ثورة العشرين..المحتوى الوطني وأصالة الانطلاق

مارد عبدالحسن الحسون

تعد ثورة العشرين واخدة من أهم الثورات الوطنية التحررية في العراق بل وفي المنطقة العربية عمومأ لأنها أسست بحق للعراق الحديث المستقل ، كما أنها أيضأ تمثل ومن ذات المنطلق الوطني ثورة شعبية عفوية واسعة شاركت فيها كل أطياف الشعب العراقي.وتتميز هذه الثورة بالدور العشائري الذي كان له خط الشروع في مواجهة المحتل البريطاني، بل يمكن القول ان العشائر العراقية أثبتت بما لايقبل الشك بأنها لايمكن ان تخضع للضيم ، كما انها ايضأ استشعرت المسؤولية الوطنية في الحفاظ على البلاد من أي تدخل أجنبي.

وإذا كان لابد من ان نشير الى عدد من النقاط.  بخصوصية  هذه الثورة ضد الاحتلال فلنا ان نقف عند الوقائع الأتية:-

ذكاء ميداني

أولأ ؛- رغم عفوية الثورة في مواجهة قوات غازية محتلة الا انها اتسمت بالمزيد من التخطيط والذكاء الميداني ، واذا كان لابد من مثال على ذلك فيكفي ان نشير الى معركة العارضيات ( العارضيات منطقة سكن عشيرة بني عارض وهي اربعة جداول مندرسة استخدمها الثوار  للاحتماء بها ضد هجمات الانكليز وتقع شمال قضاء الرميثة بحدود 7 كم ) تلك المعركة التي شاركت فيها العشائر بروح عالية من التضامن وفرزت ايضأ قادة محنكين من بين شيوخ ووجهاء العشائر ،الامر الذي دفع الانكليز الى ارتكاب الكثير من الاعمال العدوانية المشينة ضد أبناء العشائر .

لقد رسمت معركة العارضيات صورة واضحة لادارة حرب ضد المحتل وتحقيق المزيد من المكاسب الوطنية وهذا ما جعلها مصدر الهام للكثير من معاني الوحدة والدقة واستخدام الاجراءات العسكرية غير المتوقعة على نطاق واسع.

ثانيأ :- ان ثورة العشرين عبرت أيضأ عن وحدة المجتمع العراقي والحرص على مشاركة المرأة فيها حيث كان لها دور كبير في توفير الخدمات للثائرين وإيصال السلاح ، فضلأ عن الدعم المعنوي ، إذ بزرت شاعرات عراقيات سجلن معاني هذه الثورة بالمزيد من القصائد والاهزوجات( الهوسات ) ، خاصة في تمجيد معركة العارضيات. واذكر هنا اهزوجة لام من بني عارض حينما تشابك ولدها مع جندي انكليزي وقد قتل الجندي الانكليزي وهو بدوره

اصاب ابنها اصابة بالغة توفى على اثرها وجاءت امه وانشدت هذه الاهزوجة [ حي ميت تكتل يجنيبي ] شبهت ولدها بحشرة ابو الجنيب البرمائية السامة  المعروفة  وهي تميت من يسحقها او يلمسها ان كانت حيه او ميته.

ثالثأ ؛- لم تكن لدى الثائرين العراقيين في مواجهة الاحتلال البريطاني أية أسلحة تتناسب وطبيعة المعركة بما يضمن الرد الحاسم على هجمات البريطانين ، ومع ذلك استطاع الثائرون العراقيون أن ينتصروا في أكثر من ميدان باستخدام أسلحة بدائية ، وهذا ما أكدته الهوسة العراقية المعروفة ( الطوب اصلب  لو مكواري ) التي عبرت عن هذا التباين بين نوعية الاسلحة المستخدمة ، وكان لذلك اثره الكبير في تكوين المزيد من القناعات الثورية ان السلاح الاقوى هو سلاح الارادة الوطنية في مواجهة الشدائد .

رابعأ ؛- ان هناك الكثير من الشهادات البريطانية حصرأ التي بها اعترافات واضحة بأن ثورة العشرين أعطت زخمأ واسعأ للحفاظ على وحدة العراق وتعزيز قيم التواصل بين المكونات العراقية بعيدأ عن التخندق الطائفي والعرقي. ، وقد جمعت ثورة العشرين كل العراقيين في منهج وطني ثوري متجدد، وهذا ما كشفت عنه وثائق وزارة الخارجية البريطانية ضمن اعترافات أشارت بوضوح الى ذلك.

ارث سياسي

خامسأ ؛- ان قيمة ثورة العشرين تكمن أيضأ في هذا الارث السياسي والعسكري ولثقافي المعنوي الذي كانت ومازالت عليه ولهذا فأن ذكراها السنوية تتجدد بالكثير من الاعتبارات القائمة على النخوة والتضامن والوحدة ، ولنا ان نضيف هنا أن الصفحات الخالدة لثورة العشرين بما تضمنت من مقومات  كان لها دور واضح وما زال لمواجهة كل دعوات الارهاب والارهابين ، فضلأ عن انها معين لاينضب من المأثر الوطنية التي افادت الى حد بعيد في الحفاظ على مكانة العراق اقليميأ ودوليأ.