الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لواء الدليم أُنموذجاً.. ثورة العشرين وميادينها القتالية

بواسطة azzaman

لواء الدليم أُنموذجاً.. ثورة العشرين وميادينها القتالية

منسي شرموط محمد المسلط

 

بعد أنْ وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها في العراق والمشرق العربي عمومًا، أقام الجنرال مارشال ( ) حفلا في بغداد في السابع عشر من أيلول (1918م) بمناسبة النصر، ودعا للاحتفال مشايخ ولاية بغداد ومعظم مشايخ البلاد ووجهائها وأعيانها، فضلًا عن القناصل والحكام السياسيين في جبهات مختلفة من العراق، وكان من المدعوين عدد من مشايخ لواء الدليم ( ).

امتهان الكرامة

ومع كل عبارات الترحيب والتمجيد بالعراق والعراقيين التي قالها الجنرال مارشال، إلَّا أنَّ ذلك لم يمنع تعسف الإدارة البريطانية بحق العراقيين بكل شيء، فأثقلوا كاهلهم بالضرائب، ونظام السخرة، والمعاملة السيئة، وامتهان كرامتهم، ولا سيما مع الرموز الوطنية والاجتماعية من المشايخ ووجهاء العشائر، فجلبت عليهم تلك السياسة غضب الشعب ونقمته.

وهذا يعني أنَّ الأُمور كانت متجهة إلى طريق التصعيد والمواجهة مع قوات الاحتلال، حتى أدت إلى اعتقال وتوقيف الشيخ (شعلان أبو الجون) شيخ عشيرة الظوالم في (الرميثة) بلواء الديوانية، مما حدا بعشيرته إلى اقتحام السجن واطلاق سراحه عنوة، فكانت الشرارة المناسبة لقيام الثورة العراقية الكبرى عام (1920م)( )، التي انتشر أُوارها بسرعة إلى عموم العراق، ومنه لواء الدليم( )، وإزاء ذلك أراد لچمن حاكم لواء الدليم السياسي، الحيلولة دون وصول شرارة الثورة إلى قاطع مسؤوليته، فوجّه الدعوة إلى مشايخ اللواء إلى مأدبة أقامها في مدينة الرمادي، وأرادها مناسبة لاستجلاء مدى تأثير استخدام سلاح الطائفية مع هؤلاء المشايخ عندما طرح عليهم سؤالًا عن رأيهم في ثورة العشرين التي سمّاها بـ(الثورة الشيعية) لكي يعزلها عن ثوار الدليم (السنة) فبادر الشيخ ضاري المحمود بالرد بشدة بقوله: «بأنَّ الإسلام واحد، ولا فرق بين سنة وشيعة، وأنهم كلهم عراقيون، ومجمعون على المطالبة بحكومة وطنية، وفي حالة استجابة بريطانيا لهذا الطلب فإنَّ الاستقرار والأمن سيعم العراق»( ).

وفي ظل هذه الأوضاع فقد وجَّه قادة الثوار في جبهة الوند( ) بكربلاء في الرابع والعشرين من تموز (1920م) الدعوة إلى الشيخ ضاري شيخ قبيلة زوبع، وإلى شيوخ الدليم للانضمام إلى الثورة، فلبى عدد منهم الدعوة، وفي مقدمتهم الشيخ ضاري( )؛ فأخذ رجال قبيلته دورهم في فعاليات الثورة القتالية، فهاجموا بالتعاون مع الجنابيين بقيادة شيخهم خضر الحاج عاصي نقاط حراسات المحتل بين الفلوجة وبغداد، واقتلاع خط سكك الحديد الرابط بين المدينتين التي نصبها المحتل لإحكام سيطرته على اللواء.

