فاتح عبد السلام
ما قاله حيدر العبادي، الذي شغل منصب رئيس حكومة عراقية ابان احتلال تنظيم داعش أجزاء مهمة في العراق، يعكس الهواجس السياسية التي كانت تعصف بالزعماء وأوساطهم في الكواليس فيما البلد يحترق.
و”الكشف” الذي تحدث عنه العبادي في انّ هناك واقعا محتملا في ظهور ضابط له مكانة يقوم بانقلاب ويضع زعماء الأحزاب في السجن، ويحظى بتأييد الشعب، انما هو سيناريو لما يسمى “انقلاب القصر” حين تبلغ الأمور جميعها الى منتهاها من التعقيد والطرق المسدودة، وهذا واقع متوافر بدرجة كبيرة اليوم بعد انكشاف “الجميع” على “الجميع”، وظهور وجوه البزنس من خلف اقنعة وجوه السياسيين ، في ساعة انتهت فيها جميع “الألعاب”، ولم يبقَ سوى إعادة انتاج عملية سياسية برؤية مشتقة من واقع بؤس الشعب، وهذا الحل الوحيد الذي يمكن من خلاله إيقاف النزول نحو الهاوية.
“انقلاب القصر” في العراق اليوم هو حل من الحلول الذي راجعته جهات دولية ومحلية أكثر من مرة في منعطفات تاريخية مرّ بها العراق في العقد الأخير على نحو خاص، لكن ليس عطفا على الشعب المظلوم الذي يعاني من سوء المعيشة وانهيار التيار الكهربائي. وانّما المسألة اكبر بكثير.
لكن الفرص التي كانت متاحة قبل فترة قصيرة لعدد من الشخصيات العسكرية المرجحة لتقمص الدور والنجاح فيه، تقلصت الى حد الندرة، ومن دون ان أذكر بعض الأسماء، الا انّ العراقيين كانوا يتحدثون علنا في اعقاب “انتفاضة تشرين” عن أدوار معينة لأكثر من اسم ، قبل ان يجري تنفيذ “الانقلاب الشرعي” المؤيد من النفوذ الإقليمي قبل المحلي، من خلال إيجاد الحكومة الماضية التي أدت الدور على نحو انقذ اقطاب العملية السياسية من المصير المجهول، بغض النظر عن استهداف رئيس الحكومة الماضية لاحقاً وجعله شمّاعة أخطاء وخطايا لعقدين كاملين من الانهيار والفساد والظلم .
”انقلاب القصر” احتمال قائم لأنه أحد البدائل على الطاولات الاستخبارية والسياسية الكبيرة، لكنه دقيق و مقنن جدا، وسيكون من الناحية التنفيذية مرتبطا بعملية انقاذ دولية لوضع العراق اذا لم تجد القوى الفاعلة في العالم انه تم تصحيح الاتجاه نحو البوصلة المطلوبة والتي قامن من اجلها حرب احتلال العراق وتغييره نظامه في العام 2003.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية