غرفة بغداد الزجاجية
فراس الحمداني
في قلب بغداد .. في ساحة التحرير التي كانت ولاتزال إحدى أبرز ايقوناتها وما بين ضجيج الشوارع و حركة المدينة بأسرها ظهرت مبادرة ( الغرفة الزجاجية ) التي أقيمت لجمع التبرعات من أجل شراء ألف كرسي كهربائي لذوي الاحتياجات الخاصة .. ويكمن جمال الفكرة في كونها تفاعلية جدا" حيث يشارك صناع محتوى ومؤثرون داخل الغرفة في بث مباشر يظهر نشاطهم ويظهر عدد التبرعات لحظة بلحظة ويتيح للجمهور رؤية شفافة لكل ما يحدث وهو ما يزيد التفاعل .
وبحسب مصادر إعلامية فقد تم جمع مبالغ كبيرة خلال فترة قصيرة من بدء الحملة وهو ما يعكس تجاوب الجمهور وقدرة المبادرة على حشد الدعم بسرعة .. ومع ذلك .. لم تغب التحديات فقد أثيرت تساؤلات حول شرعية الجهة المنظمة وشفافية الحسابات المالية وهو ما أدى إلى أغلاق الغرفة مؤقتا" قبل أن تعود للعمل بأمر من رئيس الوزراء مما يشير إلى أن المبادرة رغم إيجابياتها تحتاج إلى إطار مؤسسي وضوابط واضحة لضمان وصول التبرعات إلى مستحقيها بكل شفافية .
أما عن اختيار ساحة التحرير كموقع من قبل القائمين على مبادرة الغرفة الزجاجية فقد كان اختيارا" موفقا" لما له بعد رمزي كبير فهو يمثل مساحة للتعبير المدني ويعكس تلاحم المجتمع العراقي في العمل الإنساني كما أن المبادرة أثرت على المستويات المجتمعية المختلفة حيث بدأت المدارس والجامعات في حشد طلابها للمساهمة في الحملة كما أن البث المباشر عبر وسائل التواصل الرقمي ساهم في وصول الحملة إلى جمهور أوسع وتحفيز المشاركة بشكل أكبر .
الغرفة الزجاجية في بغداد ليست فكرة عراقية بالكامل فقد سبق تنفيذها على شكل بيوت زجاجية ومباني زجاجية في دول أوروبية مثل هولندا والسويد ضمن حملات مشابهة حيث ينطلق منها المذيعين في بث مباشر من داخل غرف زجاجية وبيوت زجاجية لجمع التبرعات وكذلك استخدم بعض المؤثرين في بلدان عربية نماذج مشابهة لهذه التجربة لجمع التبرعات للمشردين واللاجئين وكانت تجربة اليوتيوبر ( ابو فلة ) في دبي من أبرز تلك التجارب السابقة وهذا يظهر أن المبادرة العراقية الحالية تمثل تكييف محلي ناجح لفكرة دولية أثبتت فعاليتها.
وخلاصة التجربة تؤكد أن الغرفة الزجاجية توفر نموذجا" مبتكرا" للعمل الخيري والإنساني يجمع بين الشفافية والمشاركة الجماهيرية التفاعلية ويبرز الدور الحيوي للمؤثرين في المجتمع الرقمي كما تعكس قدرة المجتمع المدني العراقي على تنفيذ مبادرات و حلول عملية للتحديات الإنسانية وتوضح أن النجاح المستدام للمبادرة يتطلب رقابة وحوكمة دقيقة لضمان تحويل الدعم المجتمعي إلى أثر ملموس على أرض الواقع كما أن دمج التكنولوجيا الرقمية والبث المباشر مع رمزية المكان يخلق تجربة فريدة تشجع الناس على المشاركة وتزيد من ثقة المتبرعين .. وهذه دعوة مني انا وممن يتضامنون معي بها نتوجه بها إلى القائمين على مبادرة الغرفة الزجاجية وندعو لان تنفذ في جميع المحافظات العراقية لتمد يد الخبر لكل محتاج في كل مكان شرط توفر الموافقات الأصولية والاطار الرقابي الرسمي لضمان الشفافية .. ومن دون أدنى شك فإننا نرفع القبعة لكل مبادرة إنسانية بحتة ونشجعها ولاجله كتبنا .