فاتح عبد السلام
مرة قالت حكومة سابقة انّ العراق يحتاج الى ستة الاف مدرسة جديدة ، ومرةً قالت حكومة أخرى انّ الحاجة أربعة الاف مدرسة ، وسمعنا عن نقص القطاع التعلمي بما يعادل ثمانية الاف مدرسة ومعظمه ابتدائية ومتوسطة للأطفال. لا احد يدرك كم حجم النقص والتدهور، ويمرّ وزير تلو وزير فيما الأزمات تزداد وكأنّ هذا القطاع الأخطر في البلد لا أحد يدرك حجم متطلباته بل لعله كذلك فعلا، ذلك انَّ البلد بعد عشرين سنة من تراكم أموال الثروة النفطية اثر الخروج من الحصار الدولي السابق الذي دمّر التعليم والمدارس، لا يمكن أن يكون واقع حال مدارسه، لاسيما في البلدات الصغيرة والنواحي والارياف بهذا الشكل المزري.
الطفل العراقي يتفتح على الحياة أول مرة من خلال المدرسة الابتدائية التي ينبغي ان تكون نموذجية بكل شيء، فالعراق بلد غني بموازنته ويخرّج الاف المعلمين والمدرسين سنويا، وهو قادر على رفد المدارس بالطواقم التعليمية، وانّ التقصير في هذا القطاع يتركز في الحلقات القيادية له ، ولا ندري لماذا لم نسمع من رئيس الحكومة والمحافظين حتى اليوم ملاحظة واحدة حول واقع البنية التحتية السيئة لتعليم أطفال العراق.
اذا كانت الموازنة بيد الوزير قليلة، عليه ان يضع الحقائق أمام مجلس الوزراء، وعليه ان يذهب هو الى البرلمان بحثا عن تشريعات ودعم اكبر اذا كان الامر يتطلب ذلك. لا عذر للحكومة أن تنتهي فترتها وتسلم جيلا من التلاميذ من واقع سيء الى وزارة جديدة ستمضي كسابقتها في الظلام والمجهول.
يجب ان يبلغ الوزير العراقيين كم انجز من مراحل تحسين واقع المدارس عددا وعدة وتأهيلا ودورات وكوادر منذ اليوم الأول لتسنمه المنصب، وكم بقي لديه من مشوار، ليقوم البرلمان بقياس الفترة الزمنية للعمل الفعلي والتأكد من صحة كل شيء، وانّ الوزير كان يعمل ام انه غارق في عالم مكتبه وتارك الحبل على الغارب.
وزارة التربية يجب ان تكون تحت عين رقابة شعبية ورسمية بالغة الدقة والاحاطة لأن مستقبل الأجيال بيدها. وليعلم البرلمانيون انهم مسؤولون عن هذا الإهمال كما هو حال الوزير، وانّ القياس ليس على نوع المدارس في مراكز المدن والعاصمة وانما المسؤولية تشمل العراق كله. لم نسمع، سنوات طويلة ،أيّ تداول رسمي في الهيئات والجهات السياسية الحاكمة عن واقع التعليم والتربية الا ما كان يثار عن الفساد في عقود طباعة الكتب المدرسية وصفقات التسوية في تعيين وزراء التربية
رئيس التحرير – الطبعة الدولية