الخدمات لا تدخل برامج الانتخابات
خليل ابراهيم العبيدي
يقول الدكتور علي الوردي في كتابه دراسة في طبيعة المجتمع العراقي (ص 390) من طبيعة الإنسان أنه لا يتذمر من شئ ، إلا إذا كان واعيا لحقوقه فيه ، واليوم يتذمر العراقيون بما فيهم ( من هم في السلطة ) من قلة الخدمات في أغلب مناطق البلاد وغيابها تماما في مناطق أخرى ، وتذمرهم هذا ناتج عن وعيهم بما تم صرفه من أموال طائلة لتحسين الخدمات ، ولكن ما حدث هو تحسين لجيوب المسؤولين أو أصحاب الاقطاعيات ، وبالمناسبة أن دول العالم لا تسمح بتضمين مسألة الخدمات لبرامجها الانتخابية ، لأنها من أولويات خطط الحكومات ومن مسلمات عمل البلديات ، لذلك لا تجد من يتظاهر في أوربا واليابان مثلا على مد المجاري ، أو تبليط الأزقة في الحواري ، إنما يتظاهرون من أجل ملعب رياضي لا يتسع لجمهور المشجعين ، أو لإنشاء مدينة ألعاب مجانية لحي جديد لم تقم فيه البلدية هذا المرفق المهم للاطفال ، والغريب أن بلدياتنا في بغداد على سبيل المثال سمحت تحت لافتة الاستثمار بغلق الملاعب الرياضية في الاحياء السكنية أو مصادرة المساحات الخضراء . أو تركت بلديات أخرى الشوارع ترابية ، مما دفع بالدكتور الوردي لأن يقول في ذات الصفحة وهو يتحدث عن العهد الملكي ، وصل الحال ببعض العراقيين من هذه الناحية أنهم يعدون الحكومة مسؤولة عن كل اذى يصيبهم مهما كان تافها ، فإذا ثار في وجوههم غبار مثلا أخذوا يشتمون الحكومة لأنها لم تزرع الأشجار في البراري ، والحال صحيح ، لان الحكومات هي ادوات تنفيذ ، تنفق الأموال في الاعمار والري والزراعة وتقديم الخدمات البلدية ، ولا عمل آخر لديها غير التنمية والبناء والتربية والتعليم والصحة ، واليوم تنطبق كل مقولات الوردي على أحوالنا ، فالكهرباء صار معضلة استعصى حلها أكثر من عشرين عاما والماء لا يتوفر لدى طالبيه ، وهو في بغداد كما أوضح مجلس المحافظة لا يصلح للاستهلاك البشري ، أما الشوارع فحدث ولا حرج ، فهي وان كانت مبلطة إلا أنها مملؤة بالأتربة وعند مرور أي عجلة يملأ جسد السائر التراب ، والمجاري حديث الأمطار ، والطرق الخارجية مثارا للاستغراب بعد أن صارت مقبرة للاهل والاحباب ، والمدارس ثلاثية الدوام محل تندر عند كل حلقة ومقام ، أما كونها طينية فهذه طاردة للتلاميذ والطلاب في كل عام ، وبرغم تقدم الكثير من المستشفيات ، لا أنها لا تلبي الطلب لقلة إعدادها وكثرة روادها ، أن محاولة السوداني ، هي محاولة جادة ، ولكنها تصطدم أما بتقاعس هذا الموظف او تخلف ذاك ، أو فساد ثالث يمنع الشفافية أو يضع العراقيل أمام الحكومات الإلكترونية ، ولا أدل على ذلك عودة أزمة الطاقة الكهربائية التي تصدى لها السوداني في برنامجه الحكومي.....