ومِمَّا زاد الأُمور تعقيدًا قيام القيادة العامة البريطانية بتعيين الكولونيل جيرالد لچمن حاكمًا سياسيًا على لواء الدليم، كما أشرنا إلى ذلك سابقًا فقام هذا -كباقي الحكام البريطانيين في عموم البلاد بل ربما أشد- بالتعسف في إدارة اللواء، والتنكيل بمشايخه المعارضين لهم، ومنهم الشيخ ضاري، الذي كان البريطانيون يضمرون الحقد له لنزعته المعادية لهم ولاستمراره في هذه النزعة، فلذلك لم يترك لچمن أيّ فرصة أو مناسبة إلَّا وأنَّبَ فيها الشيخ ضاري، وتجاوز عليه في كل صغيرة وكبيرة تحصل في ديار زوبع، كما دلت على ذلك التقارير التي وجدت بحوزة (لجمن) بعد مقتله، فقد كانت تكشف سر الخشونة التي كان يعامل بها الشيخ ضاري، فهذه العلاقة غير الودية بينهما وصلت حدًا أن أقدم الشيخ ضاري وولده سليمان وأبناء أخيه على قتل لچمن في الثاني عشر من آب (1920م)، في مخفر أبي منيصير (مخفر النقطة) المجاور لـ (خان ضاري)( )، وقد أعطى مقتل لچمن هذا عزمًا قويًا للثوار دفعهم للقيام بهجمات نوعية على المحتلين( ).

اتبع الشيخ ضاري حادثة القتل هذه بأن بعث في الثالث عشر من آب (1920م)، قوة من أتباعه، ومن أتباع الشيخ علي المعيدي من )عشيرة المصالحة( من بني تميم؛ للتوجه لتخريب سكة الحديد بين بغداد وسامراء، ومهاجمة محطة التاجي شمالي غرب بغداد، لقطع أي إمدادات تأتي من الشمال( )، وليس هذا فحسب، بل ساهمت عشيرة الأنباريين بقيادة شيخها خضير الحمادي، وعشيرة الفدَّاغة من عشائر زوبع بقيادة شيخها سهيل المهاوش، بالتعاون مع عشائر من لواء الدليم وعشائر من المحمودية في جنوب بغداد، كل ذلك من أجل قطع إمدادات المحتل وتعزيزاته العسكرية القادمة من جنوب العراق والمتجهة إلى جبهة الفلوجة والرمادي، لا سيما بعد أنْ اتخذ الشيخ ضاري في تموز (1920م) مركزًا لقيادته في خان العطيشي بين كربلاء والمسيب لقطع سكة الحد بين الحصوة والمحمودية ومهاجمة النجدات العسكرية التي كانت تبعثها القيادة العسكرية العامة البريطانية من هناك لشد عضد قواتها في قاطع لواء الدليم، ومقترباتها.

وقد كشفت هذه الأعمال المقاومة مغالطة الجنرال ويلسون نائب الحاكم البريطاني العام في العراق من أنَّ لواء الدليم لم تقم فيه ثورة التي سمّاها بـ(العصيان)( ).

وقد وسَّعت هذه الحوادث رقعة المواجهة مع المحتلين وزادتها ضراوة، ولا سيما أنَّه كان هناك تنسيق مسبق قد حصل بين الثوار في كربلاء، والشيخ ضاري بشأن ترتيب المواقف، إذ قام رجال زوبع في الرابع عشر من آب (1920م) بقطع الطريق الرابط بين بغداد والفلوجة، ومهاجمة واقتلاع خط سكة الحديد المحاذية للطريق البري، والحيلولة دون إصلاحه، كما أشار بذلك البلاغ الصادر من ديوان المعتمد السامي البريطاني في التاسع من تشرين الثاني (1920م) ( ).

مهاجمة التجمعات

كما قام أتباع الشيخ (ذرب) شيخ عشيرة (الچدادة) من زوبع باقتلاع أسلاك البرق بين بغداد والفلوجة ومهاجمة تجمعاتهم وحراساتهم على طول الطريق الرابط بينهما( ). من جانب آخر ذهب الشيخ ضاري إلى مضارب قبيلة المحامدة في الصقلاوية وأنبأهم بخبر مقتل الكولونيل لچمن، وقد ألهب هذا الخبر الحماس الوطني لدى الشيخ حبيب الشلال شيخ قبيلة المحامدة، الذي أثار في أتباعه النخوة العربية الممزوجة بالدافعين الوطني والديني، للدفاع عن حياض الوطن وكرامة أهله ورموزهم، فقاموا بقطع الطريق الرابط بين الفلوجة والرمادي، وهاجموا المعسكر البريطاني في الحبانية، وحامياتهم في المنطقة( ).

إنَّ هذه الهجمات النوعية للثوار ضد القوات والمصالح البريطانية قوبلت بقساوة متناهية، ففي الوقت الذي كان فيه البريطانيون يبادرون على الفور بإصلاح الأضرار التي يلحقها الثوار بمنشآتهم العسكرية والمواصلات والاتصالات لمعاودة تأمين التواصل مع قواتهم، حتى لا تفلت الأُمور من بين أيديهم، وتشجع العشائر العراقية الأُخرى على الالتحاق بالثوار، وعندئذ سيكون مزيدٌ من الهجمات على قطعاتهم ومراكز تمويناتهم؛ بادرت القيادة العامة البريطانية في بغداد في الخامس عشر من آب (1920م) إلى مواجهة الثوار في لواء الدليم بإرسالها عدة سفن حربية كانت راسية قريبًا من الرمادي التي كانت تعد هادئة نسبيًا مقارنة مع جبهتي الفلوجة والصقلاوية، وكانت هذه السفن تحمل تموينات من الأرزاق والعتاد، فضلًا عن محاولة تأمين الحماية للقوات البريطانية هناك.

 

 

 إلَّا أنَّ هذه السفن تعرضت إلى هجمات الثوار في طريقها إلى الفلوجة، فقتل وجرح عدد من رجالها، وتم الاستيلاء على التموينات التي كانت تحملها، وأُحرق بعضها، وجنح بعضها على الساحل بسبب ارتطامها بترسبات الرمال في النهر.

وأثار هذا الأمر غضب القيادة البريطانية وجعلها تقرر تسيير قوة أُخرى بقيادة المقدم نورمن (Norman) لملاحقة الثوار ومعاقبتهم سعيًا لإرجاع الهيبة إلى قواتها التي تم التجاسر عليها في جبهة الدليم( ). ولكن هذه القوة لم تكن أوفر حظًا من سابقتها، ولم تتمكن من تحقيق أهدافها، بل انشغلت بإنقاذ سفنها من معوقات الأحراش والأدغال التي تكثر في منطقة الحادثة التي أُطلق عليها محليًا اسم (دگة المراكب الثانية) تمييزا لها عن حادثة سابقة، وقد قلَّلت البلاغات العسكرية البريطانية من شأن هجمات الثوار هذه لئلا تشجعهم على مزيد من الهجمات على قواتهم( )، وفي الوقت نفسه أشعرت هجمات الثوار في كل الجبهات المحيطة ببغداد الجنرال هالدن، القائد العام للقوات البريطانية في العراق بخطورة الموقف واحتمالية تعرضها لحصار الثوار، مِمَّا استوجب إصدار أوامره ببناء الحصون حولها( ).

إنَّ الانتكاسات العسكرية المذكورة شجعت الشيخ ضاري لإلحاق مزيد من الضربات للمحتلين، فتوجه على رأس جموع غفيرة من قبيلته ومن عشيرة بني تميم إلى جبهة الفلوجة، وبالتحديد في منطقة صدر أبي غريب في النعيمية حيث التقى هناك في دار الشيخ مشوح بن علي العودة الجاسم أحد شيوخ قبيلة الجميلة، وعدد آخر من شيوخ المنطقة ووجهائها: كالبو عيسى مثلًا، فخطب فيهم الشيخ ضاري مستعرضًا تعديات المحتلين ومثالبهم، وحثهم على التعاون معه من أجل كسر شوكتهم. فبادر في السادس عشر من آب (1920م) بمهاجمة الحامية البريطانية في الفلوجة، ولكثرة الخسائر التي أُلحقت بها، استعانت الحامية بالقوة الجوية البريطانية لإنقاذها من المهاجمين الذين لاحقتهم الطائرات في عقر ديارهم، لا سيما أنَّ الطائرات تُعد من أمضى الأسلحة التي كانت تؤثر على معنويات المهاجمين، ولذلك كانت القوات البريطانية تكثر من استخدامها لإرهاب الثوار والحد من إقدامهم( ).

عاد الشيخ ضاري وأتباعه إلى ديارهم التي تعرضت للقصف المعادي للاطلاع عليها، ولمتابعة المقاومة من هناك، والتي اعترفت بها القوات المحتلة في بلاغاتها العسكرية، ففي أيلول (1920م) اعترفت القوات البريطانية بمهاجمة الشيخ ضاري وأتباعه سكة الحديد الممتدة بين الفلوجة وبغداد، وهذا الأمر اضطرها لنشر نقاط حراسة على طول السكة وصولًا إلى الفلوجة، فكانت عامل إعاقة لتحركات الثوار، والتواصل فيما بينهم، فضلًا عن الحد من فعاليتهم الهجومية، مِمَّا دفع الثوار إلى مهاجمة العاملين فيها، وعليه قام المحتلون بمراقبة جوية لهذه المواقع لتوفير الحماية.

 

 

 

وتمكن الثوار من إسقاط إحدى الطائرات المهاجمة لهم، مما دفع الجنرال هولدين إلى تخصيص قوة عسكرية خاصة شملت - فضلًا عن القوة الجوية- عددا من الدبابات والآليات العسكرية، فقامت في الثالث من أيلول (1920م) بمهاجمة ديار الشيخ ضاري وقبيلته؛ حيث تم قصفها بشدة، وبعدها داهموا بيوت قبيلة زوبع واعتقلوا كل من يشكّون في مشاركته في القتال ضدهم، ليس هذا فحسب، بل سرقوا ما أمكن حتى حلي النساء ومصوغاتهن الذهبية( ). وقد لحقت بالمعتدين من جراء ذلك خسائر بشرية ومادية كبيرة.

واختبر البريطانيون نتائج هجومهم الكاسح هذا بأن سيَّروا قطارًا يحمل جنودًا مسلحين من بغداد إلى الفلوجة في الرابع والعشرين من أيلول (1920م)، واحتفلوا بعد وصولهم سالمين لعدم مهاجمة الثوار لهم، ولم يترك البريطانيون الأمر هكذا، وإنَّما واصلوا المراقبة وحراسة نقاط السكة من قبل قطعاتهم في الفلوجة، فضلًا عن حراسة نواظم قناة الصقلاوية؛ لئلا يدمرها الثوار لغمر المنطقة بالمياه لإعاقة تحركات قواتهم، أو استخدامها في تدمير سدة الهندية جنوب المسيب، التي قد تعطل الحركات العسكرية في لواء الدليم( ).

ونتج عن هذا الهجوم البريطاني الكاسح على ثوار زوبع أنْ أصابهم الضعف في مقاومتهم، حتى انهارت نهائيًا عندما اضطرَّ الشيخ ضاري وولداه خميس وسليمان وعدد من أتباعه إلى مغادرة ديارهم والتوجه إلى معقل الثوار في منطقة الوند بكربلاء لدعم الثوار هناك، إلى أنْ انهارت ثورة (1920م) نهائيًا، ثم قامت سلطات الاحتلال بمطاردة الثوار واعتقالهم ونفيهم وسجن البعض الآخر منهم لتضع نهاية لتلك الثورة الوطنية.

ونظرًا لردود الفعل السلبية على سياسة بريطانيا تجاه العراق في مناقشات مجلس العموم البريطاني، بادرت الحكومة بإصدار عفوٍ عامٍّ عن المشتركين في الثورة في الثلاثين من أيار (1921م)، باستثناء الشيخ ضاري وولديه، وعدد آخر من مقربي الشيخ ضاري، ومتهمين آخرين أيضًا( ).

 

نهاية قائد من قيادات ثورة العشرين:

     النهاية المأساوية للثورة اضطرت الثوار إلى التفرق، ومنهم الشيخ ضاري، ونجلاه خميس وسليمان المطلوبان بريطانيا؛ فاضطروا إلى مغادرة العراق والتوجه إلى منطقة ماردين في تركيا، وأدى انقطاع أخبار العراق وقبيلة زوبع عن الشيخ ضاري إلى تردده إلى منطقة (الجزيرة) في سورية حيث ديار قبيلة شمر أبناء عمومة الشيخ هناك؛ ليلتقط من هناك أخبار العراق وقبيلته. وظل الشيخ ضاري مطاردًا من الحكومة البريطانية ومطلوبًا للقضاء، وهذا الأمر دفع البريطانيين إلى تخصيص مكافأة مغرية للذي يأتي به حيًّا أم ميتًا، قُدّرت بـ (عشرة الآف روبية)( )، وقد أغرت هذه المكافأة الأرمني (ميخائيل كريم) للبحث عن الشيخ ضاري، والإتيان به حيًّا أو ميِّتًا وتسليمه إلى البريطانيين وفق شرط منح المكافأة التي وضعها المحتلون ثمنًا للعثور على الشيخ  والظفر به.

وتمكن هذا الشخص من الاستدلال على الشيخ ضاري الذي كان مريضًا حينها وبحاجة ماسة إلى وسيلة نقل توصله إلى الطبيب في حلب لغرض العلاج؛ فانتحل شخصية سائق تكسي وتمكن هذا من استدراج الشيخ، وبدلًا من إيصاله إلى الطبيب في المكان المطلوب، أوصله بالخديعة إلى مركز شرطة (سنجار) في الموصل في الثالث من تشرين الثاني (1927م)، وأُلقي القبض عليه، ثم نقل مخفورًا إلى بغداد، ثم إلى الفلوجة مُكبّلًا بالسلاسل، وطافوا به في شوارعها في طريقه إلى سجن القلعة في المدينة، وقد أبكى هذا المنظر أهالي الفلوجة تأسفًا على الشيخ الوطني ضاري( ).

 ثم نقل بعدها إلى الرمادي بحسب العائدية بصفتها مركز لواء الدليم، فمثل في محكمتها أمام الحاكم عبد المجيد جميل بصفته حاكم إحالة، الذي قرر بدوره إحالة الدعوى إلى محكمة الجزاء الكبرى في بغداد( )، التي انتهت بالحكم على الشيخ ضاري بالإعدام شنقًا في الثلاثين من كانون الثاني (1928م)، إلَّا أنَّ الحكم خفف باتفاق أكثرية الحكام إلى الأشغال الشاقة المؤبدة اعتبارًا من تأريخ توقيفه في الثالث من تشرين الثاني (1927م)، لكبر سنه ومرضه وتشرده ثماني سنوات بعيدًا عن أهله.

ولا يستبعد هنا خشية البريطانيين على قواتهم من ردود الأفعال على إعدامه إن حصل سواء من قبيلة زوبع أم من العراقيين عمومًا، فاختاروا تركه نهبًا للمرض الذي أخذ منه مأخذه لتنتهي مسيرة هذا الشيخ الوطني في السجن في الأول من شباط عام (1928م)، فجرى له تشييع مهيب في بغداد؛ حيث ووري جثمانه الثرى في مقبرة (الشيخ معروف) في جانب الكرخ ببغداد( ). أمَّا ولدا الشيخ ضاري: خميس، وسليمان؛ فقد بقيا في ماردين بتركيا مع مجموعة من أبناء قبيلتهما. وبهذا يكون الجانب العسكري للثورة قد انتهى.

إنَّ مقاومة أهالي لواء الدليم لم تقتصر على الشيخ ضاري والشيخ حبيب الشلال، والشيخ محسن الراوي والشيخ نجرس الگعود، وغيرهم؛ وإنَّما كانت هناك حالات مقاومة أُخرى لهم في جبهة الرمادي أشرنا لها سابقًا، من أمثال مقاومة الشيخ حردان عبد الحميد شيخ عشيرة البو ذياب من قبيلة الدليم، الذي قاتل المحتلين بضراوة، مِمَّا أدى إلى نفيه إلى الهند بعد إلقاء القبض عليه بعد الفشل العسكري لثورة (1920م)، ولم يعد إلى الرمادي إلَّا في عام (1928م)( )، ومقاومة الشيخ صبار الگعود، الذي من (البو نمر) الذي جمع عشيرته وحرضها على المقاومة؛ فطار إليه لجمن بطائرة وقصف تجمعهم وقتله، وأعلم بذلك الشيخ ضاري يوم مقتله في خان ضاري متفاخرًا.

 

أُستاذ التاريخ الحديث والمعاصر  في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الفلوجة

 

 

 


مشاهدات 70
الكاتب منسي شرموط محمد المسلط
أضيف 2024/07/01 - 5:41 PM
آخر تحديث 2024/07/02 - 10:01 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 163 الشهر 590 الكلي 9362662
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/7/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير