من له حق بحث تشكيل الحكومة
وفاء داود الصفار
ما ان أعلنت نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة حتى نشطت اللقاءات المكوكية لبحث الالتزام بالتوقيتات الدستورية من جهة وتشكيل الحكومة المقبلة من جهة اخرى بموجب معطيات صناديق الانتخابات ونتائجها التي تعطي الحق لرؤساء الكتل التي حققت اعلى الأصوات والمقاعد النيابية لبحث هذا الامر الحيوي..
ولكن في العراق فان الامر مختلف حيث اصبحنا نشاهد أشخاصا لم يرشحوا أساسا للانتخابات واخرين حصلوا على اقل الأصوات هم الأكثر نشاطا وعنفوانا لبحث تشكيل الحكومة فصورهم وجولاتهم تتصدر وسائل الاعلام ومواقع التواصل و تصريحاتهم تصدح في الافاق بضرورة ان تلبي الحكومة المقبلة تطلعات الشعب وتحقق أهدافه مرورا بالطعن في المحاصصة التي لولاها لما عرفهم الشعب وتسيدوا على مقدراته و يتعكزون عليها في كل معركة انتخابية من دون ان يكترثوا للاجماع الشعبي على فشلهم وتحميلهم الدولة اثقالا اقتصادية وامنية واجتماعية ما زال شعب العراق ينوء بها ...
ومن المعروف عالميا وحسب الأعراف الديمقراطية ان شخصا اجبرته الاحتجاجات الشعبية على تقديم استقالته بعد مقتل عدد كبير من المحتجين وفشله في تحقيق أي منجز فانه يلجأ عادة الى الانزواء جانبا احتراما لذاته وللجموع المليونية التي اجبرته على الاستقالة الا اذا طلب منه تولي المسؤولية مرة أخرى ولكن ان يقوم هو بالسعي خلف المنصب بدلا من ان يسعى المنصب اليه فان هذا يعكس حبه للسلطة ومتعلقاتها ومثل هذا الشخص وغيره يمثل خطورة كبيرة على الدولة ومستقبل البلاد التي تحتاج الى كفاءات وخبرات وليس أشخاصا عفا عليهم زمن الفشل والخيبة والخذلان..
ان أصحاب القرار بحاجة الى فهم صحيح للديمقراطية واعرافها فصناديق الانتخابات هي التي تمنح الحق لبحث تشكيل الحكومة وتحديد مسارها وتوجهاتها وليس اللقاءات المكوكية والتصريحات الفارغة لاناس اثبتوا فشلهم في فن إدارة الدولة وهنا تحضرني سابقة انتخابية في بريطانيا لرئيس وزرائها توني بلير فبرغم تاريخه السيء والمخزي فانه اتخذ موقفا في اخر انتخابات حول ولايته عبر فيه عن فهم كامل للديمقراطية وثوابتها ففي هذه الانتخابات حصل على نسبة اقل مما كان يحصل عليه في الدورات السابقة وهنا قال كلمته الشهيرة بان رسالة المعارضة قد وصلت فبقي في ولايته رئيسا للوزراء لمدة عامين بدلا من أربعة واستقال في حزيران 2007 وبذلك ارضى ناخبيه ومعارضيه على السواء مجسدا بذلك الفهم الصحيح للديمقراطية ..
فهل نجد في العراق من يفكر بهذه الطريقة بل هل نجد بين المسؤولين من يؤمن بثقافة الاستقالة .. عسى ان يحدث ذلك قريبا ...