والمهاترات السياسية قبل وبعد 2003 ؛ وما يؤلمني أكثر أن هناك إستغلال لملفات حقوق المواطن وملف الخدمات والتلاعب به، وأصبح المواطن يعيش بين مطرقة الخدمات وسندان النواب وأحزابهم لما يقدموه لمناطقهم من خدمات بل استغل ذلك لتلميع صورة هذا النائب وذاك لحصاد الأصوات في الانتخابات المقبلة؛ بل وصل الأمر إلى تقسيم المناطق الى مقاطعات ؛ يمنع  فيها النواب بعضهم للبعض من الدخول إلى مناطق نفوذ الآخر للتأثير على أصوات الناخبين ؛ وأصبح هناك شبه اتفاقات وعرف سائد بين النواب وأحزابهم بعدم التمدد من مقاطعة «منطقة» النائب الفلاني على مقاطعة النائب الآخر ؛ وهذا ما حصل ويحصل في أغلب مناطق العراق وبغداد خاصة،

إن استغلال تقديم الخدمات للمواطنين من قبل نواب البرلمان في العراق وأحزابهم يُعد ظاهرة لافتة تميز المشهد السياسي العراقي، حيث يعمد العديد من النواب إلى استخدام نفوذهم لتحقيق مصالح شخصية أو حزبية ومن خلال استغلال تقديم الخدمات الأساسية؛ والمراقب يجد هناك بعض النقاط الرئيسية حول ملف استغلال المواطن الذي أصبح ظاهرة في المشهد السياسي العراقي :

1.التوظيف والوساطة:

-التعيينات الحكومية: النواب غالبًا ما يستخدمون تأثيرهم لتوفير وظائف لمؤيديهم أو أقاربهم، في محاولة لتعزيز قاعدتهم الشعبية. هذا النوع من المحسوبية يزيد من معدلات الفساد ويضعف الأداء الحكومي.

-التوسط في العقود والمشاريع: بعض النواب يستغلون مناصبهم للتوسط في منح عقود حكومية لأشخاص أو شركات معينة، مما يؤدي إلى تفضيل الصفقات الخاصة على حساب المصلحة العامة.

2.توزيع المساعدات والخدمات:

-المساعدات العينية: يُلاحظ أن بعض النواب يقدمون المساعدات المالية أو العينية (مثل توزيع الغذاء أو الأدوية) في أوقات قريبة من الانتخابات، مما يمكن اعتباره كطريقة لشراء الولاءات أو الأصوات. - البنية التحتية: توجيه الجهود نحو تحسين البنية التحتية أو تقديم الخدمات في مناطق معينة لتحقيق مكاسب سياسية، وغالبًا ما يتم ذلك على حساب مناطق أخرى تحتاج إلى هذه الخدمات بشكل أكبر.

3. استغلال القوانين والمشاريع التنموية:

- الضغط على الحكومة: النواب قد يستخدمون نفوذهم للضغط على الوزارات أو الهيئات الحكومية لتنفيذ مشاريع في مناطقهم الانتخابية، بغض النظر عن الأولويات التنموية أو الحاجة الحقيقية.

مشاريع تنموية

-التلاعب بالمشاريع: في بعض الحالات، يتم التلاعب بالمشاريع التنموية لتكون في مصلحة جماعات أو أفراد معينين، مما يؤدي إلى هدر الموارد وإعاقة التنمية المتوازنة.

التأثير على المواطنين:

1.تعزيز الاعتمادية على النائب:

- المواطنون يصبحون معتمدين على النواب للحصول على الخدمات الأساسية، مما يقلل من قدرتهم على محاسبة هؤلاء النواب أو المطالبة بحقوقهم بشكل مستقل.

- هذا يعزز من قوة النواب ويضعف المؤسسات الرسمية التي يفترض أن تكون مسؤولة عن تقديم الخدمات.

2. تقويض الثقة في النظام الديمقراطي:

- استخدام الخدمات كأداة لكسب الأصوات يساهم في تآكل الثقة في العملية الديمقراطية وفي قدرة النظام على تحقيق العدالة والمساواة.

- المواطنون قد يرون في الانتخابات وسيلة لتأمين مصالح شخصية بدلاً من فرصة لاختيار قيادة تعمل لصالح الجميع.

3. تفشي الفساد:

- استغلال الخدمات من قبل النواب يؤدي إلى تعزيز بيئة من الفساد والمحسوبية، حيث يتم تجاهل الكفاءة والشفافية لصالح الولاءات السياسية.

- الفساد المستشري يعرقل التنمية ويزيد من معاناة المواطنين، خاصة في المناطق الأكثر احتياجًا.

وهنا لابد لنا أن نعرف  أن هناك حلول ممكنة يمكن أن نعالج فيها هذا الملف الشائك وعلى البرلمان تشريع قانون يمنع من استغلال الأحزاب وسياسيهم ملف الخدمات لحصاد الأصوات الانتخابية ؛ ومن تلك الحلول :

1. تعزيز الشفافية والمساءلة:

- يجب فرض قواعد صارمة لضمان الشفافية في التعيينات الحكومية ومنح العقود، مع إنشاء آليات لمساءلة النواب عن أفعالهم.

- تفعيل دور المؤسسات الرقابية لمتابعة تصرفات النواب وضمان عملهم وفق القوانين والمعايير الأخلاقية.

2. تعزيز دور المؤسسات الحكومية:

- تقوية المؤسسات الحكومية لتكون هي الجهة الرئيسية المسؤولة عن تقديم الخدمات، وبالتالي تقليل الاعتماد على النفوذ الشخصي للنواب.

- تعزيز النظام الإداري لضمان توزيع الموارد والخدمات بشكل عادل وفعال.

3.توعية المواطنين:

- تعزيز الوعي لدى المواطنين حول حقوقهم ودورهم في مراقبة ومحاسبة النواب، وتشجيعهم على المشاركة الفعالة في العملية السياسية بعيدًا عن التأثيرات الشخصية والآنية.

- تعزيز الثقافة الديمقراطية التي تركز على اختيار الممثلين بناءً على البرامج والسياسات بدلاً من الوعود الخدمية الفردية.

تقديم خدمات

وأخيرا وليس آخراً أقول ان التصدي لظاهرة استغلال تقديم الخدمات من قبل النواب يتطلب جهودًا متعددة الجوانب تشمل تعزيز الشفافية والمساءلة، تقوية دور المؤسسات الحكومية، وتوعية المواطنين. هذه الجهود ضرورية لبناء نظام سياسي أكثر عدلاً واستدامة، حيث يتم تقديم الخدمات للجميع بناءً على الاحتياجات الفعلية وليس الولاءات السياسية.

ويبق المواطن بين مطرقة الخدمات وسندان النواب


مشاهدات 63
الكاتب إسماعيل محمود العيسى
أضيف 2024/07/01 - 5:39 PM
آخر تحديث 2024/07/02 - 10:05 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 163 الشهر 590 الكلي 9362662
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/7/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير