الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مكارم تنقل الواقع من خلال رسومات تفيض بالحكايات

بواسطة azzaman

مكارم تنقل الواقع من خلال رسومات تفيض بالحكايات

عالم النساء المدهشات في فضاء لوحات فنية

 

نعيم عبد مهلهل

تشغل المرأة في قلب الرجل شيئا من اجمل الإثارات الروحية في البوح والتعبير والرسم ، وقد يكون العكس صحيحا ، ومرات تلك الدهشة في هذا الاشتغال تكون عبر جمالية تعبير النفس عن نفسها هي عبر مشابه لها في خاصية التكوين والانتماء والتجنيس فيعبر الرجل عن عالم الرجولة بهواجس شتى ، وتعبر المرأة عن عالم الانوثة بهواجس شتى ، واظن ان هكذا نوع من التعبير هو آتٍ من وعي الانسان بالاشياء التي ينتمي اليها ويشعر أن عليه ملامستها والتعاطف معها ونصرتها في قضية ما .

في الرسم كما في الشعر والقصة والرواية والمسرحية والأغنية يتجسد هذا الهاجس الذي نراه الآن في لحظة التأمل المسكون برهبة عطر اللحظة التي أقف فيها امام لوحات صديقتي الفنانة اللبنانية ( لمياء غرز الدين مكارم ) حيث عالم الرؤى الهامسة بصدى متعة النظر بين ما تراه في انوثة الألوان واغراءات النظر ، وبين ما تجسده تلك الكائنات الناعمة التي تضعها غرز الدين صورة حية لهاجس من تشترك فيه معها بالانتماء الحسي والتكويني والشعوري ،عالم النساء اللائي حين يُعبرن عن أنفسهن حتى في المشهد الرومانسي فأن هذا التعبير يقترب ليكون ثوريا .ولكن تلك الثورية في لوحات لمياء غرز الدين تنتمي إلى عاطفة من بوح متقن في اظهار المرأة كروح وقصيدة وفنتازيا قبل اظهارها كإغراء وجسد . لأنها  تؤمن أن حواء خلقت لمفاتن الروح اولا حتى عندما نجسدها في شكلها الحضاري بحداثة الثوب والحركة والرقص او المشي في حديقة  ، وكأنها تريد ان تقول لمن يقف في لحظة البوح والمشاهدة امام لوحتها انها تريد أن تمنح الوجود المعاصر لنساء هذا العالم جمالية تخيلتها الفنانة لتكون الهاما لشاعر وعاشق وكاتب رواية ، وليست امراة للكعوب العالية والإغراء وصخب موسيقى السهرات الراقصة.

 فهي هنا تغير في تجربتها بالتعامل مع ما تنظر اليه ، وتشعر أن محطات التفكير بما تريد أن تضعه في لوحاتها ينبغي ان يتحول إلى افق آخر من دهشة ما يسكنها في العمق وهي تعرف ان بنات جنسها يحملن بوحا ووعيا وحالات انسانية واغراءات ليصنعن العالم كما تريد احلامهن لا كما تريده فوارق المجتمعات وشهية الذكورة ،فذهبت إلى ارستقراطية الخيال واختارت نساء من لحظات وبيئة مخملية ليظهرن في رؤى وحالات واوضاع قد تختفي فيها الملامح لكن امكنة اخرى في الجسد تظهر حالات تلك النساء وتفكيرهن وتعاملهن من الهموم والذكريات والاحلام والطموح والامنيات .

حركة الجسد

نساء من امكنة مخملية تشعر فيها أن الفنانة تنقل اليك دواخلهن وما يسكنهن ولكن عبر حركة الجسد والمظهر والملابس والاجواء التي تبدو قاتمة ولكن في مدى بصري رومانسي ومغر يفتح لك أفاقا واسعة من الطروحات والافتراضات والمتعة التي تنقلها لنا جمالية ما نراه في حرفة الموهبة وهي ترسم .عالم  فني تنبئك فيه ضربات الريشة أن الفنانة هنا تشاغل لحظتها في جعل زائر جدرانها يصطدم بأجواء حياةٍ من بهجة المتعة السرية التي نحاول فيها أن نمتع اخيلتنا فيما يمكن ان تحلم فيه نساء اللوحات ، وهن حتما نساء لمجتمع تعرف غرز الدين كوامنه واحلامه وعوالمه وتطلعاته ايضا ، انها في معرضها هذا تشير إلى متغير جديد في تجربتها مع موهبتها ، ولتشتغل لنا فضاءات من بوح العتمة وهي تبحث عن نور داخلي يسكن أعماق اناثها في بيئة محيطة بها وتعيش عند ضفاها وتتأمل وتعرف كائناتها جيدا ، وعليها الآن أن تكتب وترسم تفاصيل امينة في رسالتها من أجل نون النسوة ، فترينا بوحا لونيا غامقا في دهشة التخفي والسر ، وما يحتاجه المثقف امام لوحة ( لمياء غرز الدين مكارم ) سوى لحظة التأمل والاستمتاع ، ثم يضع له تفاسير تخصه هو فيما يراه ، وحتما ستختلف الرؤى والتفسيرات والتخمينات عن الذي يسكن أعماق نساء اللوحات ، وفي النهاية قد يشعر الجميع ان غرز الدين انما ترسم لنا الجمال الروحي والعميق  لنساء من ابناء جلدتها ومن عالمها واحلامها من اجلهن هو ما تظهره تلك التكويات والحركات الانثوية المرسومة في اللوحات . هذا العالم ليس تفردا في التناول من قبل لمياء فقط ،بل هو عالم ظهرت آحاسسيه في الكثير من الاعمال الفنية ، لكنني وانا اقف امام لوحتها اراه بشكل اخر ورؤية اخرى ،فهو عالم لأنوثة الليل المسكون بإغراءات بحر بيروت وليل بيروت وانوثة بيروت واساطير بيروت ودهشة بيروت وكلما تمنحه بيروت لموهبة الشعر والسرد والاغنية والنحت والرسم والمسرح ، فهي هنا أي ( لمياء ) ترينا انوثة الليل بحلكته وأسراره ، وانوثة عالم يجلس على اريكة السر والحلم والامال لنساء قد تسكنهن خيبة ما ، أو تضج أعماقهن بسعادة قد لاتظهر للعيان ،وربما هي سعادة عشق أو سفر أو أن الأمر تعكسه خسارات حياتية وروحية فيهربن إلى عالم اخر يختفي فيه الليل عند إغراءات الايماءة والنظرة والزي والموسيقى الهادئة أو الصاخبة. اشعر أن غرز الدين تنقل الينا الواقع الذي تشعره وتتعاطف معه ، ولكن من خلال رسومات تفيض بالشعرية والحكايات التي تبدو طلاسمَ من رقة لونية كلما تقرب اجفانك منها تشعر أنها تخفي متعة ودلالات ودهشة روحية وانسانية خاصة. في عالم تراه في اللوحات تشعر أن (لمياء غرز الدين مكارم ) تضيئ لنا كوامن دهشتها في لوحات تفيض بالاسرار والرومانسيات والإغراءات النائمة على ضفاف ليل قد لا يتوقف عند شمس الصباح وإنما بأحلام اخرى متجددة ومن أجل انوثة حالمة ولا يصيبها أي أنتكاسة وخيبة وألم.


مشاهدات 407
أضيف 2024/05/27 - 5:53 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 1:52 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 352 الشهر 11476 الكلي 9362013
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير