فاتح عبد السلام
الزعماء الذين افتقدوا طوال سنتين لخطة ردع يمكن بموجبها إيقاف حرب قطاع غزة بعد أن تجاوزت كل الخطوط الحمر مع مقتل خمسة وستين ألف فلسطيني معظمهم نساء وأطفال، لن يكون بمقدورهم ان يباشروا خطة ردع فورية لإسرائيل بعد مقتل عنصر أمن قطري واحد. أعرف انّ هناك مَن يقول انّ المسألة هي هجوم على بلد عربي في الخليج وليس لمقتل شخص واحد، وهنا لا اتحدث عن الدم الفلسطيني لأنه أرخص الاثمان ولا يحسب لدى الجميع من العرب وإسرائيل وحماس، لكنّ المعيار الأساس في حماية الخليج هو ما تقوله أخيراً الولايات المتحدة التي تنشر أساطيلها هناك بين حين وآخر مع وجود قواعدها الثابتة، وهذا يتطلب إجابة على سؤال متفجّر، هل تكفل القوات الامريكية أمن دول الخليج الحليفة المحيطة بممرات الطاقة أم انّ القضية متروكة لكل دولة تتصرف بما تراه مناسباً؟
اعتقد انّ الإجابة الدقيقة حصلت عليها دولة قطر من خلال اجتماع رئيس وزرائها مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مزرعته قبل ثلاثة أيام. ما عدا ذلك سيكون مجرد أمنيات وطموحات وآمال لدول إقليمية مهمة منها تركيا وإيران لتزيد من إمكانات أن تدعم أمن دول الخليج مقابل أثمان سياسية وأمنية ومالية ايضاً.
هناك “أوراق” متاحة للرد على إسرائيل، طبعاً غير حربية، لكنّها ثمينة وعزيزة جداً على قلوب أصحابها ولا توحي المعطيات انّ أولئك المالكين لتلك الأوراق مستعدون للتضحية بها دفعة واحدة مع أول هجوم مقنن على دولة قطر، فقد أمضوا سنوات طويلة من اجل أوراق العلاقات تحت الطاولة حتى خرجت الى فوقها، وصارت هناك اتفاقات ذات تعهدات وأموال.
التاريخ العربي القريب والمخزي لا يقدم امثلة على دفاع عربي عن اخر اصابته مصيبة الحرب مع إسرائيل او أمريكا، فهو إن لم يكن مشتركاً أو متواطئاً فيها فإنه سيكون قد نأى بنفسه لائذاً بصمته وبعض البيانات العاطفية.
أعرف أيضاً، انَّ هناك مَن يقول انّ من غير الدقيق أن تفترض بقاء العرب على حالهم المعروف في هذه القمة قبل ان تنعقد بساعات، وهي التي تحيط بها وتغذيها عوامل مختلفة عمّا سبقها من قمم عربية أو إسلامية؟
والجواب سهل وسنراه بعد ساعات أيضاً، وهو إن كان في ايديكم معطى جديد عربي أو إسلامي خارج سياق رسم الخارطة المستقرة منذ عقود بين العرب وإسرائيل، فليقدمه بثقة، وليدحض ما ورد في هذه السطور.
العرب ومعهم المسلمون، لم يدخلوا بعد الى طور الهجمة المرتدة